د. أحمد بن علي العمري
تخيلوا لو أنَّ ما يحدث في غزة، حدث في أمريكا أو أوروبا أو في الصين أو أستراليا أو كندا؛ المؤكد أن تضج الصحافة العالمية بالعناوين الرنانة، ويتسابق السياسيون على المنابر للتنديد والإدانة وتطلع لنا حقوق الإنسان وحقوق الحيوان وحقوق المرأة والطفل، ولطالت قوائم الموصوفين بالإرهاب وقوائم المحظورين والمحجوز على أموالهم.
لكن ولأنه يحدث في غزة، في فلسطين، البلد العربي المسلم، ومن عدو صهيوني غاشم ومعتدٍ، فقد خفتت المنابر وتلعثمت التصريحات؛ بل وحُرفت ظلمًا وبهتانًا في الاتجاه الآخر.
هل رأيتم تناقضًا صارخًا أكبر من أن يوصف المعتدي بالدفاع عن النفس بينما يوصف المعتدى عليه بالإرهاب؟!
حتى الصحافة العالمية التي يدّعون أنها حرة لا تدخل غزة، إلا مع جيش الاحتلال الإسرائيلي حتى يروا ما تسمح به إسرائيل فقط!
بلد وشعب يُباد ودمار هائل وقصف جوي وبحري وأرضي وتوغل عنيف وهدم وجرف لجميع البنى التحتية وكل مقومات الحياة وهدم للمنازل على رؤوس ساكنيها وتسويتها بالأرض؛ بل وهدم للمساجد والكنائس والمستشفيات والمدارس والمعاهد والجامعات وحتى استهداف المقابر ونبش القبور، ومنع دخول الغذاء والدواء والماء وقطع الاتصالات والإنترنت، والضغط للتهجير القسري، في وحشية لم ترَ الإنسانية مثيلا لها من قبل.
بينما العالم في سكوت مُطبق عدا بعض الأصوات الخجولة التي تظهر بين الحين والآخر وباستحياء وبصوت خافت لا يكاد يسمع.
كل هذا يجعلنا نتساءل هل توجد إنسانية عالمية فعلا؟ وهل توجد حقوق إنسان؟ وهل لدى البشرية ضمائر حية؟ وهل هناك عدالة دولية حقيقية؟ وهل هناك من ينصاع للحق والمنطق والواقع والحقيقة؟
هذه كلها مشكوك في تواجدها وحياديتها ووقوفها مع الحق.. في المقابل هناك سياسة المصالح فقط وهذه ظاهرة وواضحة للعلن.
أمور كثيرة وأسئلة مُحيِّرة وطلاسم من الصعوبة بمكان تفسيرها أو فك شفراتها ورموزها.
إنني لأحيّي جنوب أفريقيا الدولة التي عانت من الظلم والتفريق العنصري، على موقفها النبيل على الرغم من أنها دولة ليست عربية ولا إسلامية، لكنها دولة تقف مع الحق والعدالة الإنسانية.
ولا يفوتني أن أشيد بالدور العماني المميز الذي يقف مع الحق والعدالة والمبادئ والثوابت والحقائق بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه. حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.