الانتهازية.. طريق أم وسيلة؟!

 

إبراهيم بن سعيد الجلنداني

 

يعرف معجم المعاني الجامع الانتهازية بأنها، اِسْتِغْلالُ جَمِيعِ الوَسائِلِ لِتَحْقِيقِ مَصالِحَ ذاتِيَّةٍ على حِسابِ الْمَصْلَحَةِ العامَّةِ، وفي علم النفس فإن الشخصية الانتهازية – وقد تكاثرت في مجتمعاتنا- هي الشخصية المجردة من المبادئ والقادرة على التلون حسب ما تقتضية الظروف وما فيه المصلحة الذاتية دون حساب لأي مصالح عامة، فهو مصطلح وسلوك سلبي ينبي عن حالة تجعل من مصالحها الشخصية هدفا رئيسا وأساسيا للتعامل مع الأشخاص والأحداث.

وفي حياتنا اليومية والعملية نرى الكثير من الأشخاص من يتفننون في هذا الباب وكأنهم ربان هذا العلم، تراهم في المقدمة عند الحديث عن الإنجاز أو الاحتفال به وحين يكون الاحتفال حقا لغيرهم فهم من جد واجتهد وصنع الفرق ولم تكن ترى لهؤلاء الربابنة أي أثر طول رحلة الجهد والعناء ولكن في يوم التتويج ترى تلك الشخصية الانتهازية تتقدم منصة التتويج بكثير من الحجج والأبواب التي يمكنهم استخدامها لإيجاد صيغة مناسبة لاعتلائهم المنصة وعلى رأس الذين سعوا وجدوا واجتهدوا وثابروا.

وهنا تمكنهم الانتهازية التي يتقنون فنونها من الاستفادة من كل نتائج الأعمال بحيث إن كان هناك جهد وعطاء يستحق الثناء والمكافأة فهم أول من يُثنى عليهم و أول من يستحقون التكريم والمكافأة، وإن كانت نتيجة العمل غير مرضية ولم تحقق النتائج المرجوة فهم في أول قوافل المنتقدين ورافعي معاول الهدم - دون مراعاة أو احترام للعمل أو الأخّوة أو العلاقات - لكل الجهود التي بذلت مؤكدين بذلك أنهم لو كانوا ضمن لبنة البناء وفي قيادة ذلك الفريق  لما كانت النتيجة بهذه الصورة غير المرضية.

فهم في انتهازيتهم تلك يقفون دائما خلف النتيجة، ويكيفونها فيما يخدم إشباع تلك النفس المريضة والتي تريد أن تشبع النقص الذي فيها بأخذ حقوق الآخرين من باب (الغاية تبرر الوسيلة)، والأدهى من ذلك حين تعتقد تلك الشخصية وتؤمن أن كل ما يحدث وكل ما سيكون يجب أن تكون هي جزءا مهما فيه - وذلك ف النتيجة طبعا وليس في العمل وبذل الجهد-

وليتني هنا أعرف، كيف ينظر هذا الشخص "المُنتَهِز" إلى نفسه وهو يعتلي عروش الآخرين ويأخذ إنجازاتهم، رافعا عقيرته بكل الكلمات الرنانة ومعلناً للجميع أن الإنجاز كان به وله ؟؟!! وأترك الأمر هنا للقارئ العزيز أن ينظر بنفسه هل فيه خصلة من الداء، وما هي الحلول حتى ننأى بنفسنا من السير في هذا الوحل.

تعليق عبر الفيس بوك