دور بارز في تشجيع الباحثين وطلاب الدراسات العليا على إجراء مزيد من الأبحاث

فائزون لـ"الرؤية": الجائزة الوطنية للبحث العلمي تسهم في تقديم حلول عملية للتحديات الوطنية والعالمية

...
...
...
...

 

◄ مطالب بزيادة ميزانية البحث العلمي ومنح حوافز تشجيعية للباحثين

◄ الدعوة لاستقطاب خبرات عربية وعالمية لمشاركة المعرفة مع الباحث العُماني

◄ مقترح بإنشاء صناديق داعمة للبحوث العلمية بتمويل من القطاع الخاص

المرشودي: البحث العلمي ضرورة وطنية.. والأمم لا تبنى إلّا بالعلم والمعرفة

 

الرؤية- ريم الحامدية

 

أكد عدد من الفائزين في الجائزة الوطنية للبحث العلمي في دورتها العاشرة أن الجائزة تأتي تتويجًا للسعي نحو تحقيق اقتصاد المعرفة، وترجمة لاهتمام سلطنة عُمان بدعم العلماء والباحثين والمبتكرين، وتحفيزهم لإجراء بحوث علمية رصينة تقدم حلولا علمية للتحديات الوطنية والعالمية، كما تهدف الجائزة إلى تأهيل كوادر بحثية منافسة، وتعزيز الوعي البحثي والعلمي، ودعم نشر مخرجات البحوث في المجلات العلمية المحكمة ذات التصنيف العالي. وبلغ إجمالي الأوراق العلمية التي تقدمت للمشاركة في الجائزة 1714 ورقة علمية محكمة، 557 منها في فئة الباحثين الناشئين، و1151 في فئة حملة الدكتوراه، وبناء على معايير وضوابط التحكيم فازت 113 ورقة علمية محكّمة على مدار الدورات الماضية.

 

وقالت الدكتورة عالية بنت طالب بن علي الفارسية مساعد العميد للشؤون الأكاديمية بكلية الشرق الأوسط الفائزة عن فئة حملة الدكتوراه أو ما يعادلها في قطاع الاتصالات ونظم المعلومات للورقة العلمية بعنوان "خوارزمية الاستدلال غير التكراري للخرائط المعرفية الغامضة المعتمدة على النوع الثاني من المجموعات الغامضة" والذي يعتمد البحث على الخريطة المعرفية الغامضة (FCM) التي هي عبارة عن رسم بياني معرفي يربط المفاهيم باستخدام روابط ذات اتجاه ووزن مما يجعلها طريقة فعَّالة للاستدلال واتخاذ القرار. وأضافت: "ومع ذلك، فإنَّ قدرات النمذجة والاستدلال الخاصة بـالخريطة المعرفية الغامضة التقليدية لمشاكل العالم الحقيقي في ظل وجود بيانات غير مؤكدة محدودة لأنها تعتمد على مجموعات غامضة من النوع 1 (T1FSs)".

وعن أهمية الجائزة، أوضحت الفارسية أن الجائزة الوطنية للبحث العلمي في سلطنة عُمان تعد من أرقى الجوائز العلمية على المستوى الوطني؛ مما يدل على المستوى الرفيع والأثر الإيجابي للبحث الفائز، لافتة إلى أن حصول البحث على هذه الجائزة يسلط الضوء على أهمية وقيمة العمل البحثي في مجال الخوارزميات الذكية ونظم دعم القرار، كما إنها تشجع الباحثين وطلاب الدراسات العليا على إجراء مزيد من الأبحاث المتميزة في هذا المجال الحيوي.

وقالت الفارسية إن التحدي الرئيسي الذي واجهها تمثل في كيفية استحداث الخوارزمية التي تتوافق مع النوع الثاني من المجموعات الغامضة ومن ثم تطبيقها على عينات متنوعة للتثبت من مدى دقتها في الاستدلال ولكن بفضل الجهد المتواصل والعمل الجاد. وأضافت: "تمكنا من التغلب على تلك التحديات وإنجاز بحث متميز". وتابعت القول إن قلة التمويل والموارد المخصصة للبحث العلمي تعد من التحديات الرئيسية، لافتة إلى أن هناك حاجة لزيادة الإنفاق الحكومي على البحث العلمي وتشجيع القطاع الخاص على تمويل الأبحاث.

وترى الفارسية أن هناك بعض الآليات التي من شأنها أن تساهم بشكل كبير في تطوير بيئة البحث العلمي ودفع عجلة التقدم التقني والمعرفي في سلطنة عمان ومنها: زيادة الموازنات الحكومية المخصصة للبحث العلمي، ومنح حوافز ومنح بحثية لتشجيع الباحثين، وجذب كفاءات وخبرات عربية وعالمية، كذلك إنشاء صناديق لدعم البحث العلمي من قبل القطاع الخاص، وتشجيع الشراكات بين الجامعات ومراكز الأبحاث والقطاع الخاص، وإنشاء مجلات ودور نشر علمية محكمة لنشر الأبحاث المحلية.

وأكدت الفارسية أن الدعم الحكومي للبحث العلمي يؤدي دورًا حيويًا ومحوريًا في تطوير مسيرة التنمية، وذلك لعدة أسباب من بينها، يوفر الدعم الحكومي التمويل اللازم للبحث العلمي، وهو ما يمّكن الباحثين من القيام بأبحاثهم وتجاربهم العلمية بشكل مريح، كذلك يساهم الدعم في بناء البنى التحتية من مختبرات ومراكز أبحاث متطورة توفر البيئة الملائمة للبحث العلمي، كما يشجع الدعم الحكومي على استقطاب الكفاءات والعقول البحثية، محليًا وعالميًا، مما يرفع من مستوى الأبحاث، وتطبيق نتائج الأبحاث والاستفادة منها في الصناعة والاقتصاد والخدمات يؤدي إلى نهضة تنموية ونقلة نوعية في مستوى المعيشة، وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال من خلال الأبحاث يفتح آفاقًا واعدة أمام الشباب لتأسيس الشركات الناشئة، لذلك، فإن تبني سياسة حكومية رشيدة للنهوض بالبحث العلمي تُعد خطوة أساسية وضرورية في مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة.

بحوث صحية

فيما حققت الباحثة الدكتورة رجاء بنت صالح بن سليمان الفارسية الفوز ضمن قطاع الصحة وخدمة المجتمع عن ورقتها العلمية "الهذيان لدى المرضى المرقدين في قسم الباطنية: معدل الانتشار التمييز وعوامل الخطورة: دراسة تعرض مستقبلية"؛ وهي طبيبة مقيمة من تخصص الطب الباطني بالمجلس العماني للاختصاصات الطبية. وقالت إن الدراسة تهدف إلى دراسة مدى انتشار الهذيان بين كبار السن المرقدين في مستشفى جامعة السلطان قابوس. كذلك دراسة عوامل الخطر التي قد تزيد من احتمالية حدوثه وتقييم تأثيره على النتائج الصحية القصيرة والطويلة المدى.

وشملت الدراسة 327 مريضا الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر المرقدين في أجنحة قسم الباطنية في جامعة السلطان قابوس. تم فحص المرضى عن الهذيان باستخدام تقييم التشوش التشخيصي لمدة 3 دقائق (D-CAM3). وتم تقييم عوامل الخطورة والنتائج السريرية الناتجة عن الهذيان من خلال إجراء مقابلات مع المرضى ومراجعة سجلاتهم الطبية ومتابعتهم بالمكالمات الهاتفية بعد 90 يومًا وسنة واحدة من الخروج من المستشفى.

وقالت الفارسية إن بيئة البحث العلمي في عمان جيدة وتشهد تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، كما توجد عدة جامعات ومراكز بحثية في عمان تعمل على تعزيز البحث العلمي وتشجيع الباحثين على إجراء أبحاث ذات جودة عالية، ومن الإيجابيات التي يمكن ذكرها: توفر الموارد والبنية التحتية اللازمة للبحث العلمي، مثل المختبرات المجهزة والمكتبات الجامعية، و تبادل المعرفة والتعاون بين الجامعات والمراكز البحثية المختلفة، كذلك وجود العديد من المؤتمرات والندوات والمناسبات العلمية التي تعقد لتبادل الأفكار والنتائج البحثية وتطور النشر العلمي للأبحاث.

وأكدت الفارسية أن الدعم الحكومي للبحث العلمي يعد من أبرز العوامل التي تساهم في تطوير مسيرة التنمية في سلطنة عمان؛ حيث يساهم الدعم الحكومي في تطوير المعرفة والابتكار من خلال تشجيع البحث العلمي وتمويل الدراسات العلمية، وبذلك يمكن الحصول على نتائج بحثية مبتكرة تساهم في تطوير قطاعات الاقتصاد المختلفة.

ومن بين الفائزين بالجائزة، الباحث مخلص بن سعيد بن سالم المرشودي عن ورقته العلمية المعنونة بـ"تأثير سمي إضافي للبلاستك الدقيق على تراكم وسمية الكادميوم في أسماك الزرد"، وذلك ضمن قطاع البيئة والموارد الحيوية. والمرشودي باحث محاضر بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية فرع مسقط. وقال المرشودي إن البحث الفائز يدرس مدى خطورة التعرض المباشر وغير المباشر لجزيئات البلاستك الصغيرة على الأسماك، ويدرس امكانية تفاعل جزئيات البلاستك مع الملوثات المحيطة مثل الكادميوم. وأضاف المرشودي أن أهمية هذه الجائزة تكمن في تتويج مسيرة طويلة للفريق البحثي في دراسة الملوثات الضارة وأثرها على البيئة والحياة الفطرية، وكذلك تشدد على أهمية الدراسات البيئية لزيادة جودة الحياة والحفاظ على بيئة عمانية مستدامة وسليمة. وأوضح المرشودي أن أهم التحديات التي واجهت فريق العمل تمثلت في التعامل مع هذه الملوثات وكيفية دراستها؛ حيث إن المجتمع العلمي لم يتوصل بعد لآليات محددة لدراسة مثل هذه الملوثات بسبب أنها لم تظهر إلا حديثًا عكس الملوثات الأخرى المعروفة.

وأكد المرشودي أن بيئة البحث العلمي في عمان في تطور مستمر بفضل زيادة الاهتمام السامي من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وزيادة الإنفاق الحكومي على دعم الأبحاث وتطوير المرفقات والمختبرات الداعمة للبحث العلمي. لكنه أكد في الوقت نفسه أن البحث العلمي في عمان ما زال يواجه صعوبات عديدة؛ ومن أبرزها: قلة عدد الباحثين بسبب غياب الدعم المالي لهم؛ حيث إن الباحث لا يستطيع المواصلة في المجال البحثي  دون محفزات مالية ووظائف بعقود دائمة ودرجات مالية، مشيرًا إلى أن معظم الباحثين يعملون بعقود مؤقتة ومحفزات مالية ضعيفة جدًا لا تتوافق مع مستوى العلمي والمعرفي لدى الباحث.

وشدد المرشودي على أن البحث العلمي أصبح ضرورة وطنية وإقليمية وعالمية، فالحضارات والأمم لا تبنى إلا بالعلم والمعرفة، ومن هنا أصبح الدعم الحكومي للأبحاث ضرورة لا مناص منها، وأصبح من الضروري وجود باحثين في مختلف المجالات والتخصصات العلمية والتقنية للاستعانة بهم في صناعة القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهذا ما سيساهم في تنمية أكثر استدامة على المدى القصير والطويل.

تعليق عبر الفيس بوك