شجاعة الخلاص

 

 

فاطمة الحارثي

نحنُ لا نستطيع أن نتحكَّم في فهم المُتلقي، وتفسيراته لمقال قلناه، أو عملا قمنا به، والكثير من البراهين أثبتت استحالة ذلك؛ لذلك نجد أنَّ أصحاب القلم النقي يُمارسون التلقائية أكثر من الانتقاء فيما يقدمونه من مادة مقروءة.. نعم الحياة كانت وسوف تستمر بعدنا، لكننا نعيش اللحظات بين الولادة والموت حسب ما قُدر لنا من حق في وضع بصمة أو أثر، أو الرحيل بصمت لا يعلم سره إلا الله سبحانه في عُلاه؛ قضية فلسطين أقدم من عمر تحرير الكثير من الدول وحتى الأعياد الوطنية للبعض الآخر، عقود وجميع محاولات إبادة شعب عربي مسلم وطمس خارطة أرضه باءت بالفشل، وهذا دليل على أن الغاشم لا يتعلم من خطأه، وأنه ضعيف ونحن مَنْ ضخَّمنا ونفخنا فيه حتى تصوَّره العالم عملاقا.

"إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ".. إذن التغيير ليس رغبة أو محاولات بل مُكافئة لفعل، ونحن الآن ما زلنا نُلملم جراح الجائحة ومتغيرات الاقتصاد الاجتماعية والاقتصادية، لتبدأ ويلات الحرب على أخوة جُل جُرمهم أن قالوا لا إله إلا الله، لندخل في غياهب تأثير المُستهلك للسوق من خلال حملات المقاطعة، في هذه الحملة، وجدت أن التاجر الأجنبي بالفعل قد تغلغل في أسواقنا كالأخطبوط، والكثير من مشكلاتنا سواء في التوظيف أو المتغيرات الاقتصادية الحادة، كانت بسبب ذلك، وهذا أبرز أهمية الاكتفاء الذاتي ومفهوم الدولة الذكية، ووضع منظومة حماية الأساسيات مثل الغذاء واستدامته، وفي المقابل سلَّط الضوء على فرص التحسين من خلال إيجاد علامات تجارية عُمانية ناجعة، وأهمية توطين المستثمر طالما هو على أرضنا، وفتح مجالات وفرص التنوع للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة خاصة في تجارة المواد الغذائية والتموين. من يُلاحظ يجد أن اليد العليا لديهم كانت في علامات تجارية غذائية ودوائية، أما غيرها من المواد فتجد أن الجودة موضوع آخر، فنحن لا نمتلك علامات تجارية للملابس والأحذية والحقائب والأقمشة بأسعار قريبة من المستهلك المتوسط والبسيط، وهذه فرص تحتاج إلى مُستفيد ومُفيد.

الموضوع الآخر الذي كشفه الوضع الراهن، ركاكة وضعف الكثير من المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وأنها لا تحمي ولا تدخل حيز التنفيذ إلا للبعض دون الآخر، والأكثر بؤسا أكد الوضع الراهن أن ما يقوله ويفعله القائمون على تلك المنظمات عكس ما نصت عليه تلك الاتفاقية، الكثير من الدول أُجبرت أو التزمت لسبب أو آخر على التوقيع  خاصة التي تنصُّ على الحقوق الإنسانية كالعيش والرأي والتعاون وحقوق الطفل وغيرها من الاتفاقيات، والتي أكد الوضع الآن على وُجوب إعادة صياغتها والتأكد من وضع ضمانات واضحة لتلك الحقوق، وهي حقوق أساسية مجتمعية ثابتة.

لا يُوجد شيء على الأرض يستطيع أن يلغي الإسلام، ولا حتى بقتل وتعذيب المسلمين، ومهما كبرت وعلت المجازر وتعددت الطرق، فالإسلام باق على الأرض، وأيضا لا يستطيع العلم البشري أن يصنع طوفانا بشريا كطوفان نوح عليه السلام وإبادة البشر أو حتى تحديد عددهم، بأي من الطرق التي يحاولون اتباعها من نشر المثلية، أو المخدرات أو الفساد أو حتى التلاعب بالمناخ والبيئة، ومن يتجاوز حدوده لمحاولة فعل ذلك فهو قد تجاوز حدوده مع الخالق وليس الخلق. أما التخلف الحقيقي، فهو في تلك المحاولات الغريبة لتعجيل أو صناعة طقوس التحضير لعودة نبي أو إيقاظ وتحرير يأجوج ومأجوج، والأكثر التنكيل وقتل الأطفال والناس بهذه الحجة، وكأنها طقوس دموية شيطانية تُمارس على مرأى ومشهد من العالم.

نحن نعيش حقيقة في عالم تفشت فيه "اللوبيات" والعنصرية على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبات التحزب من البديهيات، وهذه ليست إلا مسارات واضحة نحو التفاضل الطبقي الذي يؤدي إلى التناحر والتطرف والبغضاء، وغيرها من السلوكيات التي تهدد السلام والأمان وطبيعة المصير المشترك. ربما تجاوزنا القدرة على طلب الصحوة العربية أو الإسلامية، فخطورة الأمر تستدعي المطالبة بالصحوة الإنسانية، والعمل عليها، والاستثمار الأمثل للوسائل الحديثة في بث ونشر هذه الصحوة، ومحاربة التحزُّبات والمجموعات الضاغطة السلبية (اللوبيات".

------------------------

سمو...،

"أنجبت الأرض خيرة الرجال، فلا تبتئسي فلسطين، إنه قادم وهو أقرب إليكِ مما تظنين، سيغسل عار الذكور من حولك ويُطهرك من دنس الجبناء، ومِنْ مَنْ يُفسد فيها ويسفك الدماء، سيُعيد لزيتونك براءته بعد أن سقاه الغاشم بدماء أطفالك، أرضك الطاهرة حُرمت عليهم فاعقدي الإيمان وسبحي وتوكلي".