كيف نحمي مُنتجنا الوطني؟

 

حمد الناصري

 

في كلمة افتتاحية بمنتدى عُمان للقيمة المحلية المُضافة 2023 الذي انعقد في 3 أكتوبر 2023،  تحدث الأستاذ القدير حاتم الطائي أمين عام المنتدى، حول القيمة المحلية المُضافة، مقترحًا ضرورة تحويل برامج القيمة المحلية المُضافة إلى نهج وسياسات مُستدامة، مؤكدًا أن الاقتصاد العُماني خلال الـ50 عامًا، يأتي دخله من النفط والغاز على الرغم من ذلك فنحن نستورد كل شيء من الإبرة إلى السيارة، وهذا يعني أننا مجتمع مُثْقَل بالاستهلاك.

ونحن نتحدث عن المنتج المحلي، نرى أنه ينبغي وفرة المنتج أولًا في السوق المحلي، فالمستهلك المواطن لديه شعور بالفخر بالمنتج المحلي وبالصناعات الوطنية ولكن ينبغي على المنتجات والصناعات مُنافسة للمنتجات المعروضة في السوق المحلي.. فنحن في سوق حرة، مكشوف على الآخر. وضرب الطائي مثلًا، بالتمر العماني الأصيل ورغم زراعتنا له لآلاف السنين، إلا أننا أصبحنا نستورد جزءا منه، والماء كذلك. وقال بحرقة الرجل الأمين الحريص على أمته ووطنه، ما حدث في العقود الخمسة الماضية علينا مراجعته بشكل دقيق، وإن كنَّا قاسين قليلا على التجربة، مُشيرًا إلى الاستفادة من مقومات تجربتنا تعزيزًا لنمو القيمة المحلية المُضافة والعمل على تعزيز الابتكار. وقال أيضًا، إن الاستهلاك الثقيل أدخلنا في ديون أو ما يُعرف بالثقوب السوداء، فالسيولة التي تأتينا من النفط والغاز تذهب إلى الخارج، حتى العمالة تساهم في هذا النوع من التفكير، حتى لا تبقى سيولة. لذا تجد المواطن يلهث وراء الفواتير، والمؤسسات والأفراد، فكل شيء في اقتصادنا بالسالب.

لقد أبدى الطائي قناعته، بأنَّ لدينا الكثير من القطاعات الواعدة، كالتعدين والزراعة، وعلينا خلق فرص عمل في كل القطاعات، متحدثاً عن أننا لا نأتي بالعملة الصعبة فالعملة الصعبة تأتي من مُنتجين. وضرب لنا مثلاً بالسياحة، أكثر القطاعات الواعدة والمُستدامة، "حتى السياحة لدينا خفيفة وعلينا مراجعة أنفسنا، إذا أردنا أن نتقدم إلى الأمام بأمان واستقرار، وإذا أردنا بحق أن نكون في مصاف الدول المتقدمة اقتصاديًا".

وقد شدتني عبارته بحماس كبير، حين قال، أجدادنا عاشوا على النقل من شرق أفريقيا إلى البصرة، في رحلة الشتاء والصيف وكانوا لا يستريحون إلا ثلاثة أشهر في موسم القيض لأجل حصاد الرطب. ثم ينطلقون بكل نشاط وقوة وعزم إلى آفاق واسعة، لذا أتمنى وأريد من الأجيال العمانية الحاضرة والقادمة، مثل هذه الروح النشطة، وعلى الأجيال القادمة أنْ لا تستكين في مجتمع استهلاكي غير قادر على خلق الفرص.

وقد تحدث عن المواطن الصالح حاثًا الشباب على الجدية والمُثابرة والعمل أجل تطوير الوطنية الصالحة، قائلًا: "أنت مواطن صالح بإنتاجيتك وليس بمصرك الملون أو بهويتك لأنك من القبيلة الأخرى"، كل ذلك في الدولة الحديثة، ما يعني في هذا الوطن وهذه المؤسسة وعليك أن تسأل نفسك هل أنت ترفع من هذه المؤسسة وهذا الوطن إلى مصاف الدول المتقدمة أو أنت ستشكل عبئا على هذه المؤسسة وعلى هذا الوطن وعلى هذا الكيان بشكل عام، فالتخلص من ثقافة مظاهر الأحكام المسبقة في غاية الأهمية.

وكأن الأستاذ القدير حاتم الطائي يقول إن عصر القبلية ذهب بغير رجعة، حين كانت القبيلة تستأثر بكل شيء، الوظائف والشركات والقيادات وكأنها تتطور اجتماعيًا، بصناعة عائلية، ومثل تلك الصناعة تخلق مشاكل في المؤسسة الحديثة التي يجب أن تقوم على الكفاءة والتي لا تقوم على توريثها للأبناء.

الخلاصة.. إن النمو الاقتصادي في غاية الأهمية من خلال دعم الحكومة الإنتاج الكامن في إيجاد وتوفير فرص للشباب على كافة الأصعدة الاقتصادية.. فالسلطنة تمتلك مقومات طبيعية، ديناميكية قابلة للتطوير والنمو من خلال تحويل العوائد التي أشار إليها الأستاذ حاتم الطائي، في ظل وجود المواني العمانية وتميز بيئة السلطنة المستقرة وفي ظل إطلالتها على ممرات بحرية وإقليمية، تكفل تشجيع الاستثمار وتأهيل مواردها البشرية، وتضعها في مصاف الدول المتقدمة اقتصاديًا وتكنولوجيا، خاصة وأنّ السلطنة يتنامى اقتصادها من خلال تشجيعها للاستثمار الأجنبي والتوجه نحو الاقتصاد المفتوح، فقد انضمت إلى عدد من المنظمات الدولية، كمنظمة التجارة العالمية واتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية.. كل هذه حوافز تستهدف جذب الاستثمارات الأجنبية بأسلوب آمن ومُستقر.

تعليق عبر الفيس بوك