إعفاء العامل من العمل في فترة الإخطار

يحيى بن يعقوب المفرجي **

تضمن قانون العمل الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 53/ 2023، عشرة أبواب منظمًا بها أحكام علاقة أصحاب العمل بالعمّال، ونخصص مقالنا هذا بالباب الثالث المعنون بـ"عقد العمل والتزامات صاحب العمل والعامل".

أجاز المشرع بموجب المادة 34 بإبرام العقد لمدة محددة أو لمدة غير محددة، فإن حددت مدته يجب ألا تزيد عن خمسة أعوام قابلة للتجديد باتفاق الطرفين، وفي حالة تجديد العقد تعتبر المدة أو المدة الجديدة امتدادا للمدة الأصلية، كما أورد المشرع في المادة 35 الحالات التي يعتبر فيها العقد غير محدد المدة.

وبناءً على ما تقدّم، يتضح لنا أن هناك نوعين من العقود، عقد محدد بالمدة وغير محدد بالمدة، فينتهي عقد العمل محدد بالمدة بانتهاء مدته، فلا تثار إشكاليات في ذلك بصريح القواعد القانونية المنظمة لهذا النوع من العقود، إلا أن عقد العمل غير محدد المدة كذلك لا يجوز بأن يكون مؤبدًا، ولمنع تأبيد هذه العقود، أتاح المشرع بجواز إنهائه من الطرفين وذلك وفقا للضوابط المنصوص عليها في المادة 38 من قانون العمل، التي تتمثل في السبب المشروع، وفترة الإخطار المقررة للعمال المعينين بأجر شهري وهي 30 يومًا، و15 يومًا بالنسبة لغيرهم، وذلك ما لم يتفق بخلاف ذلك.

وهنا نفترض ماذا لو قدّم العامل استقالته لصاحب العمل، والتزم بفترة الإخطار في الاستقالة، إلّا أن صاحب العمل أعفاه من العمل خلال فترة الإخطار، فهل يستحق العامل حقوقه خلال هذه الفترة التي قام صاحب العمل بإعفائه منها ونخصها بالأجر الشهري؟

المشرع العماني لم يقم بوضع الحل القانوني لهذه الفرضية بشكل مباشر، إلّا أن بقراءة القوانين المنظمة لعقد العمل في قانون العمل باعتباره القانون الخاص، وقانون المعاملات المدنية باعتباره القانون العام، نستطيع الخروج بالحل القانوني وفقا للتأصيل القانوني السليم، وبتحليل القواعد القانونية المنظمة لهذه المسألة.

ابتداءً بقراءة نص المادة 38 من قانون العمل، يتضح لنا بأن فترة الإخطار هي حق للطرفين على حد سواء، والفترة المحددة في المادة المشار إليها هي قاعدة آمره، لا يمكن للأطراف الاتفاق على مدة أقل، كما أنها تلزم الطرف الذي يقوم بإنهاء العقد دون مراعاة هذه المدة بأن يؤدي إلى الطرف الآخر تعويضا مساويا عن مدة الإخطار أو الجزء المتبقي منها ويحسب على أساس آخر أجر شامل كان يتقاضاه العامل.

وبتطبيق المادة المشار إليها على الفرضية المثارة في مقالنا هذا، نلاحظ بأن العامل قدّم استقالته، واحترم الفترة المحددة وفق الاتفاق أو القانون، لذا يعد إجرائه حينئذ صحيح متفقا مع صحيح القانون. في حين قيام صاحب العمل بإعفائه عن العمل خلال هذه الفترة، يعد بذلك قام بإنهاء العقد دون مراعاة فترة الإخطار التي ألتزم بها العامل، وبناء عليه تطبيق المادة المشار إليها لا يستقيم بتطبيقها على الفرضية، حيث أن المادة أشارت بأن يؤدي الطرف الذي قام بإنهاء العقد التعويض -العامل-، وتنازل صاحب العمل عن أداء العامل خلال هذه الفترة هو حق من حقوقه، إلا أنه يجب أن يؤدي حقوق العامل المقررة في العقد ونخصها بالأجر الشهري عن فترة الاخطار المتفق عليها.

وبتحليل القواعد القانونية المنظمة لهذه المسألة في المادة 38 من قانون العمل، والمادة 668 من قانون المعاملات المدنية، نلاحظ أن فترة الإخطار تعد فترة سابقة عن إنهاء العقد والآثار القانونية المترتبة عليه، لذا هذه الفترة تعد فترة سارية فيها آثار العقد، ويرتّب آثاره القانونية، كأداء العمل من قبل العامل ويقابله الأجر الشهري من صاحب العمل، والالتزامات والحقوق الأخرى بجانب ذلك.

وأخيرًا، نخلصُ مما تقدّم إلى أن فترة الإخطار هي حق للطرفين على حد سواء، وتعد هذه الفترة ضمن المدة الزمنية للعقد، وتترتب الآثار القانونية بعد انتهاء فترة الإخطار، فلو أن العامل استقال وألتزم بفترة الإخطار المتفق عليها، فيستحق أجره الشهري حتى ولو قام صاحب العمل بإعفائه عن العمل خلال هذه الفترة، طالما العامل أعد نفسه للقيام بأداء عمله وتفرغ له، فيكون حينئذ مستحقا لأجره الشهري حتى ولو تم إعفاؤه من العمل أو لم تسند إليه أية أعمال.

** محامٍ

تعليق عبر الفيس بوك