عُمان ونوفمبر.. الوطن والزمان

د. أحمد بن علي العمري

منذ بداية الدولة البوسعيدية العريقة التي أسسها بكل حكمة واقتدار الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي رحمة الله عليه وسلطنة عُمان ولله الحمد في استقرار على المستوى الأمني والاجتماعي والاقتصادي والمعنوي والشعبي، وفي كل مناحي الحياة يقف العُمانيون خلف قادتهم بكل إخلاص ولأجل بلادهم بكل انتماء مترابطين متماسكين، على الرغم من العواصف والأحداث التي عصفت بالمنطقة… ولكن ظلت الوحدة العُمانية متماسكة متضامنة متحدة لا يفتك لحامها، ولا ينصهر حديدها.

حتى أشرقت شمس نهضة عُمان في يوليو من عام 1970م، وانبرى لها السلطان المؤسس للنهضة العُمانية الحديثة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- والذي أسسها على المبادئ والقيم والأعراف والتقاليد الثابتة لدى الشعب العُماني نهضة عصرية حديثة تأخذ ما هو مفيد من العصر الحديث لتبني به النهضة على الثوابت والأسس والمعايير القائمة. وقد بدأ بتغيير اسم البلد من "سلطنة مسقط وعُمان" إلى "سلطنة عُمان" ولون العلم من الأحمر إلى "الأحمر والأبيض والأخضر"، وأُعِدّ النشيد الوطني للبلد ومباشرة بعدها بدأت مرحلة إنشائه المدارس "سنعلم أبناءنا، ولو تحت ظل شجرة"، ثم المراكز الصحية والمستشفيات، مرورًا بفترة الطبيب الطائر، وبعدها الاتجاه للطرق وإنشاء المراكز الإدارية لتكون نواة للمدن وإعادة تنمية العاصمة والحواضر، وهكذا مضى العمل بدون كلل أو ملل "سنبدأ من حيث انتهى الآخرون".

وهكذا يمضي النجاح في تنمية متواصلة شهد لها القاصي والداني لنصل إلى مرحلة التشريع التي بدأت بالمجلس الاستشاري ثم مجلس الشورى بمراحله ليكتمل العقد بإنشاء مجلس عُمان، وذلك بعد أن تم إنشاء مجلس الدولة. وهنا اكتمل التشريع، وفصل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية باكتمال الخمسين عاماً الأولى من النهضة الحديثة.

وكأنما الإرادة الإلهية تقول هنا للسلطان قابوس- طيب الله ثراه- لقد أديت الأمانة والواجب، وتختاره ليرتقي إلى جنان الخلد بإذن الله تعالى في العاشر من يناير من عام 2020م، وقيّض الله لأهل عمان أن يختار السلطان قابوس من يخلُفه في الحكم ليشرق لنا فجر الحادي عشر من يناير عام 2020م بإطلالة مُبشرة خير الخلف لخير السلف قائد النهضة العُمانية المتجددة، وربان رؤية "عُمان 2040" حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- ليدعو شعبه للمضي قدمًا في العمل على طريق ممنهج حديث واستراتيجية محددة المعالم وفق العلم العصري الحديث وما يتطلبه من متغيرات محلية وإقليمية ودولية.

وها هي عُمان تكاد تكمل الثلاثة أعوام من النهضة المتجددة ماضية بكل عزم وإصرار وتأكيد بقيادتها الحكيمة وشعبها الوفي الأبي.

وهنا أقول:

ثلاثة وخمسون عامًا ونوفمبر يهل

على خطى التاريخ والمجد التليد

منها الشعب العُماني كم خيرا نهل

نهضة عمت في العصر السعيد

الزمن الصعب قد أضحى سهلًا

والبنا قد ذاب ذوبان الجليد

من بعد قابوس هيثمنا أطل

والنهضة بالعزم الأكيد

الأكف نرفع ولله نبتهل

يحفظ السلطان عسى عمره مديد

وهكذا تمضي عُمان بثقة وطمأنينة، مستعينة بتوفيق ربها، وحكمة قائدها، ووفاء شعبها.. حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.