يساعد المشروع في جمع البيانات من كاميرات المراقبة والمكالمات الصوتية وتحليل تعابير الوجه والكشف عن المشاعر

مشروع "نيمبوس".. "جوجل" و"أمازون" تقدمان "التكنولوجيا المدمّرة" على طبق من ذهب للاحتلال الإسرائيلي

 

 

الرؤية - سارة العبرية

توظف حكومة الاحتلال الإسرائيلي كافة الوسائل لإحكام سيطرتها على جميع الأراضي الفلسطينية، وتستخدم التكنولوجيا المتطورة والذكاء الاصطناعي للتوسع في بناء المستوطنات وتهجير الفلسطينيين من أرضهم، مستعينين بشركات عالمية لتنفيذ المشاريع التقنية التي تساعدهم في حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية، وإجبارهم على ترك منازلهم والاعتداء عليهم.

ومن بين هذه المشاريع، مشروع "نيمبوس" للذكاء الاصطناعي، وهو مشروع إسرائيلي يهدف إلى توفير خدمات سحابية متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.

وبموجب العقد الذي بلغت قيمته 1.2 مليار دولار، تم اختيار شركتي التكنولوجيا جوجل (Google Cloud Platform) وأمازون (Amazon Web Services) لتزويد وكالات الاحتلال الحكومية بخدمات الحوسبة السحابية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، بحسب ما جاء في صحيفة "جيروساليم بوست" الإسرائيلية.

وفي أكتوبر 2021، وقع أكثر من 90 عاملاً في شركة أمازون و300 آخرون في شركة جوجل، على رسالة داخلية تطالب إدارتي الشركتين بالانسحاب من مشروع "نيمبوس"، الذي يهدف إلى تزويد الجيش الإسرائيلي بـ"تكنولوجيا خطيرة" تستخدم في "الفتك بالفلسطينيين".

وجاءت الرسالة التي نشرتها صحيفة "الجارديان" البريطانية بعنوان "نحن موظفون في جوجل وأمازون.. ندين مشروع نيمبوس"، ولم يفصح الموظفون عن أسمائهم خشية التنكيل بهم، وقالوا في رسالتهم: "نحن مجهولون لأننا نخشى الانتقام".

ودعا العاملون، المسؤولين في جوجل وأمازون إلى قطع العلاقات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، معتبرين أنَّ العقود "نمط مقلق من العسكرة".

وأفادت موظفة أمريكية في "جوجل" بأنها تلقت تهديداً بنقلها إلى البرازيل أو فقدان وظيفتها؛ نتيجة لموقفها ضد مشروع "نيمبوس".

مشروع "نيمبوس"

يتضمن مشروع نيمبوس 4 مراحل رئيسية؛ حيث تبدأ المرحلة الأولى بشراء المعدات والمستلزمات الضرورية لبنية السحابة، وتتمثل المرحلة الثانية في الحصول على اتفاقية حكومية لبدء تشغيل السحابة وتشغيلها، بينما تكمن المرحلة الثالثة في تشغيل البنية السحابية نفسها، أما المرحلة الرابعة فتتضمن تحسين العمليات التي تتم على السحابة وتعزيزها بتقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الذاتي.

ويقول سعيد بن محمد الكلباني أخصائي خدمات رقمية، إن مشروع نيمبوس ظهر للعلن في عام 2018 عندما أراد دونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق أن يراقب الحدود المكسيكية الأمريكية، للسيطرة على المتسللين وتهريب المخدرات وغيرها، موضحًا أن شركة جوجل لاقت انتقادات ومُعارضة قوية بسبب هذا المشروع، وتوقفت مساعي الاتفاق مع إدارة ترامب.

سعيد الكلباني.JPG
 

ويوضح في تصريحات لـ"الرؤية"، أن المشروع عبارة عن عملية ربط سحابي لمجموعة من الخدمات والأدوات، بهدف جمع البيانات من مصادر مختلفة مثل الكاميرات على الأعمدة والدرون وهوائيات الرادار والليزر وأجهزة الاستشعار والمكالمات الصوتية وتحليلها بأدوات الذكاء الاصطناعي لإصدار نتائج حول ما تم مراقبته من أفراد ومركبات، مبيناً أن هذه التقنية لها القدرة على تحليل تعابير الوجه وبالتالي كشف المشاعر والعواطف، مما يتيح للمراقبين التنبؤ بكثير من التصرفات والتوجهات للأفراد.

ويشير الكلباني إلى أن الرقابة أو ما يعرف برؤية الذكاء الاصطناعي، تقوم على فكرة  ربط الكاميرات بالذكاء الاصطناعي، لتتمكن من جمع البيانات وتصنيف الأشخاص والأشياء والتعرف عليهم من خلال مطابقة الصور والبيانات التي جمعت حولهم، لافتاً إلى أن هذا المشروع يستخدم إنترنت الأشياء من خلال ربط الأجهزة ببعضها البعض بالإضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لجمع البيانات وتحليلها.

استفادة الاحتلال من "نيمبوس"

تسمح خدمات نيمبوس لجيش الاحتلال الإسرائيلي بالتقاط صور للفلسطينيين ثم مطابقتها مع قواعد البيانات الاستخباراتية لتسهيل عمليات التجسس والاستهداف، إذ يمكن استخدام هذه التكنولوجيا للكشف عن الوجه وتحليل المشاعر وتتبع الأشياء، وهو أحد أشكال التعلم الآلي الذي يدعي المطورون أنه قادر على تمييز مشاعر شخص ما من دراسة وجهه وكلامه.

وساعدت خوارزميات "أمازون" إسرائيل على التعرف على ما لا يقل عن 60 شخصًا مفقودا وذلك عن طريق تحليل الصور ومقاطع الفيديو المأخوذة من مواقع التواصل الاجتماعي بعد هجمات طوفان الأقصى.

و"أمازون" ليست الوحيدة في سباق تسلح إسرائيل الرقمي، فعلى سبيل المثال كان لدى شركة "هيوليت باكارد" عقد حصري لتوفير خوادم منذ عام 2017 إلى عام 2020 لقاعدة بيانات السكان في فلسطين والتي استخدمتها إسرائيل في إبعاد الفلسطينيين وتحديدا سكان القدس الشرقية.

ويرى محللون أن تعاون مثل هذه الشركات الضخمة مع إسرائيل نظرا لقيمة المبالغ المالية المدفوعة في مثل هذه المشاريع، إذ أوضحت دراسة نشرتها مجلة "موندووايس" أن جوجل تستفيد من الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وأنها تستحوذ على العديد من الشركات الإسرائيلية الناشئة المتخصصة في تقنيات المراقبة والسيطرة، بما في ذلك ويز وسليكلوجإن وإيلاستايفايل وألووما، كما تستثمر جوجل في شركات إسرائيلية أخرى تستفيد من أدوات الدولة المحتلة للمراقبة والسيطرة.

علاوة على ذلك، تستفيد جوجل من استمرار سرقة الأراضي الفلسطينية، فقد وافقت الشركة مؤخرًا على دمج خدمة الدفع الإلكتروني Google Pay في بنك لئومي، وهو بنك إسرائيلي يشتهر بتمويل المستوطنات اليهودية.

وعلى الرغم من أن مجموعة متنوعة من الوزارات الحكومية الإسرائيلية ستستفيد من التقنيات الحاسوبية الحديثة وتخزين البيانات، إلا أن تعاون شركتي "جوجل" و"أمازون" قد أثار قلقاً لدى مراقبي حقوق الإنسان ومهندسي الشركتين.

خبايا "نيمبوس"

ويؤكد خالد صافي الاستشاري الإعلامي والخبير في أمن المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي بتركيا أن "نيمبوس" يتيح التنصت على النشطاء وأماكن وجودهم إلى جانب الاطلاع على كل ما يجري في قطاع غزة وحدود الضفة الغربية.

ويلفت إلى أن إسرائيل طلبت أن يكون المشروع على الأراضي المحتلة بمساحة 10 آلاف متر مربع على هيئة مبنيين يفصل بينهما أكثر من 25 كيلومترًا تعمل ضمنها 3 خوادم  servers- حسب قوله.

وفي عام 2019، قامت شركة أمازون بتوسيع نشاطاتها في مجال التجارة الإلكترونية في إسرائيل، حيث بدأت بتقديم خدمة التوصيل المجاني للطلبات التي تزيد عن 49 دولارًا. وأفادت صحيفة "فاينانشال تايمز" في تقريرها أن أمازون تقدم خدمات التوصيل في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة.

وتشير التقارير إلى أن مشروع "نيمبوس" قد يواجه صعوبات بسبب شروط عقود الحكومة الإسرائيلية، التي تمنع شركتي أمازون وجوجل من وقف الخدمات بناءً على ضغوط المقاطعة، وهذه الخطوة تعكس معرفة إسرائيل بتزايد حركات المُقاطعة في العالم، والتي يزيد زخمها ضد الشركات المرتبطة بالمستوطنات غير القانونية.

تعليق عبر الفيس بوك