شعب صبور

 

نور بنت محمد الشحرية

كم سنة أو عقد أو قرن يتعين على الأمة العربية والإسلامية أن تعاني؟! كم على المسلم أن يتوجع لجراحات إخوانه؟! كم علينا أن ندافع الدمع ونكبت الألم وأن ننتحب صمتًا؟ كم علينا أن نشجب ونستنكر دون رد فعل؟! كم علينا أن نُدين ذواتنا، ونلوم من حولنا لأننا وهم في ذلٍ وهوان وخنوع؟!

أواااااه يا فلسطين.. يُقتل فيك الرضع تحت أنقاض البيوت ألما واختناقا وعطشا، حرقا بالنار والبارود، يباد فيك جزء منَّا، تنادي نسوتهم وتستصرخ واا معتصمااااه. ولا معتصم يصله صدى صرخة ملؤها القهر والرجاء أن تنتخي المروءة ويسيل دم تجمد في الأوردة وشل الحركة.

يا أُخيتي لا نستطيع، اعذري القلب المكلوم ولا تزيديه وجعًا، رحمة بنا، اكتمي صراخك عنَّا، فلسطين يا درب انتصاري، أنا أعاني وجعك أنظر الى أبنائي ويعتصر قلبي ألمًا إن مرَّ بي هاجس فقدهم- لا قدر الله- أو أن  شوكة ستشوك أحدهم، أو صوتًا سيجرح أصغرهم، وأنا بعيدة عنهم، أفكر بك وأنت تنظرين لصغارك الجوعى الخائفين الحيارى حولك، وهم يصمون آذانهم عن صافرات الإنذار ودوي الصواريخ والقنابل، يرددون ما علمته إياهم من أذكار وأدعية، ويتلون آي القرآن لتطمئن القلوب وتأنس، تنظرين إليهم نظرات الوداع، فالعدو الحقير اللئيم لم يبق ولم يذر، دكًا بالعمران، ذبحًا للإنسان، محاصرة للقوت والماء، تبًا له وتب، أصلاه الله نارًا ذات لهب.

لمثلك أيتها الفلسطينية الأبيّة، أيتها المقاتلة العنيدة، التي تأبى أن تكون الطرف المتخاذل، أيتها الصامدة، لمثلك يكتب التاريخ، لمثلك تغنى القصائد، وترفع القبعات وتضرب التحايا.

أبيةٌ أنت رغم كل ما يعتصرك أمًا أو ابنة أو أختًا، تحوطين الأحباب دفءًا بوقود مخاوفك وآهاتك المدفونة عنهم، المتوشحة وشاح الفرح بالزغاريد والتهليل، عند وصول خبر استشهاد أحدهم، المجاهدين من أسرتك وصغارها.

أنا هنا ومثلي الكثيرات نبكي معك وندعو لك، لربما أرواحنا إذا هامت واستهامت مع وجعك تخفف عنك شيئا مما تجدينه.

نحن القوارير اللائي أوصى بنا المصطفى -صلى الله عليه وسلم- خيرًا، وما أسمانا القوارير إلا لرقة فينا وقدرة محدودة لنا على التحمل. وأنت تتحملين ما لا يتحمله أقوى الرجال، عليك ثقل الانتفاضة، أنت من يدير الأسرة ومن يواسي المجاهدين ليستمدوا من صمودك قوة ومن ثباتك متكأً.

يا عزيزتي.. إذا كانت حربك أنت القتال المباشر، وجب على كل مسلمة أن يكون جهادها إنشاء جيل قوي العزيمة ذي بأس وشكيمة.. إن كان سلاحكم الحجارة والرصاص، ينبغي أن نحارب نحن الذين في المتنفس بالعلم وقوته، فما كنَّا أسفل الركب وآخر الجمع وأهون الكل على القوى العظمى، إلّا لتراجعنا في ذلك.

تعليق عبر الفيس بوك