استراتيجية الاستثمار .. استدامة اقتصادية

 

د. أحمد بن خلفان البدوي

التوجهات الاستراتيجية ذات الطبيعة الاقتصادية والتي بدأ العمل بها مع انطلاق رؤية "عُمان 2040"، متأصلةٌ مساراتها التنموية لتحقيق الأهداف المُعلنة؛ وما يجري على الساحة الاقتصادية من متغيرات محدثة نقلة نوعية من حيث الإجراءات والتسهيلات والتي ما زالت تعكف عليها جهات مفاصل الاقتصاد باعتبارها تؤمن التوجهات كمداخل تنفيذية تدعم برامج الاقتصادات الحديثة استهلالا لمستقبل متغير بهدف ملامسة طموح الاستثمار ودعمًا للفرص الاستثمارية المشتركة بين الجهات المعنية بالسلطنة.

كل ذلك يُعبِّر عن حرص الحكومة على تهيئة محيط استثماري امتدادا للأجيال القادمة يتمثل في خلق الوظائف لا سيما ما يحدث بشكل متنامٍ بالقطاعات التي تستهدفها الخطة الخمسية العاشرة؛ وبلا شك فإنَّ هذا الدور يأتي بتكاتف الجهود والأدوار التي تبذلها الجهات التنموية والاقتصادية انطلاقاً من مبدأ تعزيز التكامل المؤسسي. وباعتبار أن التوجهات الاستراتيجية ذات الطبيعة الاقتصادية هدفها الأسمى تحقيق جملة من الأهداف المنطوقة، إلّا أنها تترقب صنع وبناء مؤشرات مقروءة يراد بها ملامسة واقع ومحيط تنموي واقتصادي كركيزة عليا سامية، ومن خلال استقرائنا للواقع والمحيط الاستثماري هناك حتمية تفرضها علينا الساحة الاقتصادية تأتي ضمن اتباع آليات ومنهجيات صنع المؤشرات مما قد يتطلب الدور وضع استراتيجية للاستثمار كلغة رسمية تُومن الاستدامة الاقتصادية من خلال بناء حوار ديناميكي متناغم وصولا لمواءمة حقيقية تقودنا إلى تعزيز منظومة التكامل المؤسسي يُمكن هذا التوجه يتطلب مصداقية في الإحصائيات والمؤشرات لتكون أكثر فاعلية قد تحد بمقتضاها مُعالجة ما يحدث من تقاطعات قد مثلت من شأنها ضعف في الإجراء وسرعة اتخاذ القرار الاستثماري للطلبات التي ترد للمفاصل الرئيسية للاقتصاد المعنية بالتسجيل والتراخيص؛ وجهة نظر.

نتفق أو نختلف مع أن ما يحدث بواقع المحيط الاستثماري من ممارسات وتحديات مَثل بعضها استغلال التسهيلات التي أقرتها السياسة الاقتصادية من خلال التنسيق القائم، إلا أن  مخرجات الدراسات والتحليل مقارنة بما يحدث من تسارع تنموي واقتصادي، لا سيما مع الدول التي نتشارك معها المحيط الجغرافي حريا بنا أن ندرك ذلك، وعلى اعتبار من أن ما تقوم به مفاصل الاقتصاد من جهود مثلتها إجراءات تنظيم السجلات التجارية والتي فاقت أكثر من (405 آلاف سجل تجاري) حتى نهاية سبتمبر 2023 وفق قواعد البيانات الرسيمة، ولكن أحيانًا قد يراود الكثير منَّا كم يبلغ عدد السجلات التجارية غير النشطة! ولماذا في السنوات الأخيرة بدأت تتخارج من ساحات استثمارية عدة بطرق ومسارات عديدة؟ وحجم وعدد الأنشطة الاقتصادية التي تم قيدها بقواعد البيانات والتي ظلت سنوات ليست بقصيرة غير نشطة وقد يكون البعض منها نشط (مرخصة) كرقم إحصائي ليس واقعًا استثماريًا كل ذلك بحاجة إلى دراسات وتحليل، فيدرك البعض من الإحصائيات المقيدة الحالية هل هي مُعبرة عن مؤشرات؟

هنا لا بُد أن تكون لدى توجهات السياسية الاقتصادية بعد عمليات الاستقراء وبناء الاستشراف أن المحيط الاستثماري بحاجة الى استراتيجية للاستثمار، وذلك من خلال اعتماد خارطة استثمارية تتمتع بحداثة اقتصادية وتنموية ورقابية أكثر ديناميكيا وتعالج تلقائيًا في ذات الوقت السلوك غير المرغوب فيه من قبل المستثمر؛ إذ أصبح البعض يُسيء لبيئة الاستثمار من خلال التسهيلات والحوافز المُقرة للخطط والبرامج الحالية. ومن الاهمية بمكان عند وضع الاستراتيجية، التأكد من وجود تصنيف لشرائح المستثمرين، مع تحديد جهة تُمارس صلاحيات واختصاصات سير الاستراتيجية تُعنى بحيادية اتخاذ القرار الاستثماري؛ وذلك بهدف الاستدامة الاقتصادية، ولتحقيق جملة المؤشرات نحتاج بتغيير النظرة وأدوار مفاصل الاقتصاد واعتبارها كأدوات توطين للمحيط الاستثماري حسب اختصاصا ودورها المناط فور إتمام إجراءات التسجيل، وإلا يترك الأمر بعد عمليات التسجيل أو إتمام التراخيص كإحصائيات فقط، وهو ما قد يراه البعض من المستثمرين، معتبرين في ذلك تجارب والتي أدرك واقعها حقول المحيط الاستثماري؛ حيث حققوا من ذلك استفادة نمت من خلال العلاقة الاستثمارية- إن جاز التعبير- باعتبارها منفعة وقتية تتقاسم ريعًا ماليًا ضيقًا الى أبعد الحدود انتهج أشكال عديدة؛ منها: التجارة المستترة، وخرجت عن مسار التمكين والاستدامة الاقتصادية.

يأتي الطرح في هذا الوقت كتوجه نحو الإسراع لصنع الاستثمار الحقيقي وتمكين الشراكة الاقتصادية المستدامة، من مبدأ شركاء التنمية وذلك من خلال وضع استراتيجية للاستثمار؛ شريطة أن تكون متوافقة مع خطط وبرامج تحت إطار تنظيمي ديناميكي يُبنى بتكامل مؤسسي حيادي في اتخاذ القرار الاستثماري.

تعليق عبر الفيس بوك