بلزوم حسن الاختيار تصل إلى مقصدك

 

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

 

مثَّلت النهضة العُمانية وتجددها بالنسبة لي ولجيلي والأجيال المتعاقبة قيمة كبيرة، فصورها المشرقة مُستمرة في الإضاءة كما تضيء الشمس من المشرق كل يوم، وقد أرسلت أشعتها على أجيال سبقتنا كانت قد نحتت طريقها بجد واجتهاد، ممزوجين بإخلاص للوطن، والوفاء للقيادة الحكيمة، ففي جبال عمان وسهولها وصحاريها، جعل العمانيون من ما أنجز على الأرض المعطاءة جسرا تعبر عليه الأجيال المتعاقبة، وهي تعيش نهضة متجددة تزداد عزة وبهاء.

ووضع العمانيون تاريخهم العريق مصدرا للإلهام، وفرصة نحو السير في رحلة زمانية ومكانية تنقلهم إلى أزمنة أخرى، ونستحضر من التاريخ تجربة الشورى التي امتدت لأكثر من ألف عام وشكلت نموذجا أصيلا وناجحا لما يمكن وصفه دون إسراف أو تجاوز بالجناح الذي يظلل الصالح العام، وتطوير الحياة وتسخير الممكن.

وما يعزز قوة هذه المظلة لكي تقوم بالدور الذي أوكله المجتمع لها ويأمله منها هي الأمانة والمشاركة الإيجابية والصحيحة عند اختيار من يمثل المجتمع في صنع القرار ويساهم في تحقيق التنمية الشاملة، فالديمقراطية الفعالة تتطلب منَّا وعيًا بتاريخ العمل الديمقراطي، ونشاطا حثيثا لاختيار من يفهمون كيفية التعبير عن مصالحنا.

قد يعتقد البعض أن أُس المشكلة يكمن في المترشح لعضوية مجلس الشورى وفي حاجته إلى كسب الخبرة وتقوية عوده في العمل الشوروي، لكن ذلك الاعتقاد لا يتفق مع حقائق التاريخ، فالديمقراطية تاريخ، والتراكم التاريخي أعطى للعمل الديمقراطي في بلادنا قوة وثباتًا، ليكون نتيجة لأفكار قانونية وسياسية وثقافية واجتماعية، حيث مارسها العمانيون كأسلوب أصيل وناجح للاختيار، ولاستطلاع الرأي من ذوي الخبرة، فاستطاعوا أن يلعبوا الدور المحوري في الطريقة التي يتم بها إنتاج السياسات وتنفيذها.

وقد تمكن العمانيون في سنوات نهضتهم، عبر مُمثليهم في مجلس الشورى من المساعدة في توجيه البرامج الوطنية نحو أهداف تنموية مستدامة، ونقلت وجهات نظرهم وطموحاتهم تحت قبة المجلس، وتعززت المساواة بين الجنسين، وأصبح عضو مجلس الشورى هو الممثل عن العمانيين جميعًا في تحقيق المصلحة العامة؛ فهو بمجرد دخوله المجلس يُناط به تحقيق المصلحة العامة، وذلك من خلال وظائف مجلس الشورى، وإزاء هذا الدور لعضو مجلس الشورى أصبح لزامًا علينا نحن الناخبين أن نتمسك باعتبارات مفهوم المصلحة العامة في اختيارنا لأعضاء المجلس، ولا يجوز أن نضع معيار المناطقية أو القبلية أثناء ممارستنا لحق التصويت؛ لأن الاعتبارات المناطقية والقبلية تُجزء مفهوم المصلحة العامة، التي قد تتصادم في كثير من الأحيان مع البواعث المناطقية أو القبلية.

لذا علينا أن نكون حريصين عند الإدلاء بأصواتنا أن نؤدي دورنا بتجرد كامل وأمانة، وأن يكون اختيارنا لمن هو قادر أن يتفرغ لتأدية دوره التشريعي والرقابي والمالي وتحقيق المصلحة العامة، وهي المهام التي تمثل بوابة التقدم والتنمية والديمقراطية.

تعليق عبر الفيس بوك