انتبهوا.. أبناؤنا في خطر

 

خليفة بن عبيد المشايخي

halifaalmashayiki@gmail.com

 

يتجه العالم اليوم وغداً وبعده إلى التغلغل في ثورة رقمية هائلة وإلى ظهور تقنيات عالية ستحدثها كبرى الشركات العالمية المتخصصة في ذلك والمصنعة لها وللرقميات والأجهزة اللوحية والحواسيب والإنترنت والتكنولوجيا والجوّالات، وبرامج البث والإرسال والاستقبال والتواصل الاجتماعي، مما سيخلق تنافسا محموما بينهن في غزو جديد بكل ما هو ضار ونافع، هذا الكوكب الذي أصبح قرية كونية مصغرة، يعلم ما في أولها آخرها والعكس، فالعالم سيكون أمام ومع كل جديد وحديث في عالم الرقميات والتقنية، سيجعل البشر في حال ذهول وانشغال مستمر، وسيكون ذلك حتى على مستوى الكبار من الجنسين والناشئة والصغار والأطفال.

وإذا كانت برامج التواصل الاجتماعي والتطبيقات والمنصات الإلكترونية والرقمية كالواتس اب والسناب شات والانستجرام والتوك توك وتويتر والفيسبوك واليوتيوب وغيرها الكثير من هذه البرامج عطلت الكثير واشغلت الكثير عن الأهداف السامية العلمية منها والعملية والإنسانية والأخلاقية بما تقدمه وتروج له ويحدث فيها ويعرض؛ سواء بسرية تامة أو بشكل علني، نتج عنه تغير في عادات البشر وأخلاقهم وتعاملهم وسلوكهم، وانغماس بعضهم في أمور سيئة كإقامة علاقات محرمة وتواصل مخل بالأدب والشرف، يتيح للطرفين ارتكاب أخطاء تضر بالأسرة وبمكوناتها يكون نتيجتها حدوث طلاق وضياع الأطفال وتشردهم، ما جعل المؤسسات الحكومية والأمنية والقضائية تواجه ضغطًا كبيرا في تلقي أعداد كبيرة من الشكاوى والمشاكل والقضايا والبلاغات التي تسجل وتأتي إليهم وتحدث وينظر فيها بشكل يومي.

مع تلك المعطيات والأحداث المؤسفة اليومية، فإنَّ المؤشرات تقول إن القادم سيكون أكثر خطورة وسوءًا ودمارًا ومشاكلَ، خاصة إذا علمنا أن نسبة ما يعرض في وسائل التواصل الاجتماعي ويحدث في المجتمع من دروس دينية وإصلاحية قليل جدًا، مقارنة مع ما يُنشر ويعرض من فساد وتفسخ وانحلال في القيم والآداب والأخلاق والقيم الإسلامية الحميدة، والترويج لذلك وللفساد بشكل كبير.

الأمر الذي أشاع الفساد وأوجد ظاهرة سيئة أتت بها تلك الممارسات والأدوات والسبل والطرق والبرامج على نحو يشكل خطرًا وتهديدًا على استقرار وحياة الفرد والأسرة والمجتمع، التي انكوت بنيران تلك الممارسات والأفعال والبرامج المضللة التي استغلها البعض في التعري وقلة الأدب والتفسخ، وإعطاء صورة سيئة عن المجتمعات المحافظة أنها لم تعد محافظة، وإعطاء صورة أكثر فداحة عن سوء تربية الأشخاص؛ سواء رجالا أو نساء، وانعدام الأدب فيهم وكذلك انعدام الغيرة على الزوجة والبنت والأم والأخت، وإلا ماذا نسمي أعداد النساء اللاتي يعرضن أنفسهن بشكل يومي في تطبيقات مثل سنابشات وإنستجرام وفي السوشال ميديا بملابس خليعة كاشفة لأجسادهن، وهن متبرجات مبديات زينتهن لغير أزواجهن ومحارمهن.

إن كل ذلك يوحي باختفاء الحياء وانعدامه من وعن الكثيرين، وعدم وجود رادع أخلاقي ووازع ديني، وبات اللهث وراء الشهرة وطلب المال وحب الظهور وكل ذلك، على حساب الأدب وتربية الأجيال القادمة تربية حسنة أحد الأسباب الرئيسية المشجعة والمساعدة على انتشار الفساد.

كمية ما يعرض ويتداول اليوم يدل على كثرة القبيح والسيئ وانتشاره كانتشار النار في الهشيم، فمتى سنعي ذلك وسننتبه ونتصدى له؛ فالنار من مستصغر الشرر، وعدوى إصابة الشخص الصالح بما يعرض من فساد، حتمًا ستكون واقعة وحادثة لا محالة، لأن كثرة الطرق يبطل اللحام.

إن انطلاق العام الدراسي يوم الثلاثاء الماضي وتوجه أعداد كبيرة من طلابنا وأبنائنا إلى مدارسهم في ظل استخدام الكثير من طلابنا لهذه التطبيقات الإلكترونية، يُضاعف المسؤولية على الجهات الحكومية والإصلاحية والدعوية، لأن يكون التعليم والنهج العام للبلد انطلاقًا من هذا العام مختلفا تماما، من حيث التفكير في أنه كيف سنجعل استفادة طلابنا من التعليم والمواد التعليمية والمقررات الدراسية مفيدًا، في ظل ظروف تنهش الكثير من الأسر.

إعداد الكتب للطلاب في مختلف مراحلهم الدراسية، وصل أول أمس إلى أعداد كبيرة تجاوز بعضها إلى 18 كتابًا، فالسؤال الذي يطرح نفسه، متى سيجد الطالب وقتاً لقراءة وفهم كل تلك الكتب والمقررات، خاصة في الأسر والبيوت التي لا يتواجد فيها الأب والأم إلا بعد المغرب، لتواجدهم وارتباطهم بالعمل والوظيفة.

ففي ظل هذه الأوضاع ألن تكون برامج التواصل الاجتماعي وبقيتها وغيرها من وسائل الانحراف والفساد وإضاعة الوقت، هي الحاضنة لوقت أؤلئك الطلاب والناشئة والأبناء، في وقت أصبحت المرأة الأم كل وقتها في السوشال ميديا، تارة تصور نفسها وهي متبرجة منحلة من الأخلاق والأدب والعفة والشرف، وتارة تصور أكلها، وتارات أخرى مع مراسلة من يتغزل فيها ويبعث لها ممتدحا جمالها وحسنها، وهي تعيش الدور والتمثيلية والمصخرة وقلة الأدب، ومضحية بأولادها وزوجها وبيتها الذي لا تجده إلا قذرا ووصخا، بسبب عدم اهتمامها وعدم قدرتها على التنظيف والترتيب والمذاكرة لأولادها.

القادم بهذه الصورة والكيفية سيجعل المشاكل متفاقمة في البيوت، وسنرى أعدادًا كبيرة من القضايا والبلاغات عن حدوث مشاكل في البيوت بين الزوج وزوجته، وبين أولياء الأمور وأولادهم، في وقت يفترض أن يكون هنالك زيادة وعي وفهم وثقافة وتدين وهداية وصلاح في المجتمع، فتلك المؤسسات والجهات التي ذكرتها صلاحياتها ومسؤولياتها معروفة ومحدودة، وليس بإمكانها حل كل تلك المشكلات في كل بيت وفي كل أسرة.

الحل في زيادة الوعي وترسيخ الوازع الديني في نفوس النشء، لأنهم المستقبل المشرق الذي ينتظر وطننا في قادم السنوات.

تعليق عبر الفيس بوك