"الميتاڤيرس" تغزو عالم السياحة

 

د. خالد بن عبد الوهاب البلوشي

 

ظهرت في بدايات هذا العام أحاديث ولقاءات ومؤتمرات عن تقنية "الميتاڤيرس"، والتي تعني "ما بعد الواقع" باللغة اليونانية؛ حيث تبنى المصطلح مؤسس شركة "فيسبوك" مارك زوكربيرج.

ولكن لم يأتِ المُسمى من الفراغ؛ فأهداف هذه التقنية أهداف اقتصادية خارجة عن المألوف؛ حيث صرح بعض الاقتصاديين بأن العوائد المادية المتوقعة منها بنهاية عام 2025 قد تتعدى خمسة تريليونات دولار أمريكي. ويتوجب علينا أن نستعد لهذه الثورة التقنية الرقمية ومتغيراتها التي بدأت فعلًا تغزو كافة القطاعات وعلى الأخص قطاع السياحة.

فهل نحن مستعدون لهذا الغزو الرقمي سؤال يطرح نفسه على كافة شركاء قطاع السياحة في العالم وفي سلطنة عُمان على الأخص؟

تعمل تقنية الميتاڤيرس من خلال تطبيقات الواقع الافتراضي وإنترنت الأشياء والواقع المُعزز من خلال مستشعرات حسية دقيقة جدًا؛ سواءً كانت نظارات "VR" أو قفازات تفاعلية لإتاحة الفرصة للسياح للسفر والتجوال بين البلدان من خلال شخصيات افتراضية يختارها المتجول. كما تتاح له فرصة التفاعل مع الجهة أو الموقع السياحي من خلال تطبيقات الميتاڤيرس.

ومنذ ظهور تطبيقات الميتاڤيرس، ظهرت شريحة كبيرة من المستثمرين في هذا القطاع. وتعمل تقنيات وتطبيقات الميتاڤيرس على الترويج السياحي وفتح آفاق استثمارية يُمكن الاستعانة بها والاعتماد عليها مستقبلًا؛ لذلك من المهم أن نستعد لهذه الثورة الرقمية والعمل على توحيد منصات الميتاڤيرس في سلطنة عُمان، وخلق شركات بين قطاع السياحة والطيران، إضافة إلى التراث والذي يُعد أحد القطاعات التي تبوأت هذا العالم الافتراضي.

وعلى سبيل المثال، حول ما قد تقدمه تطبيقات الميتاڤيرس؛ هو خلق بيئة ثلاثية الأبعاد ومثال على إمكانية استخدام التطبيق لدينا قلعة نزوى أو حصن جبرين أو مجلس الجن أو كهف الهوتة وزيارة بلاد سيت أو الإبحار في أعماق البحار ومُشاهدة الشُعب المرجانية أو زيارة متحف عُمان عبر الزمان أو المتحف الوطني أو تسلق جبل الشمس أو الجبل الأخضر والتجول في دار الأوبرا السلطانية ومشاهدة أحد العروض العالمية.

كل ذلك يحدث وأنت في منزلك، نحن بحاجة إلى بنية تحتية أساسية تكنولوجية متقدمة ودعمها بعمالة وطنية مدربة ومؤهلة لقيادة هذه الثورة التقنية، والتي بدورها ستتولى تقديم الدعم التقني المطلوب لهذه المنصات.

وتعد هذه التقنية التي استحوذت بكل جدارة على تطبيقات الهواتف المحمولة والإنترنت أسرع تقنية في تاريخ الثورة الصناعية الرابعة. وللمؤسسات الصغيرة والمتوسطة دورٌ مهمٌ وفعّال؛ حيث تمثل هذه المؤسسات جيل الشباب والذي يعمل دائمًا على أن تكون لديه رؤية للمستقبل بكافة الطرق.

المنافسة على أوجها بين شركتي Microsoft وApple وكذلك Epic Games، من خلال خلق مجتمعات افتراضية ليس لها نهاية أو بداية ومتجددة دائمًا. ومن المتوقع أن تسيطر تطبيقات الميتاڤيرس على قطاعات سياحية متنوعة؛ حيث أثبتت الدراسات أنه متوقع أن يصل عدد مستخدمي تطبيقات الميتاڤيرس إلى حوالي مليار مستخدم.

إن الدمج ما بين الواقع والخيال بات أمرًا حتميًا، لكن يجب أن نعلم أنه مهما وصلت إليه التقنيات في هذا العالم، فإنَّ السائح لن يتنازل أو يستغني عن التجربة السياحية الواقعية ذات البُعد الإنساني والثقافي.