جهود جون ديوي الفلسفية والتربوية

 

أحمد العامري

ولد جون ديوي الفيلسوف وعالم النفس الأمريكي، في مدينة برلنجتون بولاية فيرمونت الأمريكية في العشرين من شهر أكتوبر عام 1859م لأسرة ميسورة الحال، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدينته وتعليمه الجامعي بجامعة فيرمونت؛ حيث درس اللغة اللاتينية واليونانية والهندسة التحليلية والفلسفة الإغريقية.

وبعد تخرجه عمل في سلك التدريس لفترة من الزمن في إحدى المقاطعات، ثم ما لبث أن عاد لمواصلة دراساته العليا في الفلسفة والتربية فحصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة جون هوبكنز عام 1884م، وبعد حصوله على الدكتوراه عمل في التدريس بجامعة مينسوتا وجامعة ميتشجن.

جون ديوي أحد رواد الفلسفة البرجماتية ومؤسسيها وصاحب فضل في استمرار الفلسفة البرجماتية إلى وقتنا الحاضر. وأفاض بالحديث عن ربط النظريات بالواقع من غير الخضوع للنظام الواقع والتقاليد الموروثة مهما كانت عريقة. ألف العديد من الكتب الفلسفية وكتب المئات من المقالات عن عالم الفلسفة. فهو الناطق بلسان الفلسفة الإمريكية والحامل للوائها.

في عام 1896، أنشأ ديوي المدرسة النموذجية في مدينة شيكاغو وقد تسمى مدرسة التطبيقات أو مدرسة المختبر وأيضًا مدرسة المعمل؛ حيث اتخذها حقلًا لتجربة نظرياته وآرائه التقدمية في التربية. وحاول تقييم مبادئ هذه المدرسة وإدارتها على مبادئ الفلسفة البرجماتية.

ويرى جون ديوي أن التربية هي الحياة نفسها وليست مجرد الإعداد للحياة، كما أعطى جون ديوي أهمية كبرى لعامل الخبرة في العملية التربوية وآمن بأنَّ التربية الصحيحة إنما تتحقق عن طريق الخبرة، والخبرة يجب أن تتسم بالاستمرار وأن تكون متصلة بالخبرت السابقة وممهدة ومسهلة للخبرات اللاحقة. وتحدث بإسهاب عن طريقة المشروع، وحل المشكلات في التدريس.

ويرى ديوي أن أسلوب المحاضرة من الطرائق القاصرة في التعليم ومنافعها محدودة لأنها لا تتيح الفرصة للمتعلم كي يستكشف الواقع، ويجمع المعلومات، ويقيس الأمور، ويبحث عن الحلول. لهذا فإن أسلوب السعي في حل المشكلات القائم على حرية المتعلم أكثر إيجابية وخير من الدروس التقليدية القائمة على محاضرات المعلم التلقينية. وهكذا فإن جون ديوي لا يتفق مع طريقة جون فريدريك هربرت في توصيل المعلومات عبر خطوات منهجية في عرض الدرس لأن الطالب سيكون سلبيا فالمعلومات تأتي إليه في الفصل ولا ينجذب إليها.

فرَّق ديوي بين العادة والمعرفة فالعادة دون المعرفة لا تسمح لصاحبها بالتغير ولا بالتجدد؛ بل تجبره على أن يسير في عمله على خطى سير الماضي.

والفلسفة عند ديوي ترسم مسارات التعليم ولا يمكن الفصل بين الفلسفة والتربية فالأول يقدم التصورات الضرورية والثاني يمثل التطبيق العملي لتلك التصورات. إنَّ إسهامات ديوي يمكن تصنيفها تحت العلوم التربوية والفلسفية والنفسية والسياسية.

وإذا أردنا أن نوجز فلسفة وعقيدة ديوي التربوية فإن التعليم الأمثل عنده هو الذي يغرس مهارات ولا يكدس معلومات، وهو الذي يلامس متطلبات الواقع، ولا ينغمس في تقديس الماضي. وربط جون ديوي بين ميدانين مهمين في حياته؛ وهما: الفلسفة والتربية.

تعليق عبر الفيس بوك