خالد بن سالم السيابي
فقدتْ محافظة جنوب الباطنة عالمًا من علمائها، حيث غيَّب الموت الشيخ الجليل والعالم الفقيه والأديب الكبير مهنا بن خلفان بن عثمان الخروصي، وقد ودعت ولاية العوابي ومحافظة جنوب الباطنة وعموم سلطنة عمان أحد أعلامها المتأخرين؛ إذ كان منظومة متكاملة من العلم في شخصه الكريم.
رحل الشيخ مهنا بن خلفان الخروصي تاركا إرثا علميا وأدبيًا وثقافيا ودينيا لا ينضب، فقد اجتمعت معه كل العلوم وأخرج لنا من مختلف الفنون وله من الإنتاج العلمي والأدبي والديني والتاريخي كنز زاخر من كنوز التراث العماني والعربي. رحل العالم الجليل الشيخ مهنا بن خلفان الخروصي وهو من الأعلام المتأخرين ومصدر من مصادر التاريخ والأدب والثقافة والفقه، فقد كان مرجعاً لكل من أعياه البحث، وأجهدته المصادر والمراجع، تذهب إليه فتود ألا تخرج من عنده، وتجلس معه فتود أن الساعات تتوقف لتأخذ من علمه ما يمكنك أخذه.
رحل صاحب العمامة البيضاء الذي طاول بها كل العلماء مكانة ورمزا ورفعة فكان يفوقهم قامة، رحل ولم ترحل آثاره ولا أفكاره ولا كتبه رحل الجسد فبقيت الروح معنا، فرحيل آخر العلماء وأكمل الشعراء والأدباء هو حياة جديدة لما تركوه لنا، رحلت ولكن أبياتك الجميلة باقية فقد خلدت بها العلماء والسلاطين والشعر والأدب رحل آخر الشعراء من كان يصنع من الشعر طوقاً بديعًا فعجز عنه المتأخرون.
رحلت يقينا كجسد ذهب إلى الثرى ليظل ثراه الطيب معنا، ولكن الصورة باقية، والحديث العربي بلغة القرآن نحوا، وأدبًا، وتراثا، وفقها باقٍ، وأحاديث العلماء ومرجع الفقهاء والأدباء لن ترحل مها طال الزمان.
ستبكيك سوني لتندب آخر علمائها الذين سطروا اسمها في صحفات الكتب، رحلت لتتذكرك آخر قطرات فلج سوني الذي كنت تدونه في دفترك الخاص لتشرب من حبرك الغزير كل بساتين العوابي.
فمثلك من العلماء لا يرحلون، يولدون من جديد مع كل صفحة كتاب كتبوه، لتظل صورتك في كل ورقة نقرأها وفي كل بيت سطرته لتكون بداية العام الهجري الجديد كل سنة ذكرى للتأريخ وتُؤرخ في التقويم.
رحمك الله الشيخ الجليل مهنا بن خلفان الخروصي... وإنا لله وإنا إليه راجعون.
