هل هناك حاجة للمُعلم؟

 

وليد بن سيف الزيدي

قبل ظهور شبكة الإنترنت العالمية، كان يُنظر للمعلم على أنه المصدر الأول في تعليم الطلبة للعلوم والمعارف والمهارات المختلفة، ولكن بعد ظهور شبكة الإنترنت وانتشارها وما صاحبها من تطور وانتشار للأجهزة التي تعمل على تلك الشبكة على المستوى الفردي والمؤسسي؛ لم يصبح المُعلم هو المصدر الوحيد في تعليم العلوم والمعارف، وهذا أمر نلاحظه وندركه ونعيشه في واقع اليوم وهو في تزايد مستمر.

إذن، يُفهم من الأسطر السابقة أن الحاجة للمُعلم داخل الغرف الصفية أصبحت ليست بنفس تلك الدرجة من الأهمية التي كانت في العقود التي سبقت هذا العقد من الزمن؛ وذلك لوجود مصادر متعددة ومتنوعة ويمكن اختيار ما يتناسب منها مع قدرات وميول الفرد في اكتساب المعارف والمهارات في مختلف العلوم. فكيف يمكن تغيير الفكرة الواردة في الأسطر السابقة والسائدة في أذهان البعض؟

سؤال جيد.. يمكن تغيير تلك الفكرة بتغيير فكر المُعلم من المُعلم نفسه في التعامل مع واقع التعليم المتعدد المصادر في ظل شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت)، وما يتبع بعد ذلك من تغيير في أسلوبه في التعامل مع هذا الواقع من التعليم أثناء المواقف التعليمية داخل الغرف الصفية وخارجها. والذي بدوره ومع مرور الزمن سيؤدي إلى تغيير فكر الطلبة وأسلوبهم كذلك في التعامل مع واقع التعليم أثناء نفس تلك المواقف التعليمية أو غيرها.

فكيف يتم تغيير فكر وأسلوب المُعلم والطالب مع الواقع التعليمي في ظل انتشار شبكة الإنترنت؟

إنَّ التعامل مع الواقع التعليمي اليوم لا يمكن أن يحصر في المُعلم والطالب، وإنما هناك عناصر أخرى مرتبطة بهذا الواقع، كالمنهج الدراسي والمبنى المدرسي وأدوات التقويم ومدى وفرة وجودة معينات التعليم وخاصة التكنولوجية منها. ولكن هنا أشير إلى المُعلم والطالب بحكم سهولة وسرعة التعامل مع الواقع التعليمي أثناء تأدية المواقف التعليمية بينهما. فيكون هذا التعامل مع الواقع التعليمي من خلال توجيه المُعلم لطلابه وضبطهم وغرس الأفكار والقيم السليمة والمهارات المواكبة لتطور واقعهم التعليمي الذي يعيشونه، ويكون هذا التعامل من المُعلم كفكر وأسلوب وثقافة تعبر عنه وتميزه عن غيره في تعامله مع المواقف التعليمية، وليس كمصدر للمعرفة فقط، وألا يكون هذا التعامل وَقتيّ ينتهي بانتهاء الموقف التعليمي. ويكون الطالب هو الآخر كخلية النحل في الحركة والنشاط وتنفيذ المهام الموكلة إليه داخل وخارج الغرفة الصفية وليس مستقبلًا للمعلومات فقط. وبهذا ومع التكرار طيلة العام الدراسي يصبح هذا الوضع في استمرار وتطور وتمكين لفكر وأسلوب وثقافة المُعلم والطالب على حد سواء.

نعم.. فهل يمكن أن تشمل هذه الأسطر جوانب أخرى كأستاذ الجامعة أو الصيدلي أو العالِم؟

نعم يمكن ذلك؛ فلكل منهم فكره وأسلوبه وتجاربه وخبراته وثقافته التي اكتسبها من خلال مسيرة حياته الطويلة بجوانبه المختلفة، وأصبحت جزءًا منه وتعبر عنه وتشير إليه. وهذا يقودنا إلى نتيجة مفادها في ضعف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قدرتها على السيطرة والحديث بفكر وأسلوب وخبرة وتجربة وثقافة الفرد.  

والله الموفق...،

تعليق عبر الفيس بوك