أهمية المرأة للعمل!

 

 

يسرى العلوي

رغم أننا نصارع التطور التقني، إلا أنَّ عمل المرأة لا يزال من المواضيع التي تُناقش في العديد من الجلسات العربية، وعلى الرغم من تطور المرأة العربية وتبوأها مناصب عدة، إلا أن بعض المجتمعات الضيقة ترفض عملها خارج المنزل، وتُخنق مهامها في نطاق يبدأ من المطبخ والتنظيف وينتهي بتربية الأبناء والاهتمام بالزوج، متناسين أهمية عمل المرأة ودوره في تحسين المستوى المالي والاجتماعي لعائلتها، خاصّةً عندما تستطيع أن تلعب على وترالموازنة بين العمل والأسرة.

إنَّ عمل المرأة يزيد من تقديرها لنفسها، ورغبتها الدائمة في التعلّم، وتنمية ذاتها ومهاراتها، وتفكيرها بأمور مهمة ورسم خطط مستقبلية، والابتعاد عن المشكلات السطحية التي ينتجها الفراغ والوحدة والانعزال في المنزل، والنقطة الأهم أنه يساعدها في التغلّب على فكرة التمييز بين الرجل والمرأة.

ومن الاختلافات الأخرى التي تطرأ على المرأة العاملة هو اهتمامها بالقضايا الإنسانية، والمؤسّسات الخيرية، ومساعدة الآخرين، وقدرتها على نقل وإيصال المعلومات المعقّدة بطريقة بسيطة وسهلة، مما ينعكس إيجاباً على منزلها وعلاقتها بزوجها وأطفالها، بل ومن خلال هذه الشخصية المتوازنة فإن أبناءها يصبحون أكثر وعياً وإداركاً لأمور الحياة، وتبني في داخلهم شخصية مستقلة غير اتكالية بشكل كامل على الأم.

ولكن ماذا عن أهمية عمل المرأة للمجتمع ككل؟ كما قرأت في العنوان "أهمية المرأة للعمل" وليس العكس، دعونا نتوقف لحظة عند هذه النقطة ونفكر سويًّا بأهمية الأمر.

هل خطر في بالكم يوماً أن وجود المرأة في العمل "مفيد للعمل" وليس للمرأة فحسب؟ طبعاً، لأن وجود المرأة في بيئة العمل يزيد فرص الإبداع والابتكار، إذ أثبتت الدراسات أنّ تنوّع الأجناس في بيئة العمل يُعزّز الإبداع ويفتح أبواب الابتكار، ويساهم برفد بيئة العمل بتجارب وخبرات مختلفة لأداء المهام الوظيفية بطرق وأساليب جديدة؛ الأمر الذي شجع كبرى الشركات حول العالم إلى خلق تنوّع بين موظفيها من حيث الجنس، والعمر، والثقافة، وغيرها.

كما أنَّ الشركات التي توظّف النساء في المناصب العليا يقلّ فيها التمييز القائم على الجنس، وتوظيف عدد من النساء يُشجّع الإدارة على زيادة نسبة العاملات النساء في الشركة مع مرور الزمن، وبالنتيجة التقليل من التمييز بين الجنسين كما ذكرنا.

ومن خلال الصورة السائدة للمرأة متعددة المهام التي تجيب عن مكالمة هاتفية وتحمل طفلها على يدها وتتابع برنامجاً تلفزيونياً، في نفس الوقت الذي تقوم فيه بالطهي، يمكنك أن تعلم وتتأكد، أن المرأة تستطيع أن تنجز العديد من المهام في الوقت ذاته، الأمر الذي سيسرع عجلة الإنتاج، بل ولأنها تستطيع أن تمسك العمليات الحسابية والمشتريات أكثر من الرجل، سيزيد ذلك المردود المالي للمؤسّسة!!!! نعم كما قرأت، لأن المؤسسات التي تتولّى النساء فيها المناصب تتفوّق بنسبة أكبر ماليّاً على الشركات الأخرى؛ إذ تُشير الدراسات إلى أنّ المؤسّسات التي تضمُّ كلّاً من الجنسين تكون إيراداتها أعلى من المؤسّسات الأقلّ تنوّعاً، حيث تصل الشركة إلى نسبة مبيعات أعلى، وبالتالي تزداد أرباحها.

ومن المميزات الأخرى التي تزيد من أهمية عمل المرأة للعمل ذاته هو تحسين بيئة العمل كما بيّنت الدراسات، فزيادة نسبة النساء في مكان العمل يؤدّي إلى تحقيق نسبة أعلى من الإخلاص في العمل، والرضا الوظيفي، والعمل الهادف، لما تمتلكه المرأة من دور مهمّ في تشجيع الموظّفين على العمل، ورفع كفاءتهم، وذلك من خلال إنشاء بيئة عمل تفاعليّة تحفّز الموظّفين على بذل أقصى جهد لديهم لتطوير المؤسّسة.

ماذا عن الفجوة في المهارات بين الموظفين؟ هل تعتقدون أن لوجود المرأة أثرا سلبيا أو إيجابيا؟

يتوافد للمؤسسات موظفون من خلفيات معرفية وخبراتية مختلفة مما يخلق فجوة في المهارات، وهي مشكلة سهلة الحل بالنسبة للمؤسسات التي التي تضمُّ نسبةً أعلى من النساء ضمن طاقمها، ليس فقط لأنّ مستويات التعليم بين النساء غير العاملات أعلى مقارنةً بالرجال، بل لامتلاك المرأة الصفة الفطرية التي تجعل منها مربية وأماً ومعلمة، تحاول تعليم زملائها في العمل المهارات اللازمة حتى وإن لم يطلب منها ذلك، كما أن قدرة المرأة على حل المشكلات ومهارتها في توزيع المهام وبناء فرق عملٍ مميّز؛ وامتلاكها مهارات عالية في تكوين العلاقات، والتفاعل مع الآخرين، وتقدير جهودهم في مكان العمل، يساهم في زيادة مستوى إنتاجية المؤسسة.

كما أن زيادة أعداد النساء العاملات دفعت أصحاب العمل إلى تقديم تسهيلاتٍ جديدةٍ، من أجل تحقيق التوازن بين حياة المرأة العائلية والمهنية، كتوفير أماكن لرعاية الأطفال، ووضع أجهزة الصراف الآلي في مكان العمل، وغيرها من التسهيلات التي لم تكن موجودة قبل دخول النساء للعمل، وحصد فائدتها كلا الجنسين.

فتصور عزيزي القارئ بعد كل هذه النقاط التي ذكرناها، والفوائد التي يجنيها المجتمع من عمل المرأة، بل ومن توليها مناصب قيادية وإدارية، أن يأتي أحدهم ويسألك: ما فائدة وجودهن في العمل؟ أو تسمعه يقول: بيت المرأة هو مملكتها.. تصور يا رعاك الله!

تعليق عبر الفيس بوك