حاجات منسية

 

 

مريم الشكيلية

يتبادر سؤال إلى الذهن: ماذا نحتاج اليوم؟ قد يجيبك البعض بالكثير من الاحتياجات لأن السؤال عريض وسؤال مفتوح. هناك احتياجات كثيرة للإنسان منها ما هو أوَّلي ومنها ما هو غير ذلك، وهناك احتياجات تختلف في ترتيبها عند كل شخص كل حسب وضعه وحياته وهنا تكون الأولويات تختلف من شخص إلى آخر.

ولكن هناك حاجة مفقودة في هذا الوقت وهي الحاجة إلى الحديث والفضفضة، وهذا ما أود الحديث عنه في هذه السطور البسيطة.

عندما نتحدث إلى أحدهم هو في الحقيقة نخرج من مكنونات النفس ما يعتريها من شجون وفوضى وهموم وإننا عندما نشرع في البوح عن ما يعكر صفو مزاجنا أو يومنا أمام شخص نثق به نشعر بتلك الراحة النفسية العميقة وأكثر من ذلك عندما يصاحب حديثنا اهتمام المستمع لنا وبما نقوله وكأنه يساعدنا على إذابة ذلك الجليد من صدورنا أو إزاحة تلك الصخرة التي تجثو علينا وبعدها نشعر وكأننا أزيلت تلك الأحمال عنا ونشعر بالهدوء والراحة.

اليوم، العالم غارق في السرعة في كل شيء حتى أبسط الأشياء والأعمال التي نقوم بها اليوم تسير وتنجز في سرعة فائقة، لدرجة أننا نسينا حتى أن نجلس بهدوء ونأخذ متسعًا من الوقت لأنفسنا ولغيرنا لنستمع لبعضنا البعض.

لماذا نشكو اليوم من كثير من الأمور والضجر والعزلة والضيق والحزن والفراغ الذي نسبح فيه، ذلك لأننا في الحقيقة لا نجد من يستمع إلينا أو لا نجد من نتحدث معه عن كل هذه الأمور، ولربما البعض يراها بسيطة وغير مرئية أو غير مهمة، ولكن في الحقيقة هي غير ذلك، هي من أهميتها أن ممكن للإنسان أن يلجأ إلى الانتحار أو إيذاء نفسه أو السير في طرق ملتوية وغير آمنة برفقه صحبة سيئة أو يكون عرضه للاستغلال.

عندما نجد أنفسنا بعيدين عن من يستمع إلينا أو نعيش في بيت صارم تخاف أن تتحدث فيه عن همومك واحتياجاتك نصبح أفرادًا مكبوتين، ويؤثر هذا على حياتنا بكل جوانبها، وأيضاً نصبح أناسًا غير فاعلين في مجتمعنا، نصبح كالإشباح أجساد فقط لا حياة فيها.

إنَّ هناك الكثير مما نريد قوله لأحدهم، إما هموم مستقبلية تخص المستقبل، أو أمور حدثت لنا نود إخبار أحدهم بها لمساعدتنا في حلها، أو مخاوف نحتاج المساعدة فيها لإزالتها.

فعلاً الحديث والبوح هو الحاجة المفقودة اليوم، ومنسية عند البعض، نحتاج لإعادة النظر فيها وتداركها قبل فوات الأوان.

تعليق عبر الفيس بوك