أضواء منسية تعرفها ميرابيلا (4)

 

 

مُزنة المسافر

 

 

تعلمت أن ألعب أدوراً كثيرة.

أحياناً أكون الحبيبة المظلومة.

وأحيانا أكون الصديقة الطيبة.

وأحيانا أكون اللصة الشريرة.

التي تسرق الأفئدة والقلوب.

وأتفائل أكثر حين يكون الدور يملأه الخير.

حينها يحبني الجمهور أكثر.

ويتعاطف معي.

ويبكي أحياناً.

حتى أن جارة لي قالت لي ذات مرة.

حين كنت ألقي عليها تحية الصباح على الشرفة.

 

لو كنت مكانك.

لما فعلت ما فعلته.

وتركت كل شئ ومضيت.

 

وضحكت أمام اندماجها لكنني لم أشرح لها.

أنه دور أقوم به.

وأنني أمثل.

وكان هاتفي الذي استعرته من مكتب باولو.

 يرن ليلاً.

الجميع يسألني أسئلة كثيرة.

وكنت أجيب بلغة فيها كياسة.

ولباقة.

تشبه أبناء المدينة.

فيعتقدون أنني منها.

ولا يرى أحد في ملامحي.

وعيناي أنني من الضيعة الصغيرة.

الوضيعة.

من هناك سيصفق لي.

ولمجدي هذا.

هم لا يفهمون ولا يفقهون.

شيئاً عن الشاشة الفضية.

والأمور الذهبية.

اللامعة الشعشاعة.

كيف سأخبرهم أنني أصبحت نجمة.

 

سيروني طبعاً وسط السماء الحالكة.

وسيكون بين النجمات اسمي ورسمي.

وسيكون لي مكانة ما بين الليل المعتم.

 

لكن الليل لا يطيل نفسه في الضيعة.

ويطويها باكراً.

سامحاً للجميع أن يفيقوا.

فينطقون نطق الحياة الدؤوبة.

التي فيها عمل ووجل.

من الماركيز.

وعمدة البلدة.

وأحيانا يخشون.

أن ينساهم الحصاد.

فلا تفيق الكروم.

وتعيش السبات.

أو تنضج الثمرات أكثر من اللازم.

فتصبح فاسدة غير صالحة.

لأي شيء.

 

هكذا هي الضيعة.

تعيش الضياع.

ولا يمكن لأي شياع أن يوقظها.

عدا شئ واحد.

حين يأتي ابن الماركيز.

جوليو.

ويكون حديثه مع المزارعين.

حديثاً جدياً.

كان يحييني قبلهم.

ويصهل خيله حين يراني.

ويبتسم.

لكنه يبتعد بعد النجوم عني.

فلا أراه مُقبلاً.

شهوراً كثيرة.

 

وحين يعود يخفق قلبي.

وأرى نفسي تتوه وأنا أراه.

وأجمع خيلائي وكبريائي.

الذي وقع أمام هيبته.

فيحدثني عن ما ينقصنا في الحقل.

 

كيف لي أن أخبره.

أن قلبي ينقصه عطفه.

 واختار أسفل الأغصان أن أراه.

لأجد نفسي منتشية.

وسعيدة.

 

وكم وددت أن يحدثني عن شئ آخر غير الحقل.

شئ بعيد عن ما يعرفه هذا العقل.

لكن لا.

لا يفعل.

 

ولا يفكر في ابنة الفلاح.

 بالتأكيد سيفكر في امرأة أخرى.

من مالكي الحقول.

المقبلين على الثروة.

 

لكن يا جوليو.

ابنة الفلاح قد صارت نجمة.

تسطع وتلمع كل ليلة.

في سماء عقلك.

وحين ترغب أن تراها.

وتسمع عنها أمراً ما.

 

ستغطي لمعانها الغيوم.

وستخبرك أنه لا يمكنك هنا أن تحوم

 وسط أفكارها.

وأنت في نواياها لست بمرداها.

ابق مكانك.

حيث الخيل والإسطبل.

وذاك الكرم والحقل.

 

واجعلني أنا في مكاني.

حيث انتمي.

وسأرتمي على جرحك.

واصنع ألمك واغيب فرحك.

لأنك لن تجدني وسط جمهور الحقل.

أنا الآن لي جمهور آخر.

ساهر فقط على وهجي.

تعليق عبر الفيس بوك