أضواء منسية تعرفها ميرابيلا (3)

 

 

 

مُزنة المسافر

 

كان مشهداً مليئاً بالمفاجأت.

حين طلب مني المنتج باولو.

أن أؤدي دور الضائعة والتي تحوم بمظلة.

أسفل مطرٍ شتوي صناعي.

يأتي من خرطوم مياه معلق فوق أكتاف بضع رجال.

 

لا أعلم ما علي قوله.

كانت تملي علي القارئة العبارات التي كنت أنساها كثيراً أمام الكاميرا.

وكان علي أن أمثل دور الحبيبة التي تنتظر الخلاص من الماضي.

 

  • أنا لست المناسبة لك.
  • لماذا تقولين هذا؟.
  • لأنني ببساطة لست المناسبة لك.
  • لكننا نحب بعضنا كثيراً.
  • أنا آسفة لقد تلاشى هذا الحب بالنسبة لي.

 

وطلب باولو المنتج من الممثل أن يدعي أنه حزين للغاية.

وطلب مني أن ابكي بدموع غير صادقة.

لكن عيناي لم تعتاد البكاء إلا أمام حلقات البصل التي أعد فيها العجة.

 

وضغط علي باولو : ابكي يا ميرابيلا.

ودعيه يلحق بك.

 

وفعلت وضعت بصلة صغيرة في جيب المعطف.

حتى ابكي بصدق.

وبكت عيناي.

بكاءً أعُجب به باولو.

وسمعت تصفيقاً حاراً.

وبكيت أكثر.

وقف باولو.

ونظر نظرة إعجاب كبيرة وقال لي.

كنت مقنعة.

 

لا أعلم هل كانت حلقات البصل المختبئة في معطفي هي المقنعة أم أنا.

وكانت مفردة قالها لي باولو كثيراً.

واكتشفت لاحقاً أنه لا يقولها لأحد غيري.

 

ودعاني ذات ليلة مع مجموعة مهمة من المنتجين في السينما.

وكان بينهم امرأة جميلة للغاية.

شعرها الأشقر يخبرك أنها من مكان بعيد.

وكان الغليون في فاهها يصدر بضع دوائر مزعجة أمام وجهي.

وعيناها تنظر نحو شبابي في عطف كبير.

لسني الصغير.

وقوامي المتواضع.

قالت لي متبجحة : لن تصبحي نجمة إن ظل شعرك بهذا اللون يا فتاة!.

 

قلت لها: لا اعتقد أنني قد أصبح شقراء يوماً ما.

ليس لدى عائلتي أي علاقة بلون آخر غير الكستناء.

 

امتعضت الشقراء وسقطت شوكتها من على الصحن.

وأكملت ثرثرة لم تهمني مطلقاً.

 

وبعدها بأيام قليلة.

صارت الألوان تظهر في عقلي.

كلما وقفت أمام فيترينا صالون نسائي.

ووجدت نفسي أود أن أرى خصلات شعري بلون فاقع.

أو لامع.

 

وقررت أن أصبغ شعري صِبغ النحاس.

وكان يناديني صاحب البقالة حين اشتري بضع برتقالات.

 

 

 

ويقول : إنها بلون شعرك.

ويصدر قهقهة تزعج يومي بطوله.

أجيبه بنبرة غاضبة

إنه التغيير المثير.

الذي سيصنع مني نجمة.

 

وفي نفس اليوم.

انتقدني ريكاردو كثيراً.

وطلب مني أن أكون حقيقية.

لكنني أجبته أنه تغيير مؤقت.

وأن دوري بحاجة إلى هذا اللون الغريب.

 

وكان الألق واضحاً على نفسي.

وقلبي.

وكنت أفرح حين يميزني الجميع بين كل الناس.

ويراني الشبان والفتيان.

مميزة.

 

وهكذا شعرت أكثر أنني اقترب من النجومية أكثر.

رغم أنني لم أعد اسمع التصفيق كثيراً.

إلا إذا وجُدت في صالة سينما بين الحضور.

 

البعض يغط في نوم عميق.

أو يتشاجر.

أو ينسجم مع الفوشار.

وحين يأتي مشهدي.

 

يصدحون : الفتاة وصلت!، الفتاة وصلت!.

أحياناً يتذكرون اسمي.

وأحياناً يسهون عنه.

 

فأهمس في أذن طفل ما.

إنه ميرابيلا.

فيصرخ الطفل صادحاً: ميرابيلا!.

فيحفظ كل من في الصالة.

اسمي.

ويرددونه كثيراً.

وحين اترك المكان.

اتمشى قليلاً قرب النهر.

وأرى نفسي أقف أمام جسر.

وأردد لنفسي اسمي الجديد حتى احفظه جيداً.

تعليق عبر الفيس بوك