أضواء منسية تعرفها ميرابيلا (2)

 

مُزنة المسافر

 

كان ريكاردو يخبرني كل ليلة.

حين ينتهي التدريب.

أنني ولدت لهذا الدور.

ولهذا المسرح.

ولهذه الأضواء الرائعة.

 وأنني الآن لاسمي الجديد سامعة.

ميرابيلا المذهلة.

الملهمة.

وأنني وحتى ولو جئت من الضيعة الصغيرة.

الوضيعة.

 

سأكون امراة يتحدث عن مجدها الجميع.

وسيسعون في كسب ودها.

وقلبها.

وطبعاً ستتظاهر بالرفض.

لكنها سيعجبها هذا الإهتمام.

وهذا المكان.

وهكذا عشت التصفيق.

وكان من الصعب التصديق.

أن الجميع يهتف اسمي الجديد.

ميرابيلا. 

 

 

 

لم يعرف أحدهم أنني كيارا.

طبعاً لن يعرف أحد.

سأخفيه.

سأعتمه.

قلت في نفسي.

لن يسمع به أحد.

وحتى ولو رفعتُ سماعة الهاتف.

 

سأجيب : ألو ميرابيلا تتحدث.

 نعم ميرابيلا المذهلة.

 

صرت مذهلة في أيام قليلة.

وصارت الأيام أشهراً كثيرة متراكمة.

وصار وجهي يقف بغرور كبير.

على ملصق في المتروبوليتانا.

وطبعاً في محطات القطار جميعها.

وحتى على عبوات الحليب.

وجدت وجهي.

 

وطُلب مني ذات يوم.

أن أصور إعلاناً لشركة الحليب.

وابتسمت بشدة.

لأنهم قالوا لي النجمات تبتسم كثيراً.

ابتسمي يا ميرابيلا.

ابتسمي أكثر.

أكثر يا ميرابيلا.

برافو رائع رائع.

انتهى التصوير.

 

ووجدت نفسي في الحدائق المكتظة بالأطفال. 

ينادي أحد الأطفال على اسمي : أنت ميرابيلا.

 

واسمي الجميل.

يتكرر كخلفية لدوامة خيل في الحديقة.

ميرابيلا، ميرابيلا.

تتبعها أغنية ما.

 

اوقفني ذات يوم سائق أجرة.

إنك المذهلة ماراي ماراي بيل.

كان أجنبياً.

امتعضت لوهلة.

ليس اسماً صعباً حتى لا ينطقه.

لكنه نطقه في الأخير حالما أوصلني لصالة السينما.

 

وهناك وددت أن أكون مشهورة أكثر.

مثل فنانة عملاقة.

لا تأفل.

ولا تكبر.

وأكلت حبات الفوشار.

وأنا أتأمل نفسي وسط الشاشة العريضة.

وأرغب وأريد بشده أن تأخذني الحياة.

لمكان أجمل.

 

ويصفق الجميع لي.

ويعلو هذا التصفيق.

ولن أقوم بدور الضحية في الجريمة.

سأكون اللصة التي تسرق القلوب.

وتحتال على الآخرين.

وتصنع الذهول.

حان وقت المثول لميرابيلا.

 

لم أنم تلك الليلة.

لأنني نجمة اسطع كل ليلة.

هكذا كان يقول لي ريكاردو.

حين أشكو إليه أنني لم أنم جيداً البارحة.

وسعيت أن أقنعه أن السينما ملاذي.

والشاشة ستجلب المال.

والفرص.

 

امتعض ويأس.

واقترب مني ليخبرني بهدوء كبير.

الشاشات لغيرنا من الناس.

نحن نصنع مسرحاً يشبه مسارح العظماء.

 

قلت له:  يشبه؟!.

اذاً هو ليس مسرحاً عظيماً.

 

وقررت أن أنام كل ليلة جيداً.

واتأخر على التدريب.

حتى يكون يأس ريكاردو أكبر.

فيجد طريقة ما ليقف بجانب طموحي.

 

حتى جاء وقال لي أن له صديق سيأتي غداً.

إنه رجل معروف وقال كلمة سمعتها لأول مرة.

المنتج.

هو الذي يملك كل شئ.

وقد يملك كرامتك وكبريائك يا ميرابيلا احذري.

 

كانت المجازفة بالنسبة لي.

أفضل من الظهور على عبوات الحليب.

 

وجاء باولو.

واسم عائلته أشبه بأسماء المافيوزيين.

ولكنته حادة ومزعجة.

لكنه تأملني لوهلة وأنا أقوم بالدور.

 

قال لي: لماذا تودين أن تصبحي نجمة؟ 

لأنني أحب سماع الجمهور يصفق بشدة.

سألني باولو : ألا يصفق أحد هنا في مسرح ريكاردو؟

قلت له: يصفقون بامتعاض كما فعلت أنت للتو.

 

وهنا اقتنع باولو بروحي العنيدة.

وقال لي أنني من النجاح الكبير لست بعيدة.

وأنني سأسمع التصفيق كثيراً في حياتي.

تعليق عبر الفيس بوك