قلعة غصبار التاريخية.. شموخ يعانق السماء

 

 

سعيد غفرم

Said.gafaram@gmail.com

قلعة غصبار الأثرية، هي إحدى القلاع العمانية القديمة بمرتفعات جبل ناشب بمحافظة ظفار، على ارتفاع يزيد على 2000 متر، ويطل موقعها الإستراتيجي على عين طبرق وعين أثوم ووادي خشيم وسهل ناشب، ويحيط بها أودية منخفضة من جميع الجهات، ما عدا مدخلها الرئيسي من جهة الشمال، وحتى تصل إلى القلعة لابد من الذهاب سيراً على الأقدام لمسافة 2 كيلومتر تقريباً من الطريق العام؛ حيث لا يمكن الوصول إليها عن طريق المركبات.

وتعتبر قلعة غصبار التاريخية أيقونة معمارية شامخة تجسد عراقة التراث العماني عبر الأزمنة المتعاقبة؛ وذلك لما تحويه من أحجار كبيرة مرصوصة على بعضها البعض لتكوِّن برجاً أسطواني الشكل، وتشير الروايات المتناقلة إلى أنَّ عساكر السلطان المنجوي قد نقلوا تلك الأحجار من منطقة "ديراب" الواقعة على ضفاف خور صولي يداً بيد، وصولاً إلى موقع البناء والتشييد في أعلى قمة غصبار، والتي لا تزال معالمها الأثرية موجودة كبرج للمراقبة، وسور بأحجار صماء، وخندق ومخزن للمياه، ومسكن للعسكر الذين يشتغلون في حراثة المنطقة القريبة من عين طبرق وعين أثوم؛ إذ عملوا السواقي والجداول لري المزارع في السهل المحاذي لهذه العيون، والذي يعرف باللغة الشحرية "بحورث حور"، ومعناه "الحراثة السوداء" نظراً لخصوبة التربة فيه.

وتُشير الروايات المحلية المتواترة إلى أنَّ الذي بنى هذه القلعة هو السلطان محمد بن أحمد المنجوي الشحري، الملقب بـ"السلطان الأكحل" وهو أحد حكام الدولة المنجوية في ظفار في القرن السادس الهجري، وكانت مدينة مرباط مقرَّ حكمه وعاصمة دولته، واشتهر بالكرم والسخاء واهتم بالعلم والعلماء والتجارة وبناء السفن والزراعة وحراثة العيون المائية، وشرع في إقامة الحصون بالمدن الساحلية كالبليد وطاقة ومرباط.

كما بنَى الأكحل حصناً منيعاً في منطقة الحوطة بولاية رخيوت، ومعروف بـ"كوت المنجوي" وحفر بئر فضأ في وادي نحيز بولاية صلالة ويطلق علية باللغة الشحرية بـ"غور فضأ"، وهي بئر قديمة تقع في مدخل وادي نحيز، ويقدر عمقها بحوالي مائة قدم تقريباً، ناهيك عن آثار حصن حمران المعروف بـ"غاثو احيصن" وآثار "خيصت بن عثمان" في الحوطة بولاية رخيوت، وآثار "اشجرون" في ولاية مرباط، وسواقي عين ماء "أغارنوت" بوادي الشيخ أو "شعب الشيخ" بولاية صلالة...وغيرها من الآثار التاريخية القديمة التي تُنسَب إلى المنجويين في ظفار، والتي تعدُّ دليلاً على الازدهار الحضاري والتاريخي لظفار في تلك الحقبة الزمنية.

ومن هذا المنطلق، نرجو من وزارة التراث والسياحة والجهات المختصة الاهتمام بهذه القلعة التاريخية والمواقع الأثرية الأخرى المنتشرة في محافظة ظفار من خطر الاندثار، وإعادة ترميمها وصيانتها، وفتح طريق للوصول إليها بكل سهولة ويسر، لجعلها مزاراً سياحيًّا وأثريًّا ومقصداً للزوار والسياح على مدار العام.

تعليق عبر الفيس بوك