"التنمر" بين الطلاب آفة سلبية تهدد حياة الأفراد.. ومختصون: تصحيح السلوكيات مسؤولية الأسرة والمدرسة

 

◄البلوشي: الغيرة وضعف التحصيل الدراسي من أسباب التنمر بين الطلاب

◄ الصبحي: التنمر يخلف آثارا جسيمة على الفرد والمجتمع

◄ تنمية مهارات الحوار والتعاون وسيلتان للحد من السلوكيات السلبية

◄ على المدرسة دور في تفعيل اللوائح العقابية إذا تكررت السلوكيات السلبية

◄ الرحبي: الأهل يحتاجون إلى محاضرات توعوية لتقديم النصح للأبناء وتربيتهم بشكل صحيح

الرؤية- محمد الفارسي- هيثم الصبحي

 

يجمع كثير من الأخصائيين الاجتماعيين على أن التنمر لم يعد مشكلة عابرة تؤرق المجتمعات، بل أصبح ظاهرة تحتاج إلى تضافر الجهود للقضاء عليها، خصوصا في الأوساط التعليمية بين الطلاب سواء في المدارس أو الجامعات، مشيرين إلى خطورة هذه المشكلة الاجتماعية التي تزعزع ثقة الأفراد بأنفسهم وتؤثر على مستوياتهم الدراسية والمهنية وعلاقاتهم الاجتماعية، كما أنها قد تكون سببا في التفكك المجتمعي.

يرى علي البلوشي أخصائي اجتماعي أن التنمر يعرف بأنه السلوك العنيف أو التعسفي الذي يمارسه شخص أو عدة أشخاص تجاه آخرين بطريقة متعمدة ومتكررة، مما يؤثر على شخصيتهم بشكل سلبي ويخلق آثارا وعواقب خطيرة، موضحا أن ضحايا التنمر عادة ما تربطهم صفات مشتركة مثل عدم الثقة في النفس والإحساس بالفشل والسلبية والقلق والشعور بالوحدة والانعزال والافتقاد إلى تكوين الصداقات، والشعور بالإهمال من قبل الآخرين أو عدم الاهتمام بهم.

ويشير إلى أن أسباب سلوك التنمر بين الطلاب عديدة، ومن بينها غيرة الطلاب من بعضهم البعض أو المشاكل الأسرية التي تنعكس على سلوك الطالب في المدرسة، أو ضعف التحصيل الدراسي، بالإضافة إلى عدم اتخاذ قرارات صارمة تجاه المتنمرين ما يؤدي إلى مواصلة سلوكياتهم الخاطئة للاعتداء اللفظي والجسدي على الآخرين.

ويؤكد الأخصائي عيسى الصبحي أن التنمر لم يعد مشكلة عابرة في المجتمع لأنه يخلّف وراءه آثارا جسمية على الأفراد والمجتمعات، موضحا: "يعاني الأفراد الذين يتعرضون للتنمر من انعدام الثقة بالنفس وزيادة مستويات القلق والاكتئاب مما يؤثر على مستوياتهم الأكاديمية والمهنية وعلاقاتهم الاجتماعية.

ويلفت إلى أن أشكال ومظاهر التنمر في المدرسة أو العمل تتضمن السخرية والتحريض والإهانة وحرمان الأشخاص من الصداقات والعلاقات الاجتماعية وغير ذلك، وهو ما ينعكس سلبًا على حياة الأفراد سواء المتنمرين أو ضحاياهم، مبينا: "على سبيل المثال، يعاني المتنمرون من صعوبات في تكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية والتعامل مع الناس بشكل عام، وإذا تعلموا هذه السلوكيات في صغرهم فقد يستمرون في ممارستها دائما وسوف تؤثر على حساتهم المستقبلية، كما أن المتنمرين قد يعانون من مشاكل في الإدارة العاطفية والتحكم العصبي، مما يؤدي إلى تقلب مزاجهم باستمرار وزيادة نسبة القلق والإحباط والتوتر، ويكتسبون صفات سلبية مثل عدم القدرة على التعاطف مع الآخرين وعدم القدرة على تكوين صداقات حقيقية".

ويقول الصبحي إن التنمر المباشر بين الطلاب أو غير المباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قد يؤثر على الصحة العقلية والمستوى الاجتماعي للضحايا، ويتسبب في زيادة التوتر وعدم الشعور بالأمان في حياتهم وقد يلجأ بعض الضحايا للتفكير في الانتحار للتخلص من الإساءات والملاحقات من المتنمرين، مشددا على ضرورة توعية المتنمرين بالأثر السلبي لهذه السلوكيات والتي ستؤثر على حياتهم المستقبلية سواء في مراحل الدراسة المختلفة أو في بيئة العمل، وتنمية مهارات الحوار والتعاون لديهم، وذلك من خلال تكثيف الفعاليات والأنشطة التوعوية التي تستهدف هذه الفئة المهمة من المجتمع سواء من طلبة المدارس أو الجامعات، لبناء مجتمع متماسك وقوي وخالي من السلوكيات السلبية.

ويؤكد الصبحي أن الأسرة هي النواة الأصلية والأساسية لحل مشكلة التنمر، وذلك من خلال الجهود التي يبذلها الوالدين لتربية أبنائهم تربية سلمية وصحيحة وتوعيتهم بمخاطر التنمر وتعزيز الثقة بالنفس لدى الأبناء حتى لا يقعوا ضحايا لهذه الظاهرة، بالإضافة إلى علاج المشاكل الأسرية التي قد تنعكس آثارها على شخصية الأبناء فيفقدهم الثقة بالنفس ويجعلهم فريسة سهلة للتمنمرين، مضيفا: "كما يجب أن تتكاتف الأسرة والمدرسة لتقديم النصح والإرشاد للطلاب وتفعيل اللاوائح العقابية إذا ما تكررت السلوكيات السلبية من أحد الطلاب حتى لا يكون سببا في انتشار الظاهرة، كما أن الإعلام ومنصات التواصل عليها دور كبير في حملات التوعية".

ويعتبر أنه من الضروري أن تقوم المدرسة أو الجامعة بدور يسهم في العلاج النفسي للمتنمرين والضحايا، وذلك بالاستعانة بالأخصائيين النفسيين وبالتعاون مع الأسر ومؤسسات المجتمع المدني.

من جهته، يذكر المواطن وليد الرحبي أن من وسائل القضاء على ظاهرة التنمر هو تنظيم المحاضرات التوعوية الموجهة للأهل حتى يكون لهم دور فاعل في تعزيز ثقة أبناء بأنفسهم وتقديم النصح والإرشاد لهم، بالإضافة إلى تعزيز دور الأخصائي الاجتماعي في المدارس والجامعات باعتباره صاحب مسؤولية لتقويم سلوكيات الطلاب.

تعليق عبر الفيس بوك