اعرف حقك مع البعثة البريدية

 

 

حمود بن سيف السلماني *

بدايةً يجب على الإنسان أن يعرف حقوقه والتزاماته عند إبرام أي عقد من العقود، والحق والالتزام مُتلازمان، ويجب أن نعرف معنى الحق بشكل مُختصر جدًّا، وكلمة الحق هي مفرد للحقوق والتي تعني الأشياء التي يحق للشخص أن يفعلها أو يمتلكها بشكل أخلاقي أو قانوني، وتعتبر الحقوق هي القواعد الأساسية والمعيارية التي يسمح للناس بها أو يستحقونها، وفي المقابل يجب عليه أن يعرف معنى الواجب، والذي يقصد به ما  يتحتم على الشخص أن يفعله، ونعطي مثالًا بسيطًا على ذلك: عقد بيع المركبة، يجب على المشتري سداد المبلغ ليحصل على ملكية المركبة.

وفي أيامنا هذه، وتطور الحياة وسرعتها، استوجب وجود شخص شغله الشاغل فقط توصيل الطلبات إلى الأشخاص المعنيين جراء حصوله على مبلغ على ذلك، حيث كان سابقاً يتم الاستعانة بالطيور في توصيل الرسائل والأخبار، وفي بعض الأحيان تتم الاستعانة ببعض الكلاب المدربة على ذلك، وتطوَّر الأمر إلى إنشاء شركات متخصصة في إرسال الرسائل والطرود والبضائع وغيرها حول العالم؛ حيث إنَّ تطور الحياة وتبادل البضائع والمتنجات ما بين الدول، أصبح في حاجة ملحة لشركات التوصيل، والذي يهمنا في هذه الصدد هو البعثات البريدية المتخصصة في نقل الرسائل والطرود عبر شركات البريد.

ويُذكر أنَّ أول مكتب بريد تم افتتاحه في مسقط منذ أكثر من 150 سنة، أي في سنة 1864م، وهنا يتوجب علينا تعريف أو توضيح معنى البعثة البريدية والتي عرفها قانون تنظيم الخدمات البريدية (الرسائل والبطاقات البريدية والمطبوعات ومخطوطات المكفوفين والرزم الصغيرة والطرود البريدة...وغيرها من الأشياء التي يمكن نقلها عن طريق البريد وفقاً لأحكام اتفاقية البريد العالمية والاتفاقيات الدولية الاخرى ذات الصلة المعمول بها في السلطنة).

ويحقُّ لكل شخص أن يطلب من الشركة المختصة إرسال البعائث البريدية إلى العنوان الذي يرغب في إيصال الرسالة أو الطرد إليه، كما أنه يحظر على الشركة أو مقدم الخدمة البريدية الاطلاع على الرسالة أو البعثة البريدية بأي شكل من الأشكال، وذلك لسرية البعثية وعدم الاطلاع عليها وهذا الحق مكفول بقوة القانون، كما أنَّه لا يجوز مراقبة أو ضبط البعائث البريدية المسلمة لمقدم الخدمة، ولا يجوز الاطلاع على المستندات أو الدفاتر أو الأوراق مطلقاً إلا بناء على طلب أو أمر صادر من السلطة القضائية المختصة وهي المحكمة أو الادعاء العام.

كما أنَّ القانون اعتبر أنَّ البعائث البريدية قد انتُهِكت سريتها في حالات معينة؛ وهي: بالاطلاع عمداً على محتواها، أو إعطاء معلومات عن تلك البعائث أو التصريح بالاطلاع على المستندات والدفاتر والأوراق ذات الصلة، أو إفشاء محتوى البعائث البريدية أو ما مكتوب عليها، حيث إنَّه في حالة حصول أي من الحالات المذكورة تكون البعثة البريدية قد انتهكت سريتها، ويحق لصاحب العلاقة تقديم شكوى على ذلك وفق الإجراءات القانونية المحددة؛ حيث إنَّ بعض هذه الرسائل والطرود سرية للغاية، ولا يمكن الاطلاع عليها من أي شخص آخر ليس له علاقة، والأصل أن البعثة البريدية العادية لها حرمتها وسريتها العادية، وإن كان الاطلاع عليها لا يؤثر أو يضر بصاحب الحق، ولكن لخصوصية الرسائل والبضائع يتوجب عدم الاطلاع عليها، وحتى يتم تنظيم البعاثات البريدية وحفظ محتويات الأشخاص الراسلين والمرسل إليهم؛ فالضرر هنا معنوي أكثر من أن يكون ماديًّا.

ومن حق المرسل الحصول على ما يفيد بقيامه بتسليم مقدم الخدمة البعثة البريدية، ويكون الأخير مسؤولاً بالتعويض عن فقدان أو تلف البعائث البريدية أو تعطل أو تأخر تسليمها إلى المرسل إليه؛ حيث إنَّ عامل الوقت يكون مهمًّا لأصحاب العلاقة، فتأخُّر إيصال البعثة البريدية بدون أسباب قانونية أو قوة قاهرة يستوجب التعويض، في المقابل إذا فقدت أو تلفت البعائث البريدية يستوجب التعويض، وفي هذه الحالة يتوجب على صاحب العلاقة في حال قيامه بإرسال بعائث بريدية ثمينة لا تتجاوز قيمتها مبلغ الألف ريال عماني أن يفصح عن محتواها لمقدم الخدمة البريدية، وأن يتم التأمين عليها بمبلغ يعادل قيمتها؛ ففي هذه الحالة تكون مسؤولية مقدم الخدمة واجبة في المحافظة على تلك البعثة البريدية، وفي حالة فقدانها أو تلفها فإن التأمين هو من يتحمل قيمتها بموجب الاتفاق بين المستفيد وشركة التأمين، ويتكفل مقدم الخدمة بسداد قيمة التعرفة فقط.

ولكن إذا فُقِدت البعثة البريدية أو تلفت أو تأخر تسليمها، وكانت تحت مسؤولية مقدم الخدمة، ففي هذه الحالة يتوجب على مقدم الخدمة أن يعوض المرسل أو المرسل إليه وفق الحالات التي أشارت إليها اللائحة التنفيذية، ووفقاً للحدود المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة المعمول بها في السلطنة، ويكون التعويض بما يعادل القيمة المقررة في اتفاقية البريد للاتحاد البريدي العالمي (30 وحدة من حقوق السحب الخاصة) أو المبلغ المطالب به أيهما أقل، مع أحقية المرسل في استرداد قيمة التعرفة المدفوعة عدا أجرة التسجيل، وإذا كان الفقد أو العبث أو التلف الكلي ناتج عن القوة القاهرة ولا يد لمقدم الخدمة بها فيقتصر حق المرسل على استرداد قيمة التعرفة المدفوعة فقط.

وفي الختام، يتوجب على كل شخص وقبل أن يقوم بإرسال أي طرود ثمينة، أن يقوم بالتأمين على تلك البضاعة الثمينة وعليه الإفصاح لمقدم الخدمة عن تلك البضاعة الثمينة ليحفظ حقه كاملاً، لأن شرط التعويض يكون بالافصاح عن البضاعة الثمينة وفق ما تم توضيحه أعلاه، وقد يكون المستفيد يرغب في إرسال بعثة بريدية تتجاوز قيمتها مبلغ وقدره (1000 ر.ع) الف ريال عماني، إلا أنَّه لم يقم بالتأمين عليها أو بالإفصاح عن قيمتها لمقدم الخدمة، ففي حالة فقدان أو تلف البضاعة لا يحق له التعويض سوى بما يعادل القيمة المقررة في اتفاقية البريد للاتحاد البريدي العالمي (30 وحدة من حقوق السحب الخاصة) أو المبلغ المطالب به أيهما أقل.

* محام ومستشار قانوني

 

 

من طلب العلا سهر الليالي

الطموح، العمل ، النجاح

تعليق عبر الفيس بوك