إنهم يطلقون الرصاص


حمد الناصري


أثارتْ حادثة مقتل نائل الجزائري ابن السابعة عشر ربيعاً موجة غضب في أوساط الجالية المغربية بفرنسا، وطالب الغاضبون على وسائل التواصل الاجتماعي تويتر وفيس بوك بفتح ملف عنف وعنصرية فرنسية أزهقت روح شاب جزائري مُهاجر بدم بارد ، في مدينة نانتير من الضاحية الشمالية للعاصمة الفرنسية.
وقال أحد المُغردين ليست حادثة نائل ذي الأصول الجزائرية الأولى من نوعها، إذ تلجأ الشرطة الفرنسية إلى العنف المُفرط والقتل، إزاء ضحايا عُزّل من أصول مُهاجرة من دون ارتكابهم أي جرائم أو تهديدهم الأمن العام، وأغلبها تحدث أثناء عمليات مراقبة السير الروتينية. وهو ما يؤكد، حسب مراقبين، قرينة العنصرية التي تلاحق جهاز الأمن الفرنسي.
وحين قرر الشرطي الفرنسي قتل "نائل" بمسدس لم يكن يَعتقد أنّ أحداً يُمسك هاتفه ويُصوره من نافذة بيته خِلسة ، ليصوّر لنا مسرح الجريمة ، بطلها شرطيان يحميان المُجتمع بموجب قانون الخدمة الشرطية وبموجب حماية القانون من أية انتهاكات قانونية.
وكانت رواية الشرطيان بعد قتله وتنفيذ مخطط جُرمهما، بأنّ الشاب نائل حاول دهسهما فاضطرا لإطلاق النار عليه دفاعاً عن النفس!!!
وكمثل هذه الرواية الخاوية من أخلاقيات المهنة والخالية من أبجديات القانون الذي يحمونه بموجب قانون الخدمة الشرطية.
وللأسف، إنّ السلطات الفرنسية تبنّت الرواية الساذجة ونقلتها إلى الاعلام ، لتظهر ردة الفعل الشارع من خلال كاميرا هاتف لأحد الاشخاص قام بتصوير تلك الجريمة بتفاصيلها ، ويُظهر مقطع الفيديو المُصور سيناريو الحادث  الحقيقي وبدقة  مُفنداً ادّعاءات الشرطيين الكاذبة وأنّ الشاب لم يشكل أي خطر يستدعي إطلاق النار. عليه وقتله بهذه الطريقة البشعة وبدم بارد.
وقد أظهر الفيديو المُصور من كاميرا الهاتف أنّ الشرطي قد صوّب فعلاً مُسدسه تجاه المراهق الذي كان يقود سيارته دون رخصة تُخوّله بقيادة مركبته في شوارع باريس. وكان الشرطي يقف بجانب نافذة السائق وليس أمام السيارة ليخاف أنْ تدهسه السيارة، وقد أظهر الفيديو بوضوح تام أنّ الشرطي قد صَوّب فعلاً مسدسه اتجاه الشاب المُراهق. وقال له بصوت واضح "إذا تحركت خطوة فسأفرغ رصاصة في رأسك".
وذلك ما يدل في تحليلي أنّ نِيّة القتل كانت حاضرة من مُجرد معرفته بأنّ الشاب عربي، وأنه مُراهق.
إنّ هذا الحادث هو مثال من مئات الجرائم العنصرية التي تحدث في الغرب ويُتم التغاضي عنها لعدم وجود أدلة وتضيع دماء الشباب المُهاجر إلى أوروبا مُنخدعاً بشعارات الديمقراطية والحرية الزائفتين.
إنّ تأريخ الاستعمار والغزو الأوربي لدول أفريقية وآسيوية المُظلم لا يزال عالقاً في أذهاننا ولن يَمّحِيه الزمن ويبدو أنّ هناك نسبة لا يُستهان بها من شعوب أوروبا لا تزال بعقلية المُستعمر السيّد الذي يحق له فعل ما يشاء بشعوب القارتين.
لذا أرى أنه حان الوقت، وآن الأوان لإعادة النظر وتعديل هذه القوانين التي تمنع  "التصوير" فكم من جريمة طُمِست لعدم وجود ما يُثبت من أدلة ، وبالتصوير نُظهر الكثير من الحقائق.
ولولا وجود المقطع المُصور من هاتف أحدهم لما ثَبت حق عائلة الشاب الجزائري المغدور برصاص الحقد العنصري.
إنّ العُنصرية المُقيتة التي تحكم عقول سياسيين ورجال دولة في دول الغرب جاوزت كل الحدود بل أصبح لها أتباع ومُفكرين ويجب إطلاق حملات مُضادة لوقف تمدد هذه الافكار الاجرامية قبل أنْ تُصبح ظاهرة لا يُمكن وضْع حدّ لخطورتها وعلينا أنْ نُجابهها بالرفض.

تعليق عبر الفيس بوك