لا تكن مُتكلّفًا

 

وليد بن سيف الزيدي

سأكتب في مقال اليوم في موضوع قد يتفق معي فيه البعض والبعض الآخر قد لا يتفق، وهو أمر طبيعي؛ وقد يعود لأسباب عديدة، كضعف دور التوعية المجتمعية والذي يعد المسجد أو الجامع إحدى المؤسسات المجتمعية المهمة في موضوع التوعية المقرونة بواقع الفرد؛ وذلك بحكم التردد عليه خمس مرات في اليوم والليلة.

السبب الآخر يتمثل في رفض البعض لتغيير الفكر الذي فرضه واقع اليوم من تطور الوسائل والأدوات مع وجود السعة والبدائل المتعددة في التعامل مع العديد من مواقف الحياة اليومية. وأقول تغيير في الفكر لأنه يمثل ما يظهر على شخصية الفرد في تعامله مع ما يدور من حوله في جوانب حياته المختلفة.

وفي هذا المقال سيكون الحديث حول التَكلّف في بعض أمور الحياة، والذي يعني قيام الفرد بفعل ما يزيد عن قدرته وربما قد يصل به الأمر إلى إلحاق الضرر بنفسه والآخرين. ومن هذه الأمور ما يحصل في المقابر بعد دفن المتوفى والدعاء له مُباشرة من التدافع والتزاحم حول أهل المتوفى للسلام عليهم وتعزيتهم؛ إذ إنَّ من الجيِّد أن تكون أولوية التعزية في هذا الوقت للقادمين من خارج منطقة المتوفى الذين يصعب عليهم العودة للتعزية في يوم آخر. كما إنه من الجيد الاكتفاء بالتواصل هاتفيًا في حالة أن أهل المتوفى يقطنون في منطقة تبعد عن منطقة المُعزي ولا تربطه بهم صلة قرابة. كما يمكن أن تكون التعزية لأهل المتوفى عند اللقاء بهم في السوق أو المسجد أو مقر العمل دون التخطيط المُسبق لذلك.

ومثال ذلك ما يحصل من البعض من تكلف في مناسبات الزواج؛ حيث يتم استئجار أماكن تفوق قدرة صاحب المناسبة وما يُصاحبها من زيادة في كميات وأنواع من الطعام والشراب. وحيث يظهر ذلك متكررًا منذ إظهار رغبة الزواج (الخطبة)، ثم في يوم عقد الزواج، ثم في يوم إقامة العرس أو حفل الزفاف. وقد يتعدى الأمر ذلك ليصل عند البعض إلى تخصيص أيام وأماكن لإقامة حفلات الميلاد وما يشبهها.

ومن صور ذلك التكلف أيضًا بما يفوق على قدرة صاحبه، ما يحصل لدى البعض عند بناء البيت من المبالغة في عدد الغرف التي لا حاجة لها، وتزويده بأغلى أنواع الحجر والديكور والأدوات الصحية والأثاث. ونفس الأمر يقال عند شراء السيارة أو اختيار وجهة سياحية للذهاب إليها.

وعندما يفرض قائد المجموعة رأيه على أفرادها بضرورة إنجاز العمل في يوم واحد، وهناك إمكانية إنهائه في اليوم التالي؛ نقول له لا تكن مُتكلّفًا مع نفسك والمحيطين بك.

وبعد تعطيل أدوار أفراد الأسرة في المساعدة بأعمال البيت وزيادة عدد ساعات النوم وتعطيل بعض مهارات الحياة التي تُساعد مثل هذه الأدوار على اكتسابها، واستبدالها بالاعتماد على العمالة الأجنبية في القيام بتلك الأدوار؛ يصبح هذا الأمر فيه تكلف عندما يكون فوق المستطاع.   

ويمكن إضافة أمثلة أخرى في جوانب الحياة المختلفة تفيد نفس المعنى الذي جاء في هذا المقال.

وبهذا يمكن القول إنَّ التكلف الذي يفوق قدرة الفرد ويؤدي إلى إلحاق الضرر به ومن حوله ليس فقط في الجوانب الملموسة، وإنما قد يكون أيضًا في الفكر والتعامل مع المواقف. وأنَّ من أسباب السعادة هو البعد عن التكلف في القول والفعل، والرضا بما عندنا من الشيء اليسير.

فهل أنت يا أخي ممن يتفق مع ما كتب في هذا الموضوع أم لا؟ وما تبريرك لذلك؟

والله الموفق،،

تعليق عبر الفيس بوك