د. أحمد العمري
الزي العُماني الفريد هو ما يُميز العُمانيين بين شعوب المنطقة والإقليم والعالم أجمع، وعُمان واليمن هما الدولتان العربيتان اللتان لم يتغير اسمهما منذ قبل الميلاد، وحكاية العُماني مع الخنجر حكاية متصلة وضاربة في جذور وعروق التاريخ.
إنها حكاية العزة والفخر والكرامة والنخوة والفزعة والشهامة والسُّمو، وليس أدل على هذا من أنها شعار سلطنة عُمان، إضافة للسيفين العُمانيين المتقاطعين. ويكفي العُماني أن يرتدي الزي العُماني المتفرد، حينها لن يُطلب منه إثبات هوية أو تقديم دليل، فما بالك إذا توشح بالخنجر العُماني الأصيل.
إنَّ الزي العُماني المتميز بمثابة التوقيع والإمضاء بالإبهام وربما بكل الأصابع العشر، فما بالك إذا ترصع ذلك بالخنجر العُماني الذي يعتبر الدمغة أو الختم الذي يؤكد التوقيع.
ولقد لاحظت كما لاحظ الكثيرون غيري في الآونة الأخيرة أن بعض المسؤولين بدأوا يحضرون المناسبات الرسمية وحتى المصورة منها دون هذا الختم! ومن هنا نُطالب جميعًا بالتمسك بهذا الموروث الحضاري المتميز وهذا الختم الواضح والصريح وهذه الدمغة المحافظة على تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا.
هنا استشهد بمقولة أحد الإخوة الأعزاء الكرام في الجهة التي أتشرف بالانتساب إليها حاليًا، عندما أتفقنا أنه عندما لا يكون لدينا أناس آخرين من خارج نطاقنا أن نلتقي ونجتمع ونتناقش بدون لبس الخنجر، لكنه عارض بشدة وقال لي حرفياً "يا أخي أنا سنوات وسنوات وأنا ألبس الخنجر ولا أعرف أن آتي إلى أي اجتماع أو ملتقى رسمي دون الخنجر"، فتحية له ولمن على شاكلته من المحافظين على الإرث والأصالة والأعراف والتقاليد.
إننا لانريد أن نبقى كغيرنا الذين بقي تاريخهم وفقدوا هويتهم وولاءهم وحتمًا بعدها انتماءهم، على الرغم من أن الخنجر لا يُعيق مطلقًا التطور والحداثة ومواكبة العصر والتكنولوجيا والتنمية؛ بل يحافظ عليها وينميها ويدعمها، ولكن بالشخصية العُمانية وانفرادها وخصوصيتها دون غيرها.
لا أطالب أن يلبس الخنجرَ الموظفُ العادي أو سائق الشاحنة أو قبطان الباخرة أو قائد الطائرة أو المهندس أو المحامي أو المزارع أو الطالب أو صاحب أي مهنة، لكنني أطالب وأدعو وأرجو أن يلبس العريس الخنجر إن لم يضف لها الشال أو البشت، وكذلك في الأعياد والمناسبات الرسمية كلها.
إذا بدأنا نتهاون في الخنجر فأكيد سوف نتهاون تدريجيا في العادات والتقاليد والأعراف وحتى في السجية العُمانية المتماسكة المتوحدة والمتعاضدة التي يحس مسندمها بظفارها، وصورها ببريمها، ومسقطها بنزواها، وباطنتها بشرقيتها، ووسطها بظاهرها.
لقد رأينا شبابنا وهم يلبسون الملابس الغربية والشرقية في المجمعات التجارية والشوارع والأزقة، بحيث لا تعرف العُماني من الوافد، ولا نريد لهذا أن يزيد، ولا نريد أن نصل إلى لبس البدلة والبنطلون والقميص؛ بل يجب أن نلجمه ونوقفه!
كما إننا لا نريد الأفكار الدخيلة والتحزب وقد قالها السلطان قابوس طيب الله ثراه "التحزب نبتة كريهة ترفضها التربة العُمانية"؛ بل نريد أن نبقى على عاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا مع إيماننا بالتطور والحداثة، نريد أن يبقى صاحب السُّمو والسيد والشيخ والرشيد والمقدم، لأنه في هذه التصنيفات يبقى التراحم والتوادد والنخوة والفزعة والتعاضد والتضامن والإحساس والشعور المتبادل بالغير؛ حيث إننا إذا فرطنا في هذا فلن يكون البديل حتما سوى التحزب الذي لا يعرف منهاجًا سوى المصالح والمطامع فقط أجارنا الله من هذا الفكر والمنهج والتوجه.
إننا وبصوت واحد نناشد مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم قائد النهضة المتجددة وهو نبع الأصالة ومعدنها وجوهرها الثمين، إسداء التوجيهات السامية بالمحافظة على الأصالة والخصوصية والتميز العُماني المنقطع النظير، وهو خير من يقدر ويتفهم وهو الأدرى والأعلم.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.