"الموظف غير المرئي"!

 

د. فاطمة بنت محمد البلوشية

 

صدر كتاب "الموظف غير المرئي" باللغة الإنجليزية عام 2010، للمؤلفين أدريان جوستيك وتشيستر إلتون، وتولت الترجمة شيماء سليمان عن مؤسسة هنداوي المصرية عام 2016، وراجعته هبة عبد المولى، ونُشرت النسخة المترجمة عام 2017، ويقع الكتاب في 148 صفحة من القطع المتوسط.

ويتناول الكتاب الحديث عن ظاهرة بين الموظفين وتوصف بـ"الموظف غير المرئي" ويعرف بأنه الموظف الذي بذل الجهد وأخلص وتفانى في العمل ولكنه يشعر بالتجاهل وعدم التقدير من قبل الإدارة في بيئة العمل، ولهذا لا يتجاوب إلا بالطريقة الوحيدة التي يعرفها، وهي أن يبقى في الظلِّ، حيث لن يلحظه أحد إلى أن يصل لحد الاختفاء. وهذه الظاهرة الخطرة التي إذا لم يتم تداركها ومعالجتها مبكرا قد تنتشر كالعدوى بين الموظفين وعلى كافة المستويات. وتكمن الخطورة في أن هذا النوع من الموظفين قد يؤثر سلبًا على بقية الموظفين بحيث يجعلهم محبطين وغير مكترثين تجاه وظائفهم وجودة أعمالهم وتقديم أفضل ما لديهم من أفكار وإبداعات. والأسوء من ذلك هو تحشيد الموظفين الآخرين في حالات الغضب والاستياء نحو رؤسائهم في العمل. لذا على المنظمات تقدير جهود العاملين والثناء عليهم وحل التحديات التي يواجهونها لتقديم أفضل ما لديهم.

هذا النوع من الموظفين من أهم أسباب اختفائه الإحباط وعدم التقدير واحتمالات الاستغناء عنه في أي لحظة. كل ذلك يؤدي إلى عدم الاجتهاد في أداء المهام الوظيفية بحجة عدم الملاحظة من المسؤول المباشر. وهذا الكتاب يسلط الضوء على كيفية التغلُّب على هذا السلوك السلبي في العمل والذي يجعل الموظفين الأذكياء يختارون إيثار السلامةَ عن طريق أداء العمل المطلوب منهم في صمت، وعدم المبادرة لعمل أكثرَ مما يُطلَب منهم. ويشرح الكتاب كيف يستطيع المديرون الأَكفاء تغييرَ هذه العقلية وذلك عن طريق إشراك الموظفين في تطوير منظماتهم؛ بواسطة وضع أهداف واضحة، وتشجيع السلوكيات المثمرة، والاحتفاء بكلِّ نجاح يتحقَّق طوال الوقت؛ حيث تكون المحصلةُ النهائية أن المنظمة ستضمُّ موظفين مُنتِجين، حينما يشعرون بأنهم مَحلُّ اهتمامٍ وتقديرٍ؛ وبعبارة أخرى، يشعرون أنهم "مرئيون" من قبل الرؤساء في المناصب الإدارية العليا بالمنظمة التي يعملون لديها والأقران.

تتميز هذه الفئة من الموظفين بأنهم يقومون بالأعمال المناطة بهم على أكمل وجه ودون أن يتمكن أحد من رؤيتهم أو ملاحظتهم. وتشير دراسات كثيرة إلى أن من أوضح أسباب ترك العمل هو انعدام التقدير. وتشير دراسة سابقة لجمعية إدارة الموارد البشرية العالمية إلى أن 79% من الموظفين يتركون عملهم بسبب انعدام التقدير.

وأظن أن الجميع يتفق على أن التقدير يعتبر من الحاجات الإنسانية الهامة لتعزيز السلوكيات الإيجابية وللتأكيد عن ملاحظتنا لها في مختلف مراحل نمو الإنسان ولكافة المستويات الوظيفية والمراكز الاجتماعية. وقد تعتبر مهارة في غاية الأهمية لدى الرؤساء المباشرين حيث يساهم التقدير في نجاح الأفراد والمنظمات.

إن مهارة تقدير الآخرين تحتاج أن يتم تعليمها للمديرين وذلك حتى يتم الاحتفاظ بالموظفين "غير المرئيين" فهم بحاجة ماسة للتقدير حتى لا يفقدون الحماس تمامًا ويقررون ترك المؤسسة بسبب انعدامه. وأهم توصية في الكتاب هي "إن أهم وقت للاحتفال هو الوقت الذي يبدو فيه أن ليس ثمة ما يدعونا للاحتفال. وعندما يتحقق إنجاز رائع بفريق عمل فمن المهم تكريم الفريق ككل".

تعليق عبر الفيس بوك