انقطاع الطلبة عن المدرسة

 

محمد بن حمد البادي

mohd.albadi1@moe.om

في نهاية كل فصل دراسي نصادف إشكالية انقطاع الطلبة عن المدرسة، هذه الظاهرة لم نجد لها حلًا حتى اليوم؛ هل نحن جادين في إيجاد الحلول المناسبة؟ هل هي غير مهمّة؟ نحن حتى الآن نحقق العلامة الكاملة في التنظير عندما يختص الموضوع بالفاقد التعليمي؛ وأننا نتمنى أن يتقلص لأقل درجة ممكنة، وكأن الأماني تتحقق بدون سعيٍ جادٍ.

المسؤولون في وزارة التربية والتعليم يلقون باللوم على أولياء أمور الطلبة، وأولياء الأمور من جانبهم يلقون باللوم على الوزارة، وبين هذا وذاك يضيع جزء كبير من حق الطالب في التعليم.

هنا لسنا بصدد البحث عن الأعذار، أو الاجتهاد في إيجاد المبررات، أو التصدي للاتهامات؛ فهذا لن يجدي نفعًا؛ ولن تحل المشكلة طالما تهربنا من المسؤولية، إنما يجب علينا البحث بمنهجية علمية عالية المستوى عن الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة، وإيجاد الحلول المناسبة من أجل القضاء على هذه الظاهرة.

إن وزارة التربية والتعليم هي الوحدة المسؤولة عن التربية والتعليم في سلطنة عمان؛ وهي الجهة التي تهتم بتطوير المنظومة التعليمية في السلطنة، وهي من يجب عليها أن تسخر كل امكاناتها وطاقاتها وقدراتها في البحث عن الأساليب الممكنة التي تحقق الجودة العالية في التعليم، وهي من يقع على عاتقها خفض نسبة الفاقد التعليمي لأدنى مستوياتها في مدارسنا. كما أن وزارة التربية والتعليم هي الجهة المخولة بسن القوانين والتشريعات التي تساعد على تحفيز الطلبة للاستمرار في المدرسة حتى آخر يوم دراسي، وهي من تضع الأطر والضوابط التي تجعل المدرسة بيئة جاذبة يذهب الطالب إليها عن طيب خاطر ليقضي جلّ يومه فيها.

أضف إلى ذلك أن وزارة التربية والتعليم هي المسؤولة عن التقصّي حول الأسباب الحقيقة لانقطاع الطلبة عن المدرسة؛ التي نراها تتكرر تلقائيًا نهاية كل فصل دراسي، والوزارة هي المسؤولة عن توظيف الدراسات والبحوث والاستبانات والمقابلات والملاحظات وجمع المعلومات لذلك؛ بما فيها تفعيل كل المناهج الممكنة الاستقرائية منها والاستكشافية والاستنتاجية والاستنباطية لإيجاد الحلول المناسبة، ولا يجب أن تقف مكتوفة الأيدي؛ همّها الوحيد- وكأنها عَدِمَت الحيلة- البحث عن الأعذار والمبررات للتقصير في أداء العمل لتعلقها على أقرب شماعة منها تراها مناسبة؛ وهي الطالب وولي أمره.

يجب أن نجد الإجابة المناسبة للسؤال التالي: لماذا تصبح مدارسنا في آخر كل فصل دراسي بيئة مُنفِّرة للطالب؟ صحيح أن ولي الأمر مسؤول عن ذهاب ابنه أو ابنته إلى المدرسة؛ ولكن من غير المنطقي أن يتحمل مسؤولية المنهج الدراسي، وأساليب التقويم، وطرائق التدريس والكثافة العددية العالية في الفصل الواحد وغيرها من الأسباب التي قد تكون لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بنفور الطلبة من المدرسة.

لكي نحقق 180 يومًا دراسيًا- حسب مرئيات الوزارة- يجب أن نسعى للإبداع والابتكار لنخلق جو تعليمي وتربوي جاذب؛ وبيئة مدرسية مشجعة للاستمرار في الدوام حتى آخر يوم دراسي مقرر، وأن يكون الطالب فعلًا راغب في الدراسة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر؛ إعادة النظر في طول اليوم الدراسي بحيث لا يتجاوز الساعة الثانية عشر والنصف كأقصى حد- خصوصًا مدارس الحلقة الأولى- مع ضرورة الوضع في الاعتبار الأيام التي قد تكون فيها درجة حرارة الجو مرتفعة، وأيضًا إعادة النظر في اساليب التقويم بحيث تكون في آخر كل وحدة دراسية فقط، وأن تنال المناهج الدراسية النصيب الأوفر من التطوير بحيث تخلو من الحشو الزائد، وأن نسعى لإبتكار طرائق تدريسية متجددة؛ بعيدة عن الملل والرتابة، وأيضًا من الأشياء المهمة التي يجب مراعاتها أنصبة المعلمين؛ يجب أن تكون بالحدود المعقولة التي تساعد المعلم على أداء دوره على أكمل وجه.