د. أحمد بن علي العمري
لم أكن أرغب في الكتابة في المواضيع السياسية، لأنها لا تعجبني ولا تشدني، ولا حتى تلقى اهتمامي، لكن موضوع الانتخابات التركية أثار إعجابي ولفت انتباهي؛ لأنه في الأول والأخير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زعيم وليس رئيس عادي، وهو مؤسس تركيا الحديثة، مثلما السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- مؤسس النهضة العمانية الحديثة، وكذلك الملك عبدالعزيز آل سعود- رحمه الله- المؤسس والموحد للمملكة العربية السعودية، وأيضًا الشيخ زايد آل نهيان- طيب الله ثراه- مؤسس ومبتكر دولة الإمارات العربية المتحدة، وهكذا في الشقيقة الكويت فعل الشيخ عبدالله سالم الصباح- رحمه الله.
هكذا كان رجب طيب أردوغان الذي قفز بتركيا قفزات شاهقة لم تكن لتنالها لولا شخص فذ مثله، عمل دون كلل أو ملل لأجل بلاده، وأخلص لها النية، فجازاه الله الخير كله، وحتى عندما حاول البعض الانقلاب عليه (وتركيا تاريخها حافل بالانقلابات العسكرية)، لم يفلحوا ووقف الشعب معه في سابقة تاريخية لم تحدث من قبل.
الآن تتحالف ضده دول غربية ليشكلوا في الداخل جبهة تحالفات فيما يعرف بـ"الطاولة السداسية"، ومع هذا لم يفلحوا ورجعوا بكيدهم خاسرين. هذا يؤكد لنا بما لا يدع مجالًا للشك أن الشعوب بدأت تعي وتفهم ما يدور حولها، وهذا القرار في تركيا مصدره وقائله هو الشعب، وهذا ما انتبهت إليه الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية وهي في طريقها نحو "رؤية 2030"، بعدما شيطن الغرب، الجمهورية الإسلامية الإيرانية لسنوات وسنوات؛ لتتأكد بنفسها وبقراراها السيادي أن إيران لم تكن سوى جاره مسلمة تتفق معنا في المبادئ والقيم وأن شعارها مثل ما هو شعارنا "لا إله إلا الله.. محمد رسول الله"، وهذا تمامًا ما اقتنعت وآمنت به سلطنة عمان منذ القدم.
لقد بينت لنا حرب روسيا وأوكرانيا أنه هذه الدول تعاني من المشكلات كحالنا نحن في المنطقة، وأوضحت جليًا أنه مع المصالح لا مبادئ ولا قيم ولا عدالة ولا حتى حقوق إنسان، وتلك الأخيرة التي يدعونها زيفًا وبطلانًا.
أقول هذا الكلام ولا يهمني من يفوز في تركيا ولا أوروبا ولا الولايات المتحدة الأمريكية، لكنني أقوله للداخل في الوطن العربي أنه آن الأوان أن نفهم ونقرأ ما يدور حولنا قراءة سليمة متعمقة، وهنا ونحن في معرض الحديث عن أردوغان نؤكد أن هذا الزعيم يُحب عُمان وجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، وأيضًا يُحب مفتيها سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، ويُحب الشعب العماني، وأنا شخصيًا على هذا من الشاهدين.
آن الأوان على شعوب المنطقة أن تنسلخ من عباءة التابع الذي يُفرض عليه ما يأكله ويلبسه وحتى ما يؤمن به، فقد تدخل الغرب حتى في عقائدنا وديننا ومناهجنا.
نتمنى كل الخير لشعوب العالم قاطبة، وشعوب منطقتنا، ولوطننا العزيز، نحو مزيد من التقدم والازدهار.