التشوهات المعرفية


أحمد بن موسى البلوشي

ظاهرة موجودة في الكثير من المجتمعات، وأصبحت تأخذ منحى ثانياً خلال الفترة الأخيرة، ألا وهي ظاهرة تهويل الأمور أكثر من اللازم، وهي عبارة عن "تضخيم أو تكبير حجم أو أهمية موضوع مُعين بشكل غير متناسب مع واقعيته أو أثره الفعلي"، وشخصيات هذه الظاهرة تعيش دائمًا في حالة من الدراما بتهويلها لجميع الأحداث والقضايا التي تحدث في محيط الأسرة، أو المجتمع، أو العمل، أو الدراسة، تقوم بتهويل كل ما يحدث وإن كان الحدث بسيطًا، شخصيات تقوم في أغلب الأحيان بتناول الأحداث والمواضيع بطريقة مبالغ فيها، بطريقة تُثير الرعب أو التوتر أو القلق، وتقديمها من خلال وسائل التواصل المختلفة على أنها كارثة أو أمر مفجع.

دائمًا هذه الفئة من الناس هدفها الوحيد إحداث ضجة بالمجتمع، وتقوم بتفسير هذه الأحداث من وجهة نظرهم فقط وبصورة سلبية، والتهويل هنا هو طريقة من طرق التفكير تعرف باسم "التشوهات المعرفية"، وصاحب هذا التفكير دائمًا توقعاته واستنتاجاته للأحداث والأمور كارثية. قال حكيم: "تضخيم الأمور التافهة لن يزيدك إلا تعبًا ومشقَّة، أعط كُل شيء قدره المناسب فإن أعطيته أكبر من حجمه صعب عليك التعامل معه".

شخصيات "التشوهات المعرفية" تهدف دائمًا لإدخال عنصر المبالغة للأحداث التي تمر عليهم، وتسعى هذه الشخصيات في الكثير من الأحيان للفت الانتباه لها، فهي تريد أن تكون موضع الاهتمام، فهي تقوم دائمًا بتحوير هذه الأحداث والقضايا لتكون في دائرة اهتمام المجتمع.

اختصاصيون اعتبروا أنَّ هذه الشخصيات موجودة كثيرا من حولنا، وهي تعاني من فراغ ورغبة في جذب الاهتمام والانتباه ممن حولها، أو لديها مشاكل اجتماعية أو نفسية، أو أنها شخصيات خوافة وليس لديها اليقين بنفسها، إلى جانب أنها شخصيات تؤمن بوجهة نظرها فقط، تعتبرها صحيحة، وتفبرك كل الأمور بطريقة عجيبة، وللأسف هذا يعد اضطرابا في الشخصية، وتحتاج هذه الشخصيات للمواجهة وتوضيح الأمور. يقول الاختصاصي النفسي والتربوي د. موسى مطارنة "إنها شخصيات موجودة بكثرة، وهي تخلق حالة من الضجر للأشخاص المحيطين بها كونهم دائماً يشعرون من حولهم بأنهم في حالة يرثى لها، ويظهر أصحابها أنفسهم دائماً بمظهر الضحية ولا يحبون تبرير أخطائهم". في حين يذهب الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي "إلى أن هذه شخصية تؤثر على القضايا الشكلية التي فيها ثغرات بسيطة جداً وتعمل منها قصة كبيرة وحكاية ومبالغات، مبيناً أنَّ هناك أنواعا كثيرة من الشخصيات، إلا أن هذه الشخصية تصنف من الشخصيات السلبية".

من المهم أن نتعامل مع الأخبار والمعلومات بحذر وتحليل موضوعي، وأن نحاول الحصول على مصادر موثوقة ومتنوعة قبل أن نتبنى وجهات نظر أو نستنتج استنتاجات عارية من الصحة والمصداقية. قد يكون من الضروري الابتعاد والتقليل من التعرض لمثل هذه المحتويات السلبية والمثيرة للذعر، وتعزيز التوازن والهدوء في التعامل مع الأحداث والتحديات التي نواجهها في حياتنا اليومية.

ولا يجب التعاطف مع شخصيات "التشوهات المعرفية "على الإطلاق، لأنها تحب دائمًا أن تكون في دائرة الاهتمام، وجذب الانتباه لها.

تعليق عبر الفيس بوك