لحظات النجاح

 

لينا الموسوي

يمُرُ من خلالها بمراحل عمرية مُتعددة، يخوض فيها تجارب حياتية متنوعة، ويسبح عميقاً في عوالم وبيئات ومجتمعات مختلفة العادات والتقاليد، فيصارع الحياة بحلوها ومرها، قائما بدوره ساعيا جاهدا باحثا عن رزقه، فمهما تنوعت أعمال الفرد في كل زمان ومكان لا بد وأن يحظى بلحظات جميلة تسعد قلبه وتريح ذاته، ومنها حزينة تنزل دمعه وتهز كيانه، فيتعلم وينصقل ويتهيأ إلى مرحلة حياتية مقبلة.

هذه هي مسيرة الحياة وحكمة الخالق سبحانه ليسبح الإنسان في بحر أمواجه عالية تارة فيصارعها وهادئة تارة أخرى فيحاكيها ويداعب سكونها، نجده باحثًا عن ما يحقق ذاته ويطور كيانه فيطبع بدوره بصمة على مجتمعه إيجابية كانت أم سلبية.

والعمل الذي يكون قائما على دراسة وعلم ودراية ينجح ويكبر وعكس ذلك يفشل وينهار وهذه العملية هي التي تسمى تجارب الحياة التي يتعلم منها الفرد وينهض، ومهما صغر حجم العمل وقيمته قد يسعد مردوده قلبه، فينمو ويكبر وينجح ويثمر لحظات جميلة، تمر عليه كنسمة هواء منعشة ترطب وتنشط روحه.

اللحظات التي يحقق فيها الفرد عملا لم يكن يتوقع تحقيقه، مصارعًا الصعوبات بكل ما يملك من قوة، ساعيا إلى الوصول إلى أهدافه هي لحظات النجاح.

لحظات النجاح السعيدة تتنوع كزهور ملونة جميلة تسعد ناظريها بتنوع العمل الذي يقوم به الفرد لأن التنوع في الأعمال يحثه على خوض تجارب حياتية مختلفة تساعده على تحسس المواقف وإدراكها والتعلم من أخطائه، فليس من الضروري أن تكون المهنة أو الوظيفة واحدة طوال مدى الحياة. قد تكمن طاقات ومجالات أخرى لم يكن مكتشفها في داخله تحقق له النجاح فتساعده على الوصول إلى أهدافه المرجوة.

في اعتقادي أنه يتعين على كل فرد- مهما يكن دوره بسيطاً في المجتمع- أن يسعى لاكتشاف ذاته وطاقاته وإمكاناته والاستعداد للقيام بأعمال وأدوار حياتية مختلفة ومتنوعة فيكون نتاجها تجارب مفيدة تضاف إلى شخصيته، تصقل بها روحه وتطور ذهنه .

والتنوع في العمل لا يحتاج الى تحصيل علمي عالٍ، وإنما الى التعرف على كيفية القيام بهذا العمل على أتم وجه ليكون صحيحا وناجحا، عن طريق البحث وسؤال أصحاب الخبرة وخوض التجربة، ففي الغرب مثلا تخضع أبسط الأعمال إلى دورات تعليمية في مختلف المجالات وتخضع إلى قوانين ونظم تساعد على تحسين وتطوير الأعمال التي يقوم بها الفرد ليرتفع مستوى الإنتاج ويكون صحيحا وذا مردود إيجابي على المجتمع.

أجمل اللحظات هي لحظات النجاح في عمل يُفرح به الفرد كل من حوله بمردوده العالي المستوى، هذه اللحظات تطبع بصمة في قلبه فتضيء دربه وتمنحه قوة وحباً للعطاء مهما يكن صعبًا.

ولا شك أن تنوع العمل والمبادرة في خوض تجارب جديدة تحرر الفرد من قيود الروتين وتضيف على شخصيته تجارب ولحظات ممتعة وتفتح له أبواباً مختلفة قد يكمن فيها رزقه ونجاحه.

والتعلم والتنوع والإبداع واكتشاف كل ما حولنا مهما يكن تافهًا في نظرنا، قد يضيء دروباً تدر فوائد تنشط أرواحنا بنسمات لطيفة تداعب أنفسنا فتمدنا بكل ما هو جميل من طاقات هذه هي لحظات نجاحنا. لذلك علينا النظر إلى الأمور الحياتية من مختلف الزوايا فهذا يساعد على الإنتاج والوصول الى حل المشكلات برؤيا أوسع وأفضل.

نحن كمهندسين معماريين ندرك تمامًا مدى أهمية التنوع في أعمالنا؛ لأن أساس مهنتنا يعتمد ويقوم على الاحتياجات الاجتماعية والوظيفية المتعددة الجوانب من مدارس ومساكن ومكاتب وحدائق  تبدأ بفكرة مبسطة من نقطة ومنها إلى خط وتنتهي في مخطط ومنظور جميل ليتحول إلى حقيقة معقدة من بناء معماري أو مدينة سكنية.

وبساطة الأعمال وتنوعها لا تعني قلة أهميتها، لأن كل بداية تبدأ من نقطة بسيطة في مظهرها مهمة في نتاجها ومضمونها.

لنسعى جميعا عاملين جاهدين نحو لحظات نجاح تلامس أرواحنا وتفرح قلوبنا وتنير دروبنا بالتنوع.

تعليق عبر الفيس بوك