الأسر المتعففة والبحث عن حلول

 

علي بن حمد المسلمي

aha.1970@hotmail.com

 

لا نستطيع أن نحكم على مصداقية الواقع إلا من خلال معايشته، أو عبر التواصل المباشر عبر أجهزة قنوات الإعلام، المسموعة والمقروءة والمرئية التي تنقل معاناة بعض الأفراد كالمسرحين عن العمل، أو العاطلين عنه أو الفئات الخاصة من أبناء المجتمع ذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك الأيتام والأرامل، والذين لا معيل لهم بغض النظر عن سماعه من قنوات التواصل الاجتماعي؛ توخيًا للحيطة والحذر، وعدم المصداقية أو كما يقول الشاعر: لا تحكمنّ بما سمعت عن الورى // إن شئت عدلًا فاحكمنّ بما ترى

اللافت للنظر أنّ هذه القضايا أصبحت تشغل الرأي العام؛ فحقيقتها تخضع لعهدة الرّاوي نفسه المعايش للواقع أو هو صاحبها فيما يقوله، أو يرويه أمام الله والوطن والسّلطان.

إنّ الإنسان مسؤول أمام منطوقه "وما ينطق من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد" وهو مطلوب منه أن يسمع صوته للجهات المختصة عبر التواصل المباشر أو عبر القنوات الأخرى؛ كي يوصل صوته لجهات الاختصاص حتى تعالج معضلته.

وإنّ جهات الاختصاص لديها مسؤولية كبرى بحكم اختصاصها ومسؤوليتها أمام الله، ومن ثمّ سلطان البلاد- رعاه الله- وعليها أن تسعى جاهدةً في إيجاد الحلول، والبدائل لهذه الفئة من الناس، ودراسة حالتهم، والوقوف على احتياجاتهم؛ لتوفير سبل العيش الكريم لهم ولأسرهم، وإيجاد وظائف لهم "كُلكم راعٍ وكلكم مسؤولٍ عن رعيته".

وعلى هذه الفئة من القادرين على العمل أن يشمروا عن ساعد الجد بالسعي في الرزق، وطلبه دون كللٍ أو مللٍ أو تأففٍ وعمان بلاد تنضح بالخيرات- أولى بها بنوها- "لأن يحتطب أحدكمّ حزمةً من حطبٍ خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه".

لا سيما وأنّ عاهل البلاد المفدى جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- يشير دائمًا إلى أهمية العمل، وامتلاك المهارات وضرورة تلمس احتياجات الناس، وتوفير سبل العيش الكريم لهم، وهذا لا يتأتى إلا بنزول أهل الاختصاص إلى الواقع الحياتي عبر القنوات المختلفة، وفي ظلّ إعطاء الصلاحيات للمحافظين في المحافظات المختلفة أضحت العملية ليست معقدةً بامتلاك آلياتٍ يمكن من خلالها معالجة أوضاع العديد من الباحثين عن عمل، والمُسرَّحين عن العمل، والمعسرين من أبناء المجتمع، وذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة.

إنّ البحث عن آلياتٍ وحلولٍ ليست بالعملية المعسرة في ظلّ ما تشهده السلطنة من نهضةٍ متجددة، وعقولٍ فتيةٍ وخبراتٍ تستطيع أن تساهم في إيجاد حلولٍ عن طريق عقد حلقاتٍ نقاشيةٍ، ودعوة أصحاب القرار والاختصاصيين والمتطوعين من أهل الخبرة، وأرباب العمل والشركات، والمسؤولين في القطاع الحكومي، والجامعات، والكليات، والمدارس الحكومية والخاصة، والاستفادة من هذه النّقاشات، وبلورتها وترجمتها على أرض الواقع، ووضع خطة بدايةٍ ونهايةٍ لها، وتقييمها والاستفادة من التّغذية الرّاجعة؛ للإفادة منها في المرحلة القادمة للخطة.

هذه الرؤى والآليات إذا لم يتبعها تخطيط سليم، وتنفيذ آمن على أرض الواقع، وتغليب مصلحة الوطن والمواطن لن تجدي نفعًا لذا لا بدّ من اختيار أيدٍ كفوءةٍ وأمينةٍ، يتمّ اختيارها وفق معاييرٍ وظيفيةٍ عالميةٍ دقيقةٍ؛ لمعالجة وضع الباحثين عن العمل والمُسرَّحين، ولا ضير من الاستفادة من تجارب الآخرين في معالجة هذه المسألة وخاصة الدّول التي نجحت في ذلك يعدّ بمثابة إضافةٍ جديدةٍ تسهم في التّخفيف من حدتها، أو معالجتها بشكلٍ جذري.

إنّ تراكم هذه المسألة عامًا بعد عامٍ، ووصول أعداد الباحثين عن العمل إلى ما قد يصل لعشرات الآلاف، يقتضي من الجهات المعنية سرعة معالجة هذه القضية؛ من أجل ضمان العيش الكريم للمواطن؛ كي ينعم بالرخاء والنماء في وطنه الكريم..

حفظ الله عمان وسلطانها وشعبها من كلّ مكروهٍ.

تعليق عبر الفيس بوك