البنية الإيقاعية والنظام الصوتي في قصائد حمد بن عيسى الطائي

 

 

 

◄ اهتمام الشاعر ببناء كيان تجاري ومؤسسي طغى على زمنه ولسانه

◄ النظام التركيبي عملية معقدة تتداخل فيها عناصر سسيواجتماعية وبنى ثقافية

◄ ندرس مدونة الشاعر كبنى خطابية متماسكة ووحدات شعرية متكاملة

◄ خيط رفيع ورؤية تاريخية وموضوعية واحدة تقف خلف ولادة القصائد

◄ الاعتماد على استخدم المنهج التفكيكي وقراءة النصوص المتعالقة والمتتالية

◄ كان الشعر في حياة حمد الطائي فلجًا شعريًا تغور مياهه حينًا ويتدفق أحايين

 

 

ناصر أبوعون

 

قبيل الدخول إلى النصوص الطائية، التي دبجها الشيخ حمد بن عيسى بن صالح الطائي من مطلع شمسه الشعرية في ولاية جوادر في خمسينيات القرن العشرين، والتي شهدت بعدها خفوتًا زمن غربته واغترابه بين حواضر الخليج العربي؛ ثم ما لبث غير بعيد وعاد في مشرق نهضة السبعينيات إلى عُمان ليشارك في عملية البناء والتنمية، واستيقظ الشاعر من سباته ويعيد البريق إلى قلمه الأدبي؛ غير أن اهتمامه ببناء كيان تجاريّ ومؤسسي طغى على زمنه ولسانه، وأوهن قريحته، وأخذه من جنان الشعر وحدائقه الغناء إلى ظلال الاستثمار والاقتصاد التي تأكل أرض الإبداع وتنقصها من أطرافها، كان لنا أن نلقي بمرساة السفينة على شواطيء المنهج النقدي الذي سننطلق منه في دراسة منتوجه الشعريّ، ونلقي بعض الضوء على بنية الخطاب الشعريّ ومعمار قصيدته وبنائها الفنيّ.

"فمن المعلوم أن الخطابات الأدبية شعرية كانت أو نثرية؛ ليست واضحة كالخطابات المستعملة في التواصل العادي، فقد يذهب مبدعها لإحاطتها ببعض الغموض والتمويه، وليسهل علينا إدارك محتواها لابد من قراءتها ضمن سياقها، ذلك أنّ كل خطاب لابد له من سياق وإطار يحدث فيه، ويتأثر بظروفه ومعطياته. فلإنسان يتخاطب مع غيره ضمن مواقف اجتماعية تحدد صورة هذا الخطاب، سواءً من ناحية الأسلوب أو الكلمات التي اختيرت للتعبير عن محتواه". (1)

وهذا الاتجاه الذي ينطلق من محددات ومفاعيل الخطاب الشعري، بعد دراسة سياقاته، وصوره يأخذنا إلى التعرّف على البنى التركيبية وأثرها في بناء النص الشعري؛ فالنظام التركيبي، هو عملية معقدة تتداخل فيها مجموعة من العناصر السسيواجتماعية والبنى الثقافية، آتية من خلفية تراثية سواءً أعلنها الشاعر وآمن وأقرّ بها أم رفض التصريح بها كبرياءً على نحو ما نشاهده من رايات مرفوعة على أكتاف البعض بإعلان القطيعة مع التراث.

وهذه العملية المعقدة في صناعة وتكوين بنية الخطاب الشعري تشتغل على "تنضيد الكلام ونظمه لتشكيل سياق الخطاب الأدبي" (2). ومن ثمّ فقد يقع القارئ غير المتخصص في حيرة من أمره عند قراءة أي عمل شعريّ فيدخل في صحاري من التيه وتضيع منه البوصلة، ويفقد القدرة على التمييز بين (الملفوظ والخطاب الشعري). فوفق "فرضيات دومينيك مانكينو التي عرضها من خلال كتابه: (مقدمة في مناهج تحليل الخطاب)، والذي استعرضه الدكتور عبد القادر شرشار؛ فإن المدرسة الفرنسية في النقد تميز بين (الملفوظ والخطاب)؛ فالملفوظ بالنسبة إليها متتالية من الجمل الموضوعة بين بياضين دلاليين (انقطاعين تواصليين)، أما الخطاب فهو الملفوظ المعتبر من وجهة نظر حركية الخطاب مشروط بها، وهكذا فالنص من الوجهة اللغوية (ملفوظ)، وأنّ دراسته (لسانيًا) من حيث شروط إنتاجه تجعل منه (خطابًا)". (3)

وهذا الفكر يقودنا إلى دراسة مدونة الشاعر حمد بن عيسى الطائي، وتحليل قصائده كبنى خطابية متماسكة، ووحدات شعرية متكاملة بعيدًا عن منهجية النقد القديم التي تركز على دراسة المفردات والألفاظ والبحث في دلالاتها، وهو بحث لا طائل من ورائه إلا حشد الدراسة بشروحات معجمية لا تسمن ولا تغني من جوع؛ حيث "شاعت في الفكر اللساني مواقف جديدة نادت بتجاوز ماهية الجملة المفردة إلى قراءة ودراسة النص كوحدة كبرى تتعالق فيها مفاهيم نصيّة تتماشى وهذه الرؤية المستحدثة لتجسد لنا واقعا لسانيا جديدا سُميَ بلسانيات النص". (4)

وبناءً على ما تقدّم، فإذا ما نظرنا إلى النتاج الشعري المجموع للشاعر حمد الطائي، وقراءته وفق معطيات عصره وظرفه السياسي والاجتماعي سنجدها قصائد متفرقات بعضها بلا عناوين رئيسة، اجتهد القائمون على جمعها في انتقاء عناوين لها من مضمامينها الكليّة، غير أنّ هناك خيطًا رفيعًا ورؤية تاريخية وموضوعية واحدة ومتماسكة كانت تقف خلف ولادة هذه القصائد وتنظمها في سلك واحد. وهنا يأتي دور الناقد في "استخدام البنية الإحالية للبحث والكشف عن التماسك النّصيّ الذي يتأتى من خلال "الإحالة"، والانطلاق من فرضية مفادها: أنّ قصائد الديوان نصٌّ واحد". (5)

ومن هذا المنطلق نسعى إلى تقديم قراءة/ دراسة نزعم أنها قد تكون وافية وواعية في آنٍ واحدٍ توازن بين القديم والحداثويّ تتغيا الوقوف على شاعريته وبراعته الشعرية- والتي وإن خلا بها وأخلص لها وهجر شؤون تجارته لكان شاعرا يُشار له بالبنان- ومن ثم فإننا لن نألو جهدًا في تقديم رؤية نقدية واضحة المعالم للقراء في ضوء معطيات عصره، وأدواته، وثقافته، وتراثه الأدبي الذي تناولته يده ممن سبقوه، وذلك استنادا إلى سيرته الذاتية التي امتزج بها السياسي والاجتماعي.

وهذا ما حدا بنا إلى محاولة استخدم المنهج التفكيكي وقراءة النصوص المتعالقة والمتتالية والتي تبدو متناثرة المعاني، ومتباعدة في المباني للقاريء غير المتمرّس أو المنطلقين في تحليل النصوص من وجهة نظر نقدية متقادمة تقف مشدوهة عند حدود اللفظة، والبحث في علاقاتها بالمعنى، ومحاولة اصطياد الأخطاء اللغوية، والهنّات العروضية، والانكسارات الصرفيّة، والسقطات النحوية، وهي عمليات لا يفيد من وراءها الدرس النقديّ غير صناعة بطولات زائفة، وتسويد روزنامة من الأوراق التي يُرجى منها فائدة. "فالنصّ عملية إنتاج؛ حيث يتم تفكيك الأبنية اللغوية بين اللفظ والمعنى، وإعادة بنائها والربط بين الجزئيات القائمة على خبرة المتلقي وثقافته". (6)

ومن ثمَّ فإنّ عملية قراءة المنتوج الإبداعي للشاعر حمد الطائي- وهو كما أسلفنا القول- شاعرٌ بالسليقة، لم ينقطع للشعر، وينكبّ على القراءة الشعرية الفاعلة بغرض تحقيق ذاته الشعرية على نحو ما فعل ابنه: سماء عيسى. ولم يكن الشعر خطابًا موازيًا لحياته السياسية وزادًا يوميًا اقتداءً بأبيه الشاعر عيسى بن صالح الطائي قاضي قضاة مسقط، ولم يكن الشعر مزية نخبوية ورؤية نظمية متعالية على نحو ما قرأنا في سيرة أخيه الفقيه والقاضي هاشم بن عيسى؛ بل كان الشعر في حياته فلجًا شعريًا تغور مياهه حينًا، ويتدفق أحايين، ويتسرسب قطرات، وما هذا إلا من أثر اشتغاله بالتجارة، وسفراته.

وعليه فإن النص الشعري في مدونته الشعرية، هو محاولة للوجود من جانبه، ومحاولة جديدة للمشاركة من جانب القراء والنقاد، أو بتعبير صلاح فضل: "نشاط وإنتاج.. قوة متحركة، تتجاوز جميع الأجناس والمراتب المتعارف عليها، لتصبح واقعا نقيضا يقاوم الحدود وقواعد المعقول والمفهوم. إنّ النص مفتوح، ينتجه القاريء في عملية مشاركة لا مجرد استهلاك، هذه المشاركة لا تتضمن قطيعة بين البنية والقراءة، وإنما تعني اندماجهما في عملية دلالية واحدة، فممارسة القراءة إسهام في التأليف". (7)

وانتقالًا من محددات المنهج المتوسّل بالبنية الإحالية في القراءة، ننتقل في قراءة قصائد الشاعر حمد الطائي إلى مفهوم "البنية الإيقاعية" في جميع القصائد التي توسلت بـ"القوافي" فجعلها متكئًا لأفكاره، و"الموازنات الصوتية" فردد صداها داخل فضاء روحه، والعناصر الإيقاعية مثل: الجناس والسجع، والتوازي، والتكرار، فتشبث بها لإيصال رسالته، حتى إذا ما أجلنا النظر في هذين البيتين التاليين، وجدنا اجتماع كل هذه العناصر المتكاثرة من الإيقاع في رواق قصائد الشاعر واصفة ومؤثرة في نفس القاريء بالجمل المتوازيه، والموازنة الصوتية البادية، والتكرار غير الرتيب. ونرصد ذلك في قوله: (مليك سما فوق المجرة عرشه // على أنه في الأرض شيدت جوانبه) و(فمن ذا يضاهيه فخارًا وسؤددا // ومن ذا يباريه وقد عزّ جانبه).

ثم يتوسل الشاعر بـ"الإيقاع الدلالي" المتمثل في: (الفصل والوصل، والتقديم والتأخير، والمقابلة، والطباق)، ومن صوره في البيتين التاليين؛ فنرى التقديم والتأخير الذي يُراد به التخصيص، كما في قوله: (لله أنت // للحياة نظامًا)؛ حيث مثّلا عنوانًا لبراعة الشاعر في القبض على (الإيقاع الدلالي)، وقدرته على توظيفه داخل بنية الخطاب الشعري، والتعويل عليه في إحياء سيرة الممدوح- المتحدث عنه- والإيحاء بعلو شأنه، وارتفاع مكانته بين أهله وعشيرته. وفي هذا المعنى قال: "لله أنت وحسب مجدك ذروة // أضحت خصالك للحياة نظامًا".

حتى إذا ما عرجنا على (النظام الصوتي) في قصائد الشاعر حمد بن عيسى الطائي، سنعثر عل دلالات لا متناهية، تحمل شحنات من المعاني والمعارف، وغايتها إيصال المعاني التي يتقصّدُها الشاعر، بل يعمد إلى تحميلها برسائل وإشارات واضحة المعالم لا توغل في الغموض، بل تتغيا الإيضاح، والإيغال في التفسير، وتنأى عن الغموض، وتنبو عن التأويل المتعدد الوجوه، وتنزع الأقنعة.

ولتأييد ما وصلنا إليه من معانٍ ترسخت في وجداننا- جراء الإنصات إلى الإيقاع في الأبيات المستشهد بها، والذي لا يتحقق إلى بتوفر ذائقة عالية لدى المتلقي لاستشعار صداها داخل نفسه، ويشدو بها لسانه يرددها مع الشاعر متغنيًا بها- نستأنس برأي صفيّ الدين الحليّ بأنّ "الإيقاع وإدراكه يتحقق بمدى توفر الذوق السليم"، ويسانده في هذا الرأي علوي هاشمي بقوله:"إن الإيقاع هو مجموعة نقرات، تتخللها أزمنة محدودة المقادير، على نسب وأوضاع مخصوصة، بأدوار متساويات، ويدرك تساوي الأدوار ميزان الطبع السليم"(8)

ومن هذا المنطلق نجد الشاعر يرتكز على الصوائت القصيرة والطويلة، وتوظيف كل نوع في إيصال دلالات متعددة ومتشظية تتناثر عبر فضاء النصّ، وتحمل رسائل متابينة يتغيا الشاعر ترسيخها في ذهن السامع، وإثراء رؤية الذات القارئة، والانتقال بها عبر فضاء معرفي واسع ينفتح على تأويلات متابينة. فمن الصوائت القصيرة تسيدت الفتحة من حيث الكم العددي في جميع أفضية القصائد، و(الفتحة) تناقض الغموض، وتعتمد على الوضوح، والمباشرة، والمصارحة، وتتفلّت من المراوغة، ولذلك هي أولى بحمل الرسائل، وتلعب دورا فعالا في تسكين حمى الأسئلة المتزاحمة في عقل المتلقي، ومن ثم استسلامه واقتناعه بالرسالة المنقولة إليه. كما نقرأ في هذا المقطع حيث تتابع الصوائت الصغيرة متتالية على شكل فتحة والفضل الأكبر هنا للأفعال: (جعلت/ أخصُّ/ أبقاه)، فضلا عن فتحة الممنوع من الصرف (بوشرَ)، والمفعولات المتتالية: (مياهها/ إكسيرا/ سكانها/ صفوة/ مسيرا/ هاشما/ عالما). وفي هذا الصدد نقرأ له: (ولكم نعمت بـ(بوشر) وسيوحها///ولكم جعلت مياهها إكسيرا)(سكانها الأخيار صفوة معشر // للصالحات توارثوه مسيرا) وأخصّ منهم هاشما (9) غوث الورى // أبقاه ربي عالما نحريرا).

ثم تأتي (الكسرة كصائت قصير) عميق الدلالة، وهي تتناسب والمناجاة، ومواقف يرتفع فيها صوت المنولوج الداخلي، وحديث الذات مع نفسها، ومحاورة الطبيعة، وسكون المشاعر بعد ثورة فوّارة، وحالات الفرح التي تجتاح الإنسان، وما يتبعها من سكينة واستسلام أمام جمال الطبيعة.. انظر لهذا البيت حيث تتوالى الكسرات (سعد)/(طرب)/(العالم)(الثاني) ففي هذا البيت يجري الشاعر حديثا مع الذات المتولهة، ويحاور الروح الطوافة بين ردهات وفضاءات الجمال اليونانيّ الآسر. وعلى هذا النحو كتب: (هذي "أثينة" في سعد وفي طرب///كأنها جنة في العالم الثاني).

بينما في سائر تضاعيف الديوان نعثر على (الضمة) كصائت صغير ونراه يتناثر على مساحة ليست بالقليلة من قصائد الديوان وخاصة في القافية، وإن كانتالضمة أضعف وأقل شأنا من الفتحة؛ فهي "مشحونة بدلالات الرفع والعلو، وأوحت بالفخامة الصوتية من خلال ارتفاع مؤخرة اللسان إلى أقصى حد ممكن مع رجوع هذا الجزء من اللسان إلى الخلف قدر الإمكان من ناحية الوضوح السمعي" (9) ومن هذا الصنف نقرأ له البيتين، لنشاهد كيف استخدمها الشاعر لتناسبها مع جلال المحتفى برثائه حيث جاءت لتلسلط الضوء على مناطق العزّ والفخار في كلمات: (حياتكم)، و(منارة)، و(شماء)، و(شمس)، و(سلاح)، و(غيث) و(ثراء). (يا "شيبة الحمد"(10) الرضي حياتكم // للعارفين منارة شماء) (هي شمس عدل أو سلاح مجاهد // أو غيث فضل للجميع ثراء).

وفي قصيدة أخرى تحت عنوان: عتاب للزمان يتوالى (صائت الضمة) في حركة سريعة متوالية كضربات الدفوف العظيمة، كما لعب الفعل المضارع دوره في الإيحاء بتجدد المعنى واسترساله دونما توقف في كلمات: (تقرُّ)، و(تشهد)، و(يتصعد)، و(يزيد)، و(يتجدد)، كما في هذين البيتين: (حزني تقرّ به الدموع وتشهد // والقلب من برحائه يتصعّد)، (وبمهجتي نار يزيد ضرامها // وبي الحوادث ثوبها يتجدد).

فإذا ما انتقلنا إلى (الصوائت الطويلة) داخل تضاعيف الديوان، عثرنا على كنزٍ وافر من الدلالات والإيحاءات التي تقصَّدها الشاعر حمد الطائي، وتتخفى وراءها رسائل مشفّرة تارةً، وواضحة الدلالة تارةً أخرى، وكل صائت يُشّع بمجموعة من الإيحاءات النفسيّة، ويأخذ القاريء إلى مناطق آسرة داخل فضاء النص، ويسحبه إلى ما خلف الظلال، حيث تنأى العتمة، وتطلع شمس الحقيقة؛ فهذا حرف الألف؛ وهو صائت طويل يتناسب والقصائد الاستنهاضية، والحسّ الثوريّ، والدعوة إلى أخذ زمام المبادرة كما في قوله: (واجعل يمينك للهداية برزخا // واجعل شمالك للطغام حساما)،(وانشر لواء الحق وانصر قومه // واهدم مقام الجهل حيث أقاما).

ثم يأتي (صائت الياء)، بما تتضمنه من حيوية، وثوران المشاعر، وفوران العاطفة، واضطرام الأحزان، وتجمّر الزفرات التي ينفثها في وجه الحياة، ومعاندته للدهر الذي جعل منه ندا يشاكسه، ويحرمه هناءة الحياة، ويحول بينه وبين مراتع صباه، ويغالبه على مغادرة مواطن الأهل والأحبة، ونجد ذلك في سطوة حرف الياء على قصيدة (بوشر جنة الدنيا)، على طول امتداد التفاعيل وصولا إلى القافية؛ فنستمع له وهو ينشد لنا على قيثارة أحزانه فتتابع الكلمات المشمومة بالصائت القصير المتمثل في الكسرة، والمغموسة بالصائت الطويل وهو الياء في كلمات: (دهري)، و(مذلتي)، و(طوحني)، و(ذلتي)، و(إهانتي)، و(منهجي)، و(أداري)، و(جواري)، و(شعاري) كما في قوله: (جالدت دهري حين رام مذلتي // وقسا فطوحني بعيد الدار)،(لكنه في ذلتي وإهانتي // ما آب غير بذلة وخسار)، (فيأتي دهري ما يشاء فإنني // في منهجي للعز للست أداري)،(ولئن بعدت عن الأحبة مسكنا // أنا بينهم بجواري وشعاري).

إذن.. الحركة الإيقاعية الصوتية "لا تنحصر في الموسيقى الداخلية من صوامت، وصوائت وحركات، أو في الموسيقى الخارجية المتمثلة في الوزن والقافية، ولا تنحصر جميعها، فهي ليست زخرفة شكلية، ولا حلية، يزدان بها العمل الفني، بل هي عنصر رئيسي يؤثر في الدلالة.. فالحديث عن عن النظام الصوتي ما هو إلى حديث عن كل مكوناته في القصائد ودوره الدلالي في تأدية المعنى المنشود، من خلال تخصيصه حينا وتوجيهه حينا آخر". (11)

................

الإشارات، والإحالات، والمصادر:

(1) إكرام بن سلامة، المنطلقات اللغوية لتحليل الخطاب الشعري في النقد العربي القديم، مقدمة رسالة ماجستير، جامعة منتوري- قسنطينة 2209

(2) نور الدين السيد، الأسلوبية وتحليل الخطاب، ص: 168، دار هومة، الجزائر 1997م

(3) عبد القادر شرشار، تحليل الخطاب الأدبي وقضايا النص، ص: 83، دمشق، منشورات اتحاد الكتاب العرب 2006

(4) بوباكر بوترعة، البنية الإحالية في ديوان قصائد مغضوب عليها لنزار قباني، مقدمة رسالة ماجستير في اللغة تخصص: لسانيات الخطاب، ص: (أ) جامعة الحاج لخضر – باتنة، 2009م

(5) المرجع نفسه، ص: (ب)

(6) المرجع السابق: مفهوم النص.

(7) صلاح فضل، بلاغة الخطاب وعلم النص، الشركة العالمية للنشر، لونجمان، ط1، 1996، ص: 247

(8) علوي هاشمي، فلسفة الإيقاع الشعري، ص:50 المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط1، 2006

(9) الأخ غير الشقيق للشاعر، وهو الشيخ القاضي هاشم بن عيسى بن صالح الطائي (1328هـ  - 1412 - 1910م - 1991) وقد ترجم له الشيخ محمد بن راشد الخصيبي في بيتين من الشعر في كتابه "شقائق النعمان على سموط الجمان في أسماء شعراء عمان"فشرح وأوجز جاء فيهما: (وفقيه من "آل طيّ" نبيه= من كِبارٍ أَجِلةٍ وأُبَاةِ/"هاشمٌ" ذاك نجلُ عيسى قَوافٍ= عنه جاءت وضاءةً بهجاتِ).

(10) توفيق بن خميس، البنية اللغوية في شعر حسين زيدان، ديوان قصائد من الأوراس إلى القدس، رسالة ماجستير 2009، جامعة العقيد، الحاض لخضر- باتنة، ص: 28، 29

محمد بن عبدالله بن حميد السالمي ويُكنّى أبو بشير، واشتهر بلقبه "الشيبة".