◄ شبح استخدام المدنيين "دروعًا بشرية" يؤرق مضاجع السودانيين
◄ تسارع وتيرة إجلاء الرعايا الأجانب.. والسودانيون يشعرون باليأس
◄ امرأة سودانية تسأل "لماذا يتخلى عنا العالم؟".. وجوتيريش: الأمم المتحدة "لن تترك" السودان
◄ عشرات الآلاف يتدفقون إلى مصر ودول الجوار
◄ "الصحة العالمية" تحذر من "خطر بيولوجي"
◄ نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والأدوية والوقود
◄ الأمم المتحدة تتوقع فرار مئات الألوف من الصراع في السودان
الخرطوم- رويترز
بينما تسارع الحكومات الأجنبية لإجلاء رعاياها من السودان، يقول من لا يملكون مكانًا آخر للفرار إليه إنهم يشعرون بأنهم تُرِكوا بمفردهم، ويخشون أن يؤدي إجلاء الأجانب إلى احتدام القتال وإراقة المزيد من الدماء في البلاد.
ودفع القتال الدامي المستمر منذ أكثر من أسبوع بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية عددا من الحكومات إلى إجلاء مواطنيها جوا وبحرا وبرا. لكن مع إغلاق السفارات أبوابها ومغادرة الدبلوماسيين وموظفي الأمم المتحدة في طائرات وحافلات خاصة، يقول العديد من السودانيين إنهم تركوا بمفردهم ليدبروا أمورهم بأنفسهم. وتساءلت سمية ياسين (27 عاما) في مكالمة هاتفية من الخرطوم "لماذا يتخلى عنا العالم وقت الحرب؟". واتهمت القوى الأجنبية بأنها "لا تكترث إلا لمصالحها"، وذلك على الرغم من توسط الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة بين الفصيلين المتناحرين.
وأدى الصراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى مقتل المئات منذ 15 أبريل، وتحويل مناطق سكنية إلى ساحات حرب. وقالت ألمانيا وفرنسا إن كلا منهما أجلت أكثر من 500 من الأجانب بينما بدأت بريطانيا عملية كبيرة لإجلاء مواطنيها.
وفي الخرطوم، قال رجل عرف نفسه باسم "أحمد" إن المدنيين قد يدفعون ثمنا باهظا في بلد يبلغ عدد سكانه 46 مليونا ويمتلك تاريخا طويلا من الحروب الأهلية الدموية. وقال بينما كان يقف أمام أشخاص يستقلون حافلة تغادر الخرطوم "يخشى الشعب السوداني من احتمال وجود ممارسات غير أخلاقية في الحرب ضد المدنيين واستخدام المدنيين كدروع بشرية". وأضاف "هذه مخاوفنا بعد إجلاء الأجانب".
وامتدت موجة العنف إلى الأجانب أنفسهم إذ تعرضت بعض السفارات لهجمات وجرى إطلاق النار على موكب دبلوماسي أمريكي وأُصيب جندي فرنسي خلال مهمة إجلاء وقُتل مساعد الملحق الإداري في السفارة المصرية بالخرطوم بينما كان يقود سيارته في طريقه إلى السفارة.
وتدفق عشرات الآلاف من السودان إلى مصر وتشاد وجنوب السودان. لكن بالنسبة للأشخاص العاديين، فإن تكلفة خروجهم من البلاد ستكون باهظة.
وقال رجل في الخرطوم عرف نفسه باسم "كرم" بينما كان ينتظر بالقرب من محطة للحافلات إن أجرة الحافلة إلى مصر ارتفعت ستة أمثال تقريبا إلى نحو 340 دولارًا، مضيفا "الأجرة تتغير كل يوم وتزيد".
وأشارت الأمم المتحدة إلى وجود نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والأدوية والوقود. وتضررت معظم المستشفيات أو أُغلقت بسبب القتال الذي أجبر الناس على البقاء في منازلهم وأدى إلى انتشار أعمال النهب.
وأُنشأت مجموعات ومواقع إلكترونية وتطبيقات لتوفير المساعدة الطبية والإمدادات الأساسية.
ولقي خمسة من عمال الإغاثة حتفهم على الأقل منذ بدء القتال، وعلقت المنظمة الدولية للهجرة وبرنامج الأغذية العالمي عملهما بعد سقوط موظفين لهما في السودان، مما يمثل ضربة لثلث السودانيين الذين كانوا يعتمدون على المساعدات قبل بدء القتال.
ووصل مئات الدبلوماسيين وعمال الإغاثة إلى بورتسودان على البحر الأحمر بعد رحلة برية استغرقت 35 ساعة من الخرطوم. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إنه سمح بنقل بعض موظفي المنظمة الدولية من أماكنهم مؤقتا. وكتب على تويتر يقول "دعوني أكون واضحا: الأمم المتحدة لن تترك (السودان). سنواصل القيام بعملنا داخل البلاد وخارجها".
وقال مسؤولون إن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة تضع خططًا لاستقبال مئات الآلاف من الذين يتدفقون عبر الحدود السودانية هربًا من العنف، وأضافوا أن الكثيرين منهم اضطروا للعودة إلى بلدان كانوا قد فروا منها في الماضي.
وقال مسؤولو المفوضية في مؤتمر صحفي في جنيف إنهم يتأهبون لفرار 270 ألف شخص عبر حدود السودان، وهو رقم متوقع أولي يشمل اللاجئين السودانيين الذين يعبرون إلى جنوب السودان وتشاد وكذلك عودة من كانوا قد نزحوا من جنوب السودان إلى ديارهم.
ولا يغطي هذا التقدير حتى الآن سوى اثنتين من الدول السبع المجاورة للسودان إذ لم يتم بعد إتمام التقديرات المتعلقة بالعدد المتوقع للنازحين إلى مصر وإريتريا وإثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا.
ويستضيف السودان ما يربو على مليون لاجئ، كثيرون منهم فروا من صراعات في بلدان مجاورة مثل جنوب السودان. وفضلا عن ذلك، تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن عمليات النزوح الداخلي في السودان شملت 3.7 مليون آخرين.
وقالت ماري هيلين فيرني ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في جنوب السودان إن المفوضية تخطط لاستقبال 125 ألفا من العائدين لديارهم، الذين يقيمون مؤقتا في السودان، ولعبور نحو 45 ألف لاجئ سوداني جديد إلى جنوب السودان. وأضافت "نعلم أن عمليات العودة ستتم أولا، ومعظمهم من الخرطوم. ومن المرجح أن يكون تدفق اللاجئين بعد ذلك". ويقول مسؤولون في جنوب السودان إن عشرة آلاف لاجئ وصلوا إلى جنوب السودان بالفعل خلال الأيام الماضية.
وقالت المفوضية إنها تتوقع عودة الكثيرين إلى مناطق من جنوب السودان "شديدة الهشاشة نتيجة الصراع أو تغير المناخ أو انعدام الأمن الغذائي، أو مزيج من الثلاثة".
إلى ذلك، حذرت منظمة الصحة العالمية من "خطر بيولوجي كبير" في العاصمة السودانية الخرطوم بعد سيطرة أحد طرفي القتال الدائر في السودان على معمل يحتوي على مواد منها مسببات الحصبة والكوليرا وأخرجت الخبراء الفنيين منه.