لا تُسمع أخاك ما لا يُحب

 

 

محفوظ بن راشد الشبلي

mahfood97739677@gmail.com

 

إسماعك لعبارات لا يحب أخاك والآخرون سماعها منك، وتقول الأمر عادي، لا يا صاحبي ليس الأمر عادياً كما تظن وتعتقد، فلو كان الأمر عاديًا لأسمعك هو كذلك ما تكره سماعه منه، فلا تفعل ذلك حتى ولو كان الحديث على سبيل المزاح؛ بل راعي شعوره واحترم عِشرته الجميلة معك وكُن راقياً ومُهذّبًا في تعاملك معه مثلما هو يُبادلك الرُقي والتهذيب والاحترام في تعامله معك، فهو لم يعجزه الرد عليك ولكنه غلّب لغة الصمت عنك احترامًا وتقديرًا لك ومُراعاة للعشرة الجميلة بينكم ولكي يُبقى حبل الود قائمًا بينكم بينما أنت تُحاول قطعه تكرارًا ومرارًا بسوء تعاملك وركاكة فكرك وضعف ثقافتك في التعامل معه.

ولأنَّ لغة الفهم تختلف بين البشر وهذا يعتمد على مقدرة العقل في كيفية مُعالجة النَزعَات النفسية بينه وبين ما يُفكّر به تجد بعض النفسيات منغمسة في معمعة ما يُسمى بالثرثرة في الحلقات الفارغة والتي يشعر فيها الشخص بالنقص تجاه أمر ما ويُحاول ملء ذلك النقص بالثرثرة الخارجة بتاتًا عن المنطق وعن الواقع ويستخدم فيها لغة الاستهزاء بأقرب النَّاس إليه ليملأ بها الجزء الفارغ من نفسيته الفارغة وليشد بها انتباه الآخرين ليجرهم بالدخول معه في تفاهات ومَعمعَات ليس لها أي معنى ولا قيمة سوى الاستهزاء بالآخرين، وتتم معالجة ذلك الأمر بإدارة الظهر عن تلك التفاهات وعدم الالتفات لها وعدم إعارتها أي اهتمام وتغليب الرُقي النفسي والذاتي في التعامل مع تلك النفسيات، لأنك لو أكلت الطعم ونزّلت نفسك في تلك المعمعات فَسَيُفضي الأمر بك لجلد ذاتك كونك انحدرت بنفسك لمستوى لا يليق بها بتاتًا.

ومن الطبيعي أنَّ البذور تنبت وتنمو عندما نُداوم على سقياها، وهكذا العقول تتفتّح وتستنير عندما نسقيها بالعلم والمعرفة فلا تبخل بسقياك لعقلك يا عاقل ويجب عليك أن تَعي وتفهم بأن من أسوأ الخلق ذلك الذي لا يعلم ولا يرضى أن يتعلّم لِيَعلم بل ويصر على جِهله إن خاطبته ويرفع صوته عليك، فذلك أجهل الجاهلين على هذه الأرض فحذره ولو ادعى أنه أخوك وصديقك، فالصديق هو من صادقك وليس من صدّقك، والصديق الحقيقي لا يرضى بأن يرمي بهزلية حديثه وفظاظة عباراته لصديقه وأخيه مهما وصلت مراحل المزاح بينهما، فالإساءة تبقى إساءة مهما لمّعتَ صورتها وكيّفتَ طريقة إيصالها للآخرين.

الخلاصة.. لا يُمكن أن تُبنى علاقة أخوية صادقة وناجحة وتتخلل تلك العلاقة استهزاء طرف على آخر أو احتقاره أو تشميت الآخرين عليه، فالصديق والأخ الحقيقي لا يَبني صداقته ومخوّته على تفكير سلبي تجاه أخوه فإن فعل ذلك تكرارًا ومرارًا وأنت تنصحه وتُنبّهه بالكف عن ذلك وهو يصر على فعله فهو لا يُعتبر صديقا وأخا بل هو شخص تتبادلان المعرفة فقط بينكما، لأن لغة الأخوّة تُبنى على إخلاص في التعامل واحترام للطرف الآخر سواء في الحضرة والغياب وفي السر والعَلن، فلا يخدع الإنسان نفسه باعتبار أن من جالسه وفضفض معه وضحك معه يَعتبره صديق له وهو يُسمعه في حضرته مع الآخرين وفي غيابه كلام لا يحب أخاه سماعه منه، بل يجعل حدود المعرفة به هو الفاصل بينه وبينه دون الخوض في معنى المخوة والصداقة التي يدّعيها ذلك الطرف له، فحِشمة النفس عن بعض الخلائق هي كرامة من نفسك عليك فلا تُفرّط بكرامتك تحت مُسمى صديق مستهزئ بك ومنتقص من شخصك مهما كنت تُفضّله عن غيره وإلّا فقد وطأة بنفسك وأهنت كرامتها، فعز نفسك أيها الإنسان عن بعض الخلائق وصادق وخاوي من تحترمه ويحترمك.

تعليق عبر الفيس بوك