اليمن الجريح ودبلوماسية السلام العُمانية

 

 

أماني المسكرية

 

من الحاضر القريب إلى الماضي البعيد هنا تمتزج عدة شواهد تاريخية وآيات قرآنية لبلاد تختصر أجلّ معاني الحكمة والسمو الروحي والأخلاقي، واقفين مستشهدين على أعتاب تلك المقولة التي جاءت على لسان أصدق البشر صلى الله عليه وسلم "أتاكم أهل اليمن، هم أرق أفئدةً وألين قلوبًا.. الإيمان يمان والحكمة يمانية"، ومن أصدق من الرسول الكريم لسانًا ومن النطق وحيًا.

وإذ بنا  نسري على غسق دجى التاريخ العميق نغوص في الماضي العريق لليمن الشقيق، تنفتح ردهات أصالتها على العالم من ذاكرة مملكة سبأ والملكة بلقيس، إلى أوائل من عرف السدود التي هجرت العرب إلى الجزيرة العربية. يمنٌ عانقت التاريخ قدما، والحضارات ازدهارا وعمرانا. يمنٌ قامت على اتحاد قبائلها ونظام الشورى بينهم، يقول تعالى: "قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ" (النمل: 32).

لقد بوركت هذه الأرض فكانت أرضا احتضنت الموقع الاستراتيجي والتنوع  المناخي  والثروات الاقتصادية  حتى باتت مطمع للطامعين زرعوا بها بذور نتنة خلفت الصراعات والنزاعات التي أودت بها إلى حروب أورثت يمنا يضج بالجوع والأمراض والفتنة.

وحيث إن سلطنة عمان تحدها شرقًا وشرفًا، فقد سما بنا قائد السلام وسلطان الحكمة السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- إلى الالتزام بحقوق حسن الجوار، وقاد صاحب الفكر الحكيم والرؤية الثاقبة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- ما بناه المؤسس الأول، فكان خير خلف لخير سلف، وبقيت السياسية الحكمية والنهج السلطاني، جسرَ تواصلٍ يسعى إلى فتح كل الأبواب التي تسعى لحلحلة الصراع اليمني وإنهاء الخلافات، فقدم النصيحة بضرورة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلد، وعلى اليمنيين التعاون لإيجاد حلول لاستقرار الأمن في أراضيها. كما سعت سلطنة عمان إلى إغاثة الشعب اليمني، ففتحت أبوابها لهم وأرسلت قوافل الإغاثة البحرية والجوية والبرية، حتى ولدت حب الشعوب للشعب العماني قيادةً وشعبًا. وباتت عُمان تؤدي دورًا رئيسيًا في مساعي إنهاء  الحرب في اليمن، بعد أن أثبتت على مدى سنوات من عمر الحرب أنها تقف سندًا لليمن للعودة إلى الاستقرار والرخاء والنهوض بمقوماتها وإنهاء خلافاتها، حتى تعود موطن التاريخ الأصيل للحضارات ماضيًا وحاضرًا.

السلام على قائد سقى البلاد عزًا ومجداً وسعى للسلام صدقًا وصلحًا، فنال من الحكمة سموًا ورفعة، فسلمت ثم سلمت عهدًا مباركًا ممجدًا لوطن يستبشر الخير ويصون الأمن ويسعى للسلام.

***

من المندوس:

رغم المحن ستظل شامخًا يا يمن.

تعليق عبر الفيس بوك