شوارع مسقط تختنق.. شكاوى متصاعدة من الشلل المروري مع مطالب بحلول مستدامة

◄ الهنداسي: نحتاج إلى الاستفادة من التجارب الخارجية لحل المشكلة

◄ الشافعي: زيادة شبكة وسائل النقل العام تقلل من الازدحام

◄ الفهدي: توافد المواطنين والمقيمين على مسقط من أسباب الاختناق المروري

◄ الحامدي: يجب أن تتناسب الطرق مع حجم الكثافة السكانية

الرؤية- ريم الحامدية

يشتكي عدد من المواطنين بسبب الازدحام المروري الذي أصبح مظهرا متكررا في العاصمة مسقط وفي معظم الأوقات، الأمر الذي يؤثر سلبا على النواحي الاجتماعية والاقتصادية، وينتج عنه ظهور الهجرة الداخلية للانتقال إلى مناطق أكثر هدوءا وأقل في الكثافة السكانية وبعيدة عن الطرق والمحاور الرئيسية التي تشهد ازدحاما مروريا.

ويقول محمد الهنداسي- مهندس مدني- إن أسباب الاختناقات المرورية كثيرة وتحتاج إلى دراسة عميقة، وذلك من أجل تقصي ومعرفة المشكلة الأساسية ومعالجتها معالجة جذرية، إذ إن السبب اليوم لا يقتصر على الطرق فقط وإنما يتضمن أمورا أخرى مثل توزيع المخططات السكنية والتجارية والمؤسسات والشركات وغيرها، بالإضافة إلى ذلك عدم وضع استراتيجية على المدى الطويل مثل تصميم الطرق و المداخل والمخارج بما يتناسب مع ازدياد الكثافة السكانية، حيث إن مشكلة الازدحام المروري تستدعي إيجاد الحلول المستدامة وذلك  من خلال الاستفادة من الدول المتقدمة ومعرفة آخر التطورات والتكنولوجيا المستحدثة في هذا المجال.

م. محمد الهنداسي.jpg
 

ويضيف أن غياب التخطيط العمراني بما يتواكب مع النمو السكاني للسلطنة أدى إلى تفاقم مشكلة الاختناقات المرورية وخاصة في ساعات الذروة في الفترة الصباحية والفترة المسائية، وذلك لعدم توافر شبكة طرق تضم عددا من الحارات القادرة على استيعاب الكم الهائل لمستخدمي الطرق في ساعات الذروة، بالإضافة الى عدم تخصيص طرق أخرى مخصصة للنقل العام أو الحافلات والشاحنات لتجنب التباطؤ و تفادي الازدحام، وكذلك عدم وضع تخطيط زمني سليم للإشارات المرورية الموجودة على الطرق، وكفاءه وجودة الطبقات الإسفلتية التي تقل مع الوقت مما يؤدي إلى زيادة المعوقات أثناء التحرك على الطريق، وزيادة عدد السيارات المتواجدة في كل بيت مما يجعل كل فرد يستقل سيارة بمفرده.

ويوضح الهنداسي أن من أسباب الازدحام المروري هو التغير المفاجئ في عدد الحارات أثناء السير على الطريق، وضعف التخطيط الزمني والمكاني لأعمال الصيانة على الطريق مما يؤثر على الحركة المرورية، وعدم تناسب المخارج الرئيسية مع الكثافة المرورية خصوصا على طول الطريق السريع خاصة في الفترة الصباحية، وتواقيت العمل الثابتة للمنشآت الخاصة والحكومية، مبينا أن التخطيط العمراني يهدف إلى تطوير الحياة العمرانية والريفية، وإيجاد الحلول الهندسية للمشاكل العمرانية مثل التضخم السكاني، العشوائيات والازدحام المروري وتنظيم الحركة بين السكان والخدمات، لذلك يجب على الجهات المنظمة والمخططة إعاده تخطيط المناطق بما يتناسب مع النمو السكاني وذلك من خلال: "إنشاء مدن ذكيه مستقبلية، توزيع وتنويع الاستثمارات الجغرافية والخدمات على مختلف مناطق السلطنة، إنشاء بنية أساسية ذات مواصفات عالية وطاقة استيعابية لمدى طويل، الاستغلال الامثل للأراضي من أجل تحقيق متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خلق فرص استثمارية مختلفة في جميع مناطق السلطنة من أجل توفير فرص عمل وعدم اقتصارها على منطقة معينة، إنشاء مدن وقرى جديدة لزيادة الرقعة المأهولة بالسكان والتوسع في عمل التخطيط الأفقي بإنشاء المدن الجديدة وتخطيط الطرق فيها وبنائها وفق المواصفات القياسية التي تأخذ في الاعتبار كثافة المرور بعد 50 سنة، وزيادة عدد المنشآت السياحية ذات الجودة العالية علي أطراف المدينة، وإعادة تقييم لجميع الميول الموجودة على الطرق الرئيسية وخصوصا في المناطق الجبلية مثل عقبة العامرات وغيرها".

كما يقترح الهنداسي بعض الحلول لحل مشكلة الاختناقات المرورية مثل: إعادة تصميم الشوارع بما يتناسب مع النمو السكاني وزيادة طاقته الاستيعابية، إضافة حارات ومخارج ومداخل وطرق بديلة، عدم  تمركز المراكز الخدمية والمركز التجارية في مناطق  محددة والعمل على تنويع وتوزيع المراكز على المناطق مما يضمن ويحد من الازدحام، تطوير منظومة النقل وتحسين البنية الأساسية واستثمار التكنولوجيا الحديثة في تعزيز كفاءة وفاعلية منظومة النقل مثل القطارات والنقل العام،  استحداث نظام التوقيت المرن  واستخدام التكنولوجيا  مثل العمل عن بعد للوظائف التي لا يتطلب فيها حضور الموظف إلى مقر العمل، زيادة عدد الأنفاق لتقليل الإشارات في أماكن التقاطعات، التخلص من الدوّارات وتحويلها إلى ممرات سفلية ذات عدد حارات كافي مع رفع مستوى الخدمة فيها إلى المستوى الأول، وإعادة تخطيط الإشارات المرورية بحيث تكون متناسقة مع الكثافة المرورية المتغيرة خلال ساعات اليوم، إجراء مجموعة من الاختبارات الإضافية لحاملي رخص السياقة للتأكد من معرفة السائق بجميع القوانين والتزامه بها حتى لا يؤثر سلبيا علي حركة المرور، عدم التركيز على تطوير العاصمة فقط ورفع كفاءة الطرق والحركة المرورية في باقي المحافظات، إنشاء فروع لجميع المنشآت الحكومية في جميع المحافظات والسفارات الهامة والمدارس ذات المستوى العالي وأيضا بالجامعات الحكومية، زيادة توعية المواطنين بأهمية الالتزام بقوانين المرور وعمل الإعلانات الكافية لذلك إعلاميا، عمل طرق إضافية موازية بأسعار رمزية يكون فيها عدد المخارج أقل وموجهة إلى مناطق محددة وتكون ذات جودة عالية.

من جهته، يؤكد شهاب الشافعي أن العاصمة مسقط تعاني من اختناقات مرورية تتراوح بين المتوسطة والشديدة، وأن أسباب ذلك تعود إلى عدة أسباب، من بينها الاعتماد على النقل الخاص لأن العديد من سكان وزوار العاصمة مسقط يفضل استخدام سياراتهم الخاصة بدلا من وسائل النقل العام، مما يزيد عدد السيارات على الطرق ويزداد الازدحام المروري، وأيضا توافق مواعيد بدء وانتهاء العمل في القطاع الحكومي والقطاع الخاص، الأمر الذي يؤدي إلى تدافع العديد من السيارات في نفس الوقت على الطرق والشوارع، مما يزيد حدوث ازدحام المرور وتكدس المركبات.

شهاب الشافعي.png
 

ويرى أن من أسباب الازدحام المروري في مسقط هو تكدس المركبات في المناطق الحيوية التي تتركز فيها الأنشطة الحضرية والمراكز التجارية والحكومية، مما يؤدي إلى تعطيل حركة المرور، بالإضافة إلى أن وسائل النقل العام لا تلبي احتياجات السكان والزوار وتحتاج إلى تطوير واستراتيجية عمل جديدة، لأنها تعاني من تحديات مثل قلة التوفر وعدم توفير شبكة واسعة للمواصلات العامة، مما يجعل الكثير من الأشخاص يعتمدون على السيارات الخاصة، موضحا أن العاصمة تشهد توسعا حضريا سريعا بمعدلات نمو سكانية واقتصادية مرتفعة، مما يزيد من عدد السيارات ويضغط على البنية الأساسية للنقل والطرق، في ظل وجود بعض الطرق التي لم يتم تصميمها بشكل يضمن استدامتها لسنوات طويلة، ما يؤدي إلى تكدس المركبات بسبب تداخل الطرق وتواجد الدوارات غير الفعالة ووجود مناطق ضيقة.

ويقول الشافعي: "هناك نقص في استخدام التكنولوجيا والحلول الذكية في إدارة حركة المرور في مسقط، مثل توفير نظام تحكم مروري متكامل ونظام التحكم المروري الذكي، الذي يعتمد على الاستشعار الذكي والتحكم الآلي لتنظيم حركة المرور وتحسين تدفقها، والاستفادة من تطبيقات الهواتف الذكية لتحسين توجيهات السائقين وإدارة الحركة المرورية، كما أننا نحتاج إلى تكثيف التوعية المجتمعية والترويج لوسائل النقل العام والتشجيع على الاستخدام المشترك للسيارات"، مطالبا الجهات المختصة بضرورة توافق التخطيط العمراني مع النمو السكاني على مدى 50 عامًا القادمة واتخاذ عدد من الإجراءات منها: التحليل والتقييم الشامل لاحتياجات النقل المتوقعة خلال الفترة الزمنية المحددة، بما في ذلك توقعات النمو السكاني والاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والتنبؤ بالتطورات المستقبلية لأنماط النقل، وتحسين الخدمات العامة الحالية وتوفير خدمات نقل متعددة وفعالة وذات جودة عالية، بما في ذلك تحسين الخدمات، والتحول إلى تخطيط عمراني يركز على المشي والدراجات الهوائية والنقل العام المستدام، مع النظر في إنشاء مناطق حيوية تستهدف جذب السكان إليها وتوفير سبل الترفيه والتسوق والترفيه الاجتماعي، وتحديد الأولويات والأهداف الرئيسية للتخطيط العمراني في جانب النقل، مع التركيز على توفير النقل المستدام والمعتمد على الطاقة النظيفة، وتحقيق التوازن بين احتياجات النقل والحفاظ على البيئة والمدن وصحة السكان، والتعاون المشترك بين الجهات المعنية المختلفة، مثل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات والجهات الحكومية ذات الصلة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمجتمع الأكاديمي والبحثي، لضمان تكامل الخطط والاستراتيجيات وتنسيق الجهود المبذولة في جميع جوانب النقل المستدام، واعتماد تقنيات الاستشعار عن بعد والذكاء الصناعي والتكنولوجيا الحديثة للمساعدة في التنبؤ بتطورات النقل المستقبلية وتحليل البيانات واتخاذ القرارات القائمة على الأدلة والمعرفة.

ويشير المواطن همام الفهدي إلى أن من أسباب الاختناقات المرورية في العاصمة مسقط هو تزايد عدد السكان في المحافظة مع وجود توافد من باقي المحافظات بشكل مستمر لإجراء المعاملات والأعمال والتي يصعب تخليصها في المحافظات الأخرى، مطالبا الجهات المختصة بوضع تخطيط عمراني يواكب النمو السكاني خلال 50 سنة قادمة وذلك من خلال دراسة المساحات التي يمكن أن تكون قادرة على استيعاب مبان ومنشآت بعيدا عن المناطق الموجودة، ونشر الوعي وثقافة الالتزام بالقوانين المرورية تجنبا للتكدس المروري في نقاط التقاء الشوارع، وتوسعة الطرق الداخلية والتي تربط ولايات محافظة مسقط بطرق بديلة لا يقل كل طريق عن 3 حارات تجنبا للازدحام.

همام الفهدي.jpg
 

كما يرى الفهدي أن من بين الحلول إنشاء طريق بحري وربط الطرق الرئيسية بطرق أخرى داخلية لتسهيل الحركة المرورية.

ويعتقد بدر الحامدي أن وجود المقرات الرئيسية للوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية في مسقط، أدى إلى توافد المواطنين والوافدين على العاصمة وحدوث الشلل المروري في أوقات الذروة، بالإضافة إلى الكثافة السكانية العالية.

بدر الحامدي.jpg
 

ويضيف: "لا بد من مراعاة أن تتناسب الطرق مع حجم الكثافة السكانية ويتم ذلك من خلال توسعة الطرق وإنشاء طرق بديلة وتخصيص شوارع للشاحنات، كما أن التخطيط السكاني له أهمية كبرى في عملية التهيئة العمرانية في البلد، ولابد من وضع تصور عمراني يواكب النمو السكاني المتصاعد واستغلال المساحات الشاسعة وتزويدها بالخدمات المختلفة قبل البدء في جعلها مخططا سكنيا بحيث يكون هنالك تشجع من قبل المواطن للسكن فيها".

تعليق عبر الفيس بوك