د. خالد بن علي الخوالدي
التفكير في إقامة مهرجانات في ربوع محافظات عماننا الحبيبة له الكثير من الإيجابيات ويعمل على ترسيخ القيمة الثقافية والسياحية والاقتصادية والترفيهية لكل محافظة، وسيخلق فيما بعد تنافسية شريفة في الجذب السياحي، وعاما بعد عام ستظهر هذه المهرجانات بحلة مختلفة وبإبهار وعمل جديد وسيكون لها موطئ قدم بين المهرجانات العالمية إذا ما أحسن لها التخطيط، فكل مُحافظة من محافظات عمان لها عمقها التراثي والتاريخي ولديها المقومات السياحية التي تمكنها من أن تكون مصدر جذب عالمي.
ما يميزنا في عمان هو وجود ذلك التجانس بين كبار السن والشباب في إظهار الجانب التراثي والتاريخي والحضاري العميق الذي نملكه، ووجود الشباب المحافظ على هويته الذي يبدع في مزج ما هو ماضٍ وقديم مع ما هو جديد ومستحدث، وهذا التجانس يخلق جودة عالية في تنفيذ الفعاليات وبصمة واضحة في تميز المهرجانات في عمان، وخير دليل ما يشهده مهرجان شمال الباطنة البحري "مد جزر" من اهتمام ملحوظ بالموروث البحري العماني بصفة عامة وموروث شمال الباطنة بصفة خاصة، ففي هذا المهرجان يظهر ذلك التجانس الذي نتحدث عنه حيث نجد النواخذة مثلا يمثلون فئات مختلفة من الأعمار فهناك كبار السن وهناك الشباب الذين أكملوا على ما سبقهم فيه آباؤهم وأجدادهم، فكانت المشاركة الفاعلة والمثمرة لهذا التجانس في مهرجان كتارا بدولة قطر الشقيقة أثناء استضافتها لكأس العالم "قطر 2022" وهذا كان له ثماره البارزة عليهم ليكون خير من يمثل وطنهم في المحافل الدولية والمحلية.
هذا التلاحم والتجانس يمنحنا ميزة عالمية في الظهور بمستوى يليق بنا في المهرجانات، فمن ينظم ويعمل على الإعداد والإخراج والتنفيذ للمهرجانات هم شباب هذا الوطن، وهم شباب قادرون على الإبداع والتميز وتقديم الجديد عندما تتوفر القيادة الواعية التي تمكنهم من تحقيق أفكارهم على أرض الواقع، وإنني شخصيا أراهن على هؤلاء الشباب في قيادة دفة المهرجانات العمانية لتصل إلى العالمية، فبداية الألف ميل تبدأ بخطوة، ومع التجهيز المسبق والتفكير العميق قبل إقامة أي مهرجان سنجني ثمار النجاح والتألق والتميز وسنظهر بمهرجانات لها اسمها ولعل (مهرجان صحار) يكون أحد هذه المهرجانات التي ستنطلق بنا إلى العالمية.
هذه المهرجانات بتنوعها واختلاف أهدافها سوف تكون الانطلاقة لتشكل لها اسما قويا بين المهرجانات، فالمهرجانات أصبحت صناعة لها مردودها الاقتصادي والتجاري والسياحي، ولها فوائدها في المحافظة على التاريخ والتراث والموروث والفنون الشعبية والعادات والتقاليد وثقافة الشعوب، وهنا لابد من التفكير في الإعداد الأمثل للمهرجانات، ودراسة الجدوى منها على المستوى الثقافي والحضاري والسياحي والتطوير فيها عاما بعد عام، والسعي لأن تكون لها بصمات عالمية من خلال مشاركة الدول الأخرى كما يحدث في المملكة العربية السعودية من وجود دول عديدة بثقافاتها وفنونها وتاريخها وأسواقها في موسم الرياض الذي استطاع في سنوات بسيطة تسجيل اسمه وبقوة كمهرجان عالمي.
وختامًا.. إنَّنا قادرون خطوة بعد خطوة أن نصل إلى تحقيق أهدافنا، نملك الكثير للتميز والإبداع، وعندنا الشباب والإمكانيات التي تؤهلنا للوصول إلى العالمية فقط علينا الإيمان بأننا قادرون على أن نصل وأننا قطعنا الخطوة الأولى في مشوار الألف ميل.
ودمتم ودامت عُمان بخير.