جمعية الغارمين (2)

 

خليفة بن عبيد المشايخي

halifaalmashayiki@gmail.com

 

تتقدم حياة النَّاس على الأرض يومًا بعد آخر بأشكال وأوضاع وحالات مختلفة، وتنفرج أساريرهم ويسعدون في أوطانهم، إذا وجدوا اهتماما وتقديرا واحتراما وتفكرا في حالهم وأنماط ومستوى معيشتهم، خاصة أصحاب الدخل المحدود والفقراء والضعفاء والمساكين والمحتاجين.

ويشعر الإنسان بالطمأنينة في أي بلد وبقعة كانت، إذا وجد الخير وتوافرت له أسباب السعادة والراحة واليسر والتيسير، ولا شك أنَّ كلا منَّا ينشدهما، مع الرغبة في وجود حياة كريمة طيبة هنية، لا فيها تنغيص ولا ذل ولا هوان ولا نكد، وفي هذه الحياة الدنيا، نعمل من أجل أن نتحصل على رزقنا الحلال، فالسماء لا تمطر ذهبا، ولا بد للقادر على العمل أن يعمل.

ولما كان الأمر كذلك، فإن الجميع يسعى ويكد ويعمل ليل نهار، في أماكن وبيئات مختلفة وبعيدة عن الأهل والولد والبيت لأسابيع وأيام كثيرة، والوطن كما نعلم أنه للجميع، فهو ليس لأحد كملكية خاصة، فجميعنا فيه يكمل بعضنا بعضا، وجميعنا فيه يعمل ويقوم بدوره، كل في مجاله واختصاصه.

ورغم تعدد المساعي وطرق الرزق والعيش، إلا أن الوطن عليه حقوق تجاه أفراده، والوطن ليس ترابا أو أرضا أو مكانا، بقدر ما هناك أناس قائمون عليه وعلى إدارة شؤونه وتأمين حياة كريمة لأهله وناسه وشعبه، أولئك يشكلون الحكومة والأجهزة الرقابية والتشريعية والتنفيذية.

وصلاح الفرد يأتي بالخير، وسنجد هذا الإنسان حبب فيه الخير، وسنجد سعيه تجاه من هو مسؤول عنهم يأتي لمصلحتهم بالخير.

ولكن هناك من يشذ عن القاعدة، وينظر إلى نفسه لطالما هو وأولاده في خير، فبالبقية ليسوا مهمين، ولنا فيمن نراهم برهان ودليل على ذلك، وقد يقول قائل، من يصلح الملح إذا الملح فسد، كذلك كيف بإنسان لم يجعل الله تعالى فيه خيرا، كيف سيكون هو خيرا على أهله وبيته، وأيضا كيف وجوده سيكون فيه خير للغير، فلله تعالى عباد اختصهم بقضاء حوائج الناس، فحببهم في الخير، وحبب الخير إليهم، وهم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة.

إذن إذا وجدنا إنسانا ليس فيه خير، فلنرَ آيات الله تعالى الخيرة فيه، هل هي موجودة فيه أم لا، وأقصد هنا الخيرية، لأنه إذا كان في القلب حاجة، فإن العين ستهل دموع من كثرة الهم، كحال المصطفى صلى الله عليه وسلم، حينما كان يرى غاديا ورائحا مهموما، ويُسأل صلوات ربي وسلامه عليه، ما بك يا رسول الله، فيقول أمتي أمتي، فكان صلى الله عليه وسلم مهموما من أجل أمته متفكرا فيها، وفي من سيأتي فيها بعده، رائده صلى الله عليه وسلم، أن تكون كل أمته في الجنة.

وفي هذا السياق وبعد الذي تقدم، أتساءل كم مضى على جهود الإخوة الأعزاء الذين فكروا في إنشاء جمعية الغارمين، هؤلاء الناس كم صار لهم من الوقت يخططون ويفكرون ويعملون ليل نهار، وقدموا مقترحهم إلى الجهات المعنية.

لقد سبق لي أن كتبت مقالا عنها وهذا المقال الثاني، وفيه كغيري أتساءل ما الذي يؤخر إشهار الجمعية إلى يومنا هذا؟

حقيقة الذي يده في الماء البارد، ليس كمن يده في النار، فهناك سجناء ضاعت أسرهم وأولادهم، والمبادرة التي تقدمت بها السيدة الجليلة- حفظها الله ورعاها- مؤخرا وآخرون، لم تُخرج كل سجناء المطالبات المالية، ووجود هذه الجمعية وإشهارها، سيسهم مع الحكومة ومع الخيِّرين، في حل الكثير من القضايا والمطالبات المالية العالقة، وستمكن من إطلاق سراح كل السجناء، والعودة إلى أهاليهم وأبنائهم..

فهل ستشهر الجمعية قريبًا؟ هذا ما ننتظره ونتمناه أن يتحقق على وجه السرعة.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة