هل أنت دُب قُطبي أم بطريق؟‎

 

أنيسة الهوتية

هل أنت دُبٌ قُطبيٌ أم بطريق؟ سؤالٌ تمَّ طرحهُ من نفسي على جسدي عندما بدأت أرتجفُ -ولأول مرةٍ في هذا الشتاء- بعد إنهائي للوضوء لإقامة صلاة الفجر! ولا أستطيعُ وصف الماء الذي كان رائع البُرودة بدرجةٍ لطالما أحببتها وانتظرتها أن تكون!

فقد حفظت درسًا من عجوزٍ -رحمها الله- أنَّ الماء البارد جدًا يُساعد على شد الترهلات وتذويب بعض الدهون العنيدة ولكن باتباع الطريقة الدقيقة بعد القيام بتلك المُغامرة المجنونة وبالأخص عدم التعرض للهواء.. وهُنا كان الخطأ التكتيكي الدقيق! الهواء الذي تعرضتُ لهُ من "البانكة"!

"البانكة" التي لا يحبها أغلب الناس، وبدأوا بصرف النظر عن حاجة وجودها في بيوتهم إلا أنني من عُشاق البانكة وخاصةً صوتها الجميل الذي استمتعُ به وكأنها مُوسيقى "هيب هوب" إلكترونية، وبعضهن أصواتهُن كأصوات النائحات وكأنهن يندبن كُليبًا بعد أن اغتالهُ جساس!

ونرجعُ إلى سؤال النفس للجسد! أو -بأكثر منطقية- العقل للنفس! لأنَّ الجسد مجرد وعاء فارغ مملوء بالروح والنفس وهي أداة كهربائية شديدة الدقة في التصنيع-سبحان الله- كهرباءهُ هو النفس والمادة الحافظة له هو والروح، وبدونهما فإن هذه الأداة الإلكترونية لا صلاحية لها أبدًا.

أما بخصوص السؤال فقد كنت أودُ أن أجيب بأنني بطريق لأنَّ الدب القطبي يكون في سباتٍ شتوي، ولكنني فجأة تذكرت معلومة مخزنة من مجلة ماجد أن الدب القطبي لا يبات في سُباتٍ أبدًا فتراجعت عن اختيار البطريق -رغم أنهُ أظرف- واخترت الدُب القطبي، لأن البشر بطبيعتهم يُحبون تشبيههم بالمخلوقات القوية والضخمة وإن لم يكونوا في الأصل كذلك! "ويا حليله" البطريق "نتفة" خاصة بطريقة مشيه تلك التي تُشبهُ تشارلي تشابلن، أو المرأة الحامل في شهرها التاسع! أو أي شيءٍ آخر إلا أنهُ لا يقربُ عظمة الدُب القطبي الذي يتسيد أعلى قمة في هرم الحيوانات المُفترسة!

دُب وليس بطريق، أسد وليس سنورا، صقر وليس حمامة! وهلُم جرًا... رُغم أن الخيار الثاني "كيووت"، ولو قالت فتاة لولد أنت "كيووت" يطير فرحًا، أو العكس! ولكن في التشبيهات "الكيوت"..."لبر ما مقبول".

والدُب القُطبي "الكيوت" الوحيد الذي أحببته جدًا، فهو قُطبي من مُسلسل الكرتون (الدببة الثالثة) فهو الوحيد الذي لا يتحدثُ كثيرًا، ولا يفتعل "ربشة" مع إخوته باندا وبُني -اسمه شهاب، ولا أدري لماذا أسموهُ شهاب! ولكنني أُفضل تسميتهُ بُني- وأعتقدُ سبب حُبي له ليس لأنهُ قُطبي "كيوت" ولكن من عادتنا نحنُ النساء الإعجاب بالرجال قليلي الكلام وكثيري الفعل والذين يظهرون فجأة كمُنقذين في الأوقات الصعبة وسريعي الحضور في الأزمات.

نعم، ولماذا قد تُحب المرأة رجُلًا يتحدَّث كثيرًا "ثرثار" لأنهُ سيكبتُ طاقتها التي تحتاجُ استخراجها حتى تستطيع أن تحتويه لأنها هي مخلوقةٌ "ثرثارة"، فإنَّ النساء خُلقن ثرثارات يُحببن الكلام الكثير مع الأشخاص الذين يحببنهم ويرتحن لهم وخاصةً من الجنس المُعاكس، وهُم: الزوج، الحبيب، الخطيب، الأب، الأخ، الخال، العم، الزميل المُقرب! ولا يجب أن نُنكر أن الرجل يقع في غرام المرأة الثرثارة كثيرة الكلام والضحك "إلييين" يتزوجها، وبعدها يبدأ في التنافر والانزعاج من حديثها وصوتها! وهُنا "تشتغل" حالة تشابه قُطبي المغناطيس بالعمل بينهما فيتنافران من بعضهما البعض!

هُو يُريدُ الصمت والهدوء، وهي تُريد الكلام والنقاش! ويُصبحان مثل الدُب القُطبي والبطريق يعيشان في صقيعٍ باردٍ خالٍ من المشاعر لا حرارة ولادفء ولا يلتقيان أبدًا بين تلك الثلوج!

وفعلًا، الدُب القُطبي والبطريق لا يلتقيان أبدًا، فكلاهُما يعيشان في بيئةٍ باردةٍ وسط الثلوج ولكن في قطبين مختلفين؛ فالبطاريق تعيش في القطب الجنوبي والدببة القطبية تعيش في القطب الشمالي!