دورة كأس الخليج

 

محمد العليان

بدأت ضربة البداية وانطلقت بطولة دورة كأس الخليج الخامسة والعشرين في العراق الشقيق، والتي تحتضنها مدينة البصرة، والتي أصبحت عروس الخليج، وقد أُقيم افتتاح مبسط جميل يحاكي تاريخ الخليج والشعوب وماضيها وحاضرها وسط حضور 67 ألف متفرج على ملعب البصرة.

ورغم ما يُقال قبل كل بطولة من كل النواحي حول البطولة أنها أصبحت بطولة تنشيطية ولم يعد لها أهمية، إضافة إلى أنها غير رسمية ولم يعترف بها "الفيفا" حتى الآن، لكن نقول عكس ذلك، إن بطولة كأس دورة الخليج تعد إرثًا شعبيًا خليجيًا لأبناء الخليج لا يعرف قيمتها إلا أبناؤه؛ حيث كانت المتنفس الكروي الوحيد لشعوب وجماهير الخليج، وما زالت إلى يومنا هذا، رغم ما مرت به البطولة من تقلبات وعواصف حتى وصلت على المستوى السياسي، وانسحابات عدة مرات أثناء إقامتها سواء رياضية أو غير رياضية، وتاجيج إعلامي وخلافات، إلا أنها تظل وستظل بطولة خاصة لها خصوصيتها ولونها وطعمها، بين شعوب ومجتمعات الخليج، دورة كأس الخليج تبوح بأسرارها من بطولة لبطولة.

دورة الخليج ساهمت كثيرا في إنشاء البنية الرياضية التحتية في دول الخليج كبناء الملاعب والفنادق والتعاقد مع المدربين العالميين لتدريب المنتخبات الخليجية وتطويرها، إضافة إلى ظهور نجوم وأسماء كثيرة ما زالت عالقة في الذاكرة إلى يومنا ووقتنا الحالي، وكذلك بروز الحكم الخليجي وهذا أهله للتحكيم في بطولات قارية وعالمية ومنها بطولة كأس العالم، إضافة إلى المدربين الخليجيين المحليين والذين قادوا منتخباتهم في البطولة.

ومن ثمار دورة كأس الخليج فنيًا تأهل منتخبات الكويت والعراق لبطولة كأس العالم في الثمانينيات، وأيضًا المنتخب الإماراتي والسعودي في عقد التسعينيات، وخاصة المنتخب السعودي تأهل لأكثرمن مرة للبطولة. بطولة الخليج لم تكن بطولة لكرة القدم فقط؛ بل جمعت شعوب وجماهير الخليج على ملعب واحد؛ ملعب المحبة، وكوّنت روابط وصداقات وعلاقات بين شعوب المنطقة.

بطولة الخليج رغم مرور 52 عاما على انطلاقتها الأولى في مملكة البحرين، تحتاج إلى تطوير وتحديث وتجديد من كل النواحي والنهوض بها في كل المجالات وهذه مسؤولية جميع دول الخليج، للمحافظه على هذا الإرث الشعبي. ويأتي في المقام الأول تحديد تاريخ وموعد محدد ثابت لإقامتها حالها كحال البطولات القارية والعالمية تتوافق مع المنظومة الكروية العالمية، أي بطولة في الوقت الحالي؛ سواء إقليمية أو قارية أو عالمية لم تعد مباريات في الملعب فقط؛ بل أصبحت خارج الملعب أيضًا الجماهير تريد فعاليات وأماكن سياحية وميادين وشواطئ وكورنيش وساحات عامة وأسواق شعبية تراثية ونشاطات ترفيهية، تذهب لها وتجلس فيها تجتمع وتناقش في البطولة قبل وبعد الذهاب إلى المباريات، لا تريد أن ترجع بعد المباراة إلى البيت مباشرة أو إلى مكان الإقامة، وهذا عرف عفا عليه الزمن.

إن دورة الخليج ولدت لتبقى حلما يتوارثه الأجيال، والأحمر العماني خرج بالتعادل مع مستضيف البطولة المنتخب العراقي ورغم ذلك إلا أن الرهان على الأحمر ليكون المرشح الأول للفوز بالبطولة، ثم يليه المنتخب العراقي صاحب الأرض والجمهور، ثم المنتخب البحريني حامل لقب آخر بطولة.