رحلت سعيدًا.. نَم سعيدًا

 

علي بن حمد المسلمي

aha.1970@hotmail.com

 

يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشمس، فيه خُلق سيدنا آدم وفيه تقوم الساعة، يستبشر به المسلمون خيرًا بعد عناء الأيام الخوالي، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ".

يؤدي المسلمون فيه صلاة الجمعة ويتضرعون بالدعاء إليه وفيه ساعة إجابه وبعدها ينتشرون في الأرض مصداقًا لقول الله سبحانه وتعالى "فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض".

وفي مساء ذلك اليوم المبارك وإيمانًا بقضاء الله وقدره رحل الشاب سعيد وهو في ريعان شبابه، لم يتجاوز التاسعة عشرة من العمر، خرج مع رفاقه إلى الملعب في المحلة كعادته في نهاية الأسبوع وهو لا يدري أن ريب المنون تتربص به، وشاءت إرادة الله أن يسقط على الأرض نتيجة لأزمة قلبية ألمت به، فاحتار رفاقه ماذا يفعلون لصغر سنهم وقلة خبرتهم وثقافتهم الطبية ولهول الموقف، لكن أُسعف بعدها إلى المشفى غير أنه كما يقول ابن الرومي:

ولكنَّ ربِّي شاءَ غيرَ مشيئتي

وللرَّبِّ إمْضَاءُ المشيئةِ لا العَبْدِ

كان سعيدٌ فتى هادئ الطباع دمث الخلق لين المعشر، مضيافًا ومتفوقًا في دراسته رغم معاناته في شهادة الدبلوم؛ حيث أصيب في قدمه قبل فترة وظل يُعاني طويلًا، إلى أن عافاه الله وشفاه ولكن صبره ومثابرته جعلته يتفوق ويحصل على مقعد في جامعة السلطان قابوس في كلية الهندسة هذا العام وسُر به والداه كثيرًا. ويذكر أحد جيرانه أنه رغم صغر سنه، إلا أنه كان مواظبًا على الصلوات الخمس وخاصة صلاة الفجر، ويحرص على أدائها في جماعة وكان عندما يجده في الطريق يصطحبه معه أثناء الذهاب والعودة.

رحمك الله يا سعيد، وإلى جنة الخلد وصبر والديك وإخوتك ورفاقك على فراقك، ولا نقول إلا كما قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه "وبشر الصابرين الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ"، ونقول لوالديه كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم عند وفاة ابنه إبراهيم "إنَّ العين لتدمع وإنَّ القلب ليحزن..." وكذلك ما رواه مسلم عن أم سلمة فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله عزَّ وجلَّ "إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها إلا أخلف الله له خيرًا منه".

نسألُ الله أن يغفر لنا ولموتى المُسلمين عامة ويرحمنا ويُحسن خاتمتنا جميعًا وغفر الله لسعيد. ونقول له نم سعيدًا يا سعيد، ورزقك الله الجنة وحسن الثواب، إنه سميع مجيب الدعاء.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة