أحمد بن موسى البلوشي
من الأشياء التي لا يُمكن سرقتها، ولا يمكن لأي شخص أن يُسيطر عليها، ومن خلالها يمكننا أن نميز بين شخص وآخر سواء في مجال العمل أو الدراسة أو الحياة العامة، ألا وهي المعرفة التي يمتلكها الفرد، وأقصد هنا المعرفة وليس المعلومات؛ فهي تعتبر من الثروات التي يمتلكها كل واحد منِّا، فبهذه المعرفة يمكننا أن نعمل المستحيل ونطور من كل شيء نريده بشرط أن تدار هذه المعرفة بالطريقة الصحيحة لتحقق بها الأهداف والطموح الذي تسعى له، فما ينقص الكثيرين منِّا اليوم هو عدم قدرته على إدارة هذه المعرفة التي يمتلكها بالطريقة السليمة، يقول إبراهيم الفقي "تضعك المعرفة في صفوف الحكماء، ويضعك العمل في صفوف الناجحين، ويضعك التفاهم في صفوف السعداء".
يُعرِّف البروفيسور الياباني إيكوجيرو نوناكا "المعرفة" على أنها "الاعتقاد الشخصي المبرر لدى الفرد، والتي نتجت عن الفهم العميق المكتسب من خلال الخبرات المتراكمة عبر الزمن، والتي نتجت بدورها عن المعلومات التي تمت معالجتها والتي بدورها هي الأخرى نتجت عن البيانات التي تم تحليلها والتنقيب فيها". فهي كل المهارات والقيم والخبرات التي اكتسبها الفرد في حياته من خلال التصرفات والمعاملات والسلوكيات وغيرها، فأصبحت مكوناً من مكونات شخصيته تميزه عن الآخرين، لذلك أحيانًا عندما تجلس مع مجموعة من النَّاس تُعجب بأفكار واحد منهم وأسلوبه في الطرح ونقاشاته وحله للمشاكل وطرحه للأفكار والآراء حول المواقف المختلفة هنا يكمن دور المعرفة الشخصية وهي التي تميزك عن الآخرين وتجعلك أكثر نجاحا وحكمة، وربما من الأسباب التي تجعلنا اليوم لا نهتم كثيرًا ولا نستفيد من هذه المعرفة التي نمتلكها كوننا نقضي الكثير من وقتنا متنقلين بين وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة في قراءة التغريدات والأخبار التي لا تغني ولا تسمن من جوع، والمعلومات التي لا يُعرف مدى صحتها، ونستمد منها جل معلوماتنا دون أن نعتمد على مصادر علمية وحقيقية في تطوير ما لدينا من معارف، ولا ننكر الدور الذي ساهمت به وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة في تطوير معارفنا الشخصية بشرط أن نستخدمها الاستخدام الأفضل.
المعرفة التي يمتلكها أي فرد تساعده في فهم وتفسير الكثير من الحقائق، تساعده في التصرف مع المواقف التي تصادفه، تساعده في حل الكثير من المشكلات التي يواجهها، لذلك يجب علينا أن نطور هذه المعارف ونستفيد منها، وهناك مصادر كثيرة لتطوير هذه المعرفة وربما يكون من أهمها الكتاب، وكذلك تراكم الخبرات واختلاطها مع التجارب الشخصية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها الكثير، يقول التربوي والأديب السعودي الدكتور محمد الشويعر: "من خلال تجربتي الشخصية مع مصادر المعلومات، يوجد مصدران أعتمد عليهما بشكل رئيس الأول، هو الخاص بالمعلومات الإخبارية والتقارير الصحفية، لذا أعتمد عليها من خلال المواقع الإخبارية الرسمية والصحافة. إذ تحوّل تطبيق "الواتساب" إلى مصدر معلوماتي غير موثوق، يأتيني كثير من المعلومات عبره، ولكن حينما لا أعرف مصدرها، فأنا أستبعدها حتى من النقل أو الحديث عنها، فهي أقرب إلى الشائعات المُسرَّبة، أما المصدر الأساسي بالنسبة لي فهو في القراءة، وأقصد الكتاب الورقي وليس الإلكتروني.
لذا أرى أنَّ الكتب والمكتبات هي المصدر الأكثر أمانًا في استحضار أي معلومة في أي بحر من بحور العلم".