◄ هذه دعوة لنقف للحظة، أو يوم أو أيام، لنصنع التوازن ونقبل مشاعرنا ومشاعر الآخرين كيفما كانت
فاطمة الحارثية
اعتدل في جلستك، ضع يدًا على رأسك والأخرى على صدرك، خذ نفسًا عميقًا؛ بل أكثر عمقًا مما اعتدت عليه، احتفظ بتلك الأنفاس بضع ثوان، ثم حرّر نفسك منها بكل هدوء وبأطول مدد مما سحبت، كرر إن احتجت؛ وتوقف عن متابعة القراءة إن رغبت، وعد لمتابعة القراءة حين تشعر بذلك.
اقتران الصفاء بالصعاب خيار، له أن يسود في السراء والحزن وعواصف الألم، ولنا أن نهمشه ونأخذ بدثار الفوضى والاضطراب، قد لا نحكم مشاعرنا لكن نحن من نقرر تنظيم دواخلنا مثل قرارنا في أفعالنا؛ قرأت في مكان ما، أن أعباء الحياة وخبراتها ترسم حضورا ظاهرا على وجوه الناس، كخارطة تسرد عن سيماء الفعل وردود الفعل معًا، وبما أننا مازلنا على الأرض نمضي ونخوض، إذا مازال الكتاب يُدون تلك الممارسات.
ماذا حل بك خلال الشهور الماضية؟ هل ركزت على قدرتك وقدراتك؟ أم أخذت الصف الأمامي وغاب عنك المحيط؟ هل تعلمت وجددت أم كررت ماضيك؟ أم كنت من المُقلدين؟ هل شكلت انطباعاتك للأمور وعن الناس بنفسك أم تركت مثل هذه المهمة الحساسة للآخرين؟ لنتفق أن ليس ثمة طريق سهل أو صعب، وبصرف النظر عن وصفنا تبقى الطرق طرقا، وإذا اتفقنا أن المنهج هو الفكر والسلوك هو الفعل الذي يُبلغ عن الفكر، ندرك أن مشاعرنا نتاج طبيعي ونحن نحصد ما زرعنا واخترنا، فعندما يكرهنا أحدهم أو يمكر لنا، فذلك ناتج طبيعي لنجاح أو تميز، وهذا يعيدنا إلى أن نفكر بصدق تام وإخلاص للنفس، لماذا يكرهنا أحدهم؟ أيضا لماذا نكره أو نغضب أو نسمح للمشاعر المختلطة باحتوائنا ودفعنا نحو ما نرفض أن نستقبله من الآخرين؟ صحيح أن ثمة من يحسدك أو يغار أو... ولكن لماذا تغضب عليه وأنت في جوفك ذات المشاعر وإن كانت موجهة لآخرين؟ مثلما ترى أنك لا تستحق غضب أو كره أحدهم، ثمة هناك من يحمل ذات المعتقد تجاهك، فاترك الصف الأمامي وعش مع المحيط.
هذه دعوة لنقف للحظة، أو يوم أو أيام، لنصنع التوازن ونقبل مشاعرنا ومشاعر الآخرين كيفما كانت، فالمشاعر غالباً ما يصعب علينا معرفة أسبابها، لكن الأهم أن نراقب ردود فعلنا وسلوكنا لأنه ليس دائما ولكن كثيرا ما يكون في نطاق سيطرتنا، وهي الحكم الذي يعطي الأفضلية، عليه يا كرام لا تحاسبوني على مشاعري وعواطفي فربما هي من تحميني، وربما تشكلت من الأنا العليا، ولكم في رد الفعل والسلوك حديث مقتضب، لأني لا أقبل الإسهاب عندما يكون ردا لفعل.
ألق...
إنه عام جديد، ومساحة أخرى تكتب عليها مستقبلك السرمدي، لا تنتظر وقتاً ما لتدون حلما، ولا غدا لتبدأ توبة، أو تصنع ابتسامة أو اعتذارا، وعش كل ما ترغب به الآن، فكل شيء بمقدار وقد لا يكون الغدُ لك.