الوفاء ليس بالكلام

 

د. أحمد أبوخلبه الحضري *

 

لا أستطيع أن أصف مذاق حسن المعاملة من صديق أو قريب، ولا أتصور الجمال دون قيم ومبادئ وأخلاق؛ فالفتاة المبتذلة سليطة اللسان وإن كانت جميلة، بعيدة عن الخلق ومبادئه وأساسياته وتتعارض أساليبها مع روح وقيم الفطرة والأخلاق المستحسنة.. والرجل الذي يصدق ما يفعله هو فقط دون تقدير لتقييم وتقديرات الآخرين لا يمثل إلا تلك الشخصية النرجسية التي تتباهى بنفسها وتحرص على الوصول إلى ما تريد، وإن كان ذلك على حساب حقوق آخرين وكل القيم والمبادئ والأعراف وأصول التعامل ورقي التعاون.

وهي تلك التي تستعدي الجميع أو تتقرب منهم للوصول إلى ما تُريد فقط ولا تعجب إلا بما تفعله وتتنكر لأي صنائع معروف بما فيها تجاوز مبادئ التعاون ونكران أواصر القرابة والتآخي وأصول الصداقة.

ويظل الاحترام والمعروف فيما بين الناس أو الأقرباء ليس كلمات تقال ولا شكلا من أشكال تصنع تبني الفضائل ولا استعراضات تستدعي أمام البعض لتسجل مواقف مصطنعة أمام البعض الآخر وعلى حساب آخرين أو التقليل من مكانتهم أوشأنهم.

إن المعروف والقيم في تعبير كل هذه الأشياء هو شعور حقيقي وصادق يستدعيه النبلاء عندما يخدمون غيرهم وعند حاجة غيرهم إليهم وأثناء قيامهم بالواجب عندما يحتاج إليه آخرون دون انتظار طلب منهم بما في ذلك الحرص على استمرار بذل التعاون وأهم من ذلك هو الاحترام والتقدير في وقته وفي كل وقت.

المعروف الحقيقي هو في توظيف الإنسان لمواهبه توظيفاً جميلاً لخدمة الآخرين وفي مقدمتهم ذوو القربى ومن يحب ويصبح التقدير والتوقير ملزما، وهو في هذه الحالة أقل وأدنى صنائع المعروف.

ولا يمكن لأي عاقل أن يحس بجمال ولذة المعروف في شخص يكذب أو أشخاص يتنكرون من صنائع غيرهم مهما كانوا أذكياء ويشعرون أنهم متميزون عن غيرهم. وأن أي إحساس بالتكبر من صديق تجاه آخر يظل مدعاة للسخرية وينتقص من الرجولة ويبدو أمام الناس كالطلاء المشوه الذي يعتبره صاحبه جميلاً في حين يراه البقية عكس ذلك.

جمال الإنسان الخلوق في حسن تعامله وبساطته ومشاعره واحترامه ومحبته للآخرين، وبذلك يمثل رمزا للوفاء والجمال الراقي والحقيقي؛ فالأذواق والوفاء والقيم وحسن التعامل لا تشترى أو تصطنع، وأن تجاوزها من البعض تجاه آخرين يشبه الزجاج إذا انكسر، وقد يحتاج إلى عقود من الزمن ليتنسى من خلالها غسل القلوب والعقول من آثار فوضى ألسن وكلام البعض وما اقترفته أيديهم مع أن البعض منهم لا يمكن غسل قلبه ولسانه ويده من الأوساخ ولو استدعى مياه البحار للتخلص من ذلك ليسجل المواقف وحدها هي من تفرز مناقب الرجال لتبين الغث من السمين وأنه ليس كل ما يلمع ذهبا وبأن الطبع لدى البعض غلب التطبع مهما حاولوا الظهور أمام الآخرين خلاف ذلك أو التصنع عكس طباعهم.

 

** طبيب يمني مقيم بسلطنة عُمان

تعليق عبر الفيس بوك