د. سليمان المحذوري
مع انطلاقة تنفيذ رؤية "عُمان 2040" بات من الضروري العمل بشكل متناغم بين جميع القطاعات في الدولة الحكومية والخاصة والأهلية من أجل أن نضع عُمان في مصاف الدول المُتقدمة، وما من شكّ في أنّ الكادر البشري يُعد حجر الزاوية في التنمية المستدامة؛ لذلك ارتكزت هذه الرؤية على الاستثمار في رأس المال البشري، وتطوير الكفاءات الوطنية التي ستقود المرحلة المستقبلية لعُمان خلال عقدين من الزمان، وبالتالي المساهمة في تحقيق جملة من أهداف الرؤية منها تحسين تصنيف السلطنة ضمن عدة مجالات مثل مؤشر الابتكار، والحوكمة العالمية، والكفاءة الحكومية، والتنافسية العالمية، ورفع نسبة الاستثمار الأجنبي من إجمالي الناتج المحلي العُماني.
ومع بداية هذا العام، أطلقت وزارة العمل منظومة قياس الأداء الفردي "إجادة"- إحدى ممكنات تحقيق رؤية "عُمان 2040"- في وحدات الجهاز الإداري المدنية من أجل الارتقاء بالأداء الحكومي، وإيجاد إدارة حكومية كفؤة فاعلة تتواءم مع مقتضيات هذه المرحلة. وتأتي منظومة "إجادة" بديلًا عن النظام المعمول به سابقًا لتقييم الموظفين الحكوميين، والذي يتم من خلال تعبئة استمارة للموظف من قبل المسؤول المباشر، ونسبة كبيرة من الموظفين كانوا لا يطّلعون على هذا التقييم؛ وبالتالي لا يعرفون نقاط القوة والضعف لديهم. ومن جانب آخر، يتساوى جميع الموظفين في الترقيات بصرف النظر عن أدائهم ونادرًا ما يُكافأ الموظف المُجيد.
ورغم أنّ "إجادة" ليست جديدة ومطبقة في مؤسسات القطاع الخاص في السلطنة؛ بيد أنّ المنظومة ما زالت لم تتبلور بعد في القطاع الحكومي؛ كونها في سنتها الأولى. وتستند المنظومة على وضع الموظف لأهدافه بشكل ربع أو ثلث أو نصف سنوي وفقًا لاختيار المؤسسة طبعًا بالتوافق مع المسؤول المباشر، وفي نهاية المرحلة يُقيِّم الموظف أداءه بخصوص مدى تحقيق الأهداف الموضوعة ومن ثم اعتماد التقييم من المسؤول. ومن الإيجابيات التي تطمح إجادة لتحقيقها الإنصاف في تقييم الموظف، وتحفيز الموظف المُجيد والمجتهد، إلى جانب أهمية جلوس المسؤول مع الموظف سواء في مرحلة وضع الأهداف أو بعد التقييم. ومع ذلك؛ فإنِّه من الطبيعي أن تظهر بعض التحديات عند تطبيق أي نظام جديد، وهذه المنظومة ليست استثناءً، وتحتاج لبعض الوقت حتى تكتسب الموثوقية والعدالة والشفافية في تقييم الموظفين نظرًا لحداثتها حيث إنّه من الملاحظ عدم اقتناع بعض الموظفين بهذه المنظومة، وبالتالي الامتناع عن رفع أهدافهم في النظام، كما أنّه من الصعوبة بمكان ضمان وضع فئة من الموظفين لأهداف جيدة وبالتالي الحصول على التقييم المناسب والعادل، ومن جهة أخرى قد يعتمد المسؤول المباشر نتائج غير حقيقية لا تعكس الواقع.
لذا؛ ومن وجهة نظري تمثل هذه السنةُ سنةً تجريبية ولا تحتسب في البناء التراكمي لنتائج الموظف الذي قد يتأثر بالترقيات أو مكافأة الموظف المجيد. ومع العمل على نشر وترسيخ ثقافة إجادة في المؤسسات الحكومية يُمكن التركيز خلال العام القادم على موضوع تجويد الأهداف، وأهمية اعتماد المسؤول المباشر للنتائج الفعلية التي تقيس أداء الموظف ضمانًا لتحقيق المنظومة لأهدافها المرسومة.