الشركات الناشئة.. بوابة للاستثمارات الواعدة والتطور التكنولوجي

 

◄ خبراء يطالبون بتسريع تأسيس الشركات القائمة على التقنية والابتكار

◄ مقترحات بطرح محفزات لإنشاء صناديق الاستثمار الجريء

◄ الزرعية: 139 "شركة مليارية" حول العالم.. وخطط لدعم نموها في عُمان

◄ ليمرز: تعزيز الابتكار بالشرق الأوسط يسهم في تحقيق النمو الاقتصادي

◄ المنذري: 45% من الوظائف في عُمان مُهددة بالفقد بسبب الذكاء الاصطناعي

◄ الصندوق العُماني للتكنولوجيا يستثمر في 92 شركة عُمانية ناشئة

◄ "هيئة تنمية المؤسسات" تدعم الشركات الناشئة بـ6 حاضنات

 

الرؤية- مريم البادية

مع التطور التقني المتسارع والتوجه نحو المشاريع المعتمدة بالكامل على التكنولوجيا، نمت وتيرة تأسيس الشركات الناشئة القائمة على التقنية والابتكار؛ باعتبارها بوابة للاستثمارات الواعدة والوظائف المتعددة للباحثين عن عمل، ولم تكن سلطنة عُمان بعيدة عن هذا النوع من الشركات؛ حيث تأسس عدد من الشركات الناشئة في مجالات تعتمد على الذكاء الاصطناعي والأتمتة والبرمجيات، وبرهنت على نجاحها؛ الأمر الذي دفع الحكومة لإطلاق برنامج الشركات الناشئة العُمانية الواعدة، تحت الرئاسة الفخرية لصاحب السُّمو السيِّد بلعرب بن هيثم آل سعيد، بهدف دعم النمو المتسارع لهذه الشركات، وانطلقت الأسبوع الماضي أعمال "ملتقى الاستثمار والشركات الناشئة" الذي نظمته هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالتعاون مع عدد من مؤسسات الدولة.

وخلال الملتقى كشفت سعادة حليمة بنت راشد الزرعية رئيس هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أن منظومة الشركات الناشئة تُعد الأكثر نموًا بمعدل 10% كل سنة، وتبلغ قيمة النظام البيئي العالمي للشركات الناشئة 6.4 تريليون دولار، مرتفعة من 3.8 تريليون دولار قبل عامين. وأضافت أن الشركات الناشئة في قطاع التقنية المالية تُعد من أكثر القطاعات نموًا عالميًا وتحقيقا للشركات المليارية من أي قطاع آخر، والتي يصل عددها إلى 139 شركة مليارية، لافتة إلى أنَّ نسبة تمويل رأس المال في الشركات الناشئة بين عامي 2015 و2020 بقطاع الرعاية الصحية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي بلغت ما يقارب 835%.

ريادة الأعمال

وقال فيليب ليمرز مدير التنافسية الاقتصادية في "بي دبليو سي الشرق الأوسط" إن تعزيز الابتكار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سيساهم في تحقيق النمو الاقتصادي وكذلك المرونة الاقتصادية للاقتصادات المحلية، وأشار إلى أنه توجد علاقة طردية إيجابية بين الابتكار ومستوى الأداء الاقتصادي، حيث تمتلك الدول الأكثر ابتكارا اقتصادات أكثر مرونة وتنوعا. وتتمثل محفزات الابتكار بهذه الاقتصادات في رواد الأعمال والابتكارات.

وأضاف ليمرز أنَّ مستوى دعم رواد الأعمال والمبتكرين ارتفع في جميع أنحاء المنطقة، وهو ما ساهم في نمو نشاط ريادة الأعمال ونشاط تأسيس الأعمال التجارية. لضمان مزيد دعم وتشجيع ريادة الأعمال يجب على الحكومات أن تعالج أربعة مجالات رئيسية من شأنها أن تحقق المزيد من الدعم والتمكين لرواد الأعمال الإقليميين، كما إن توفير حلول تمويل متنوعة لرواد الأعمال بما في ذلك تمويل الديون وتمويل حقوق الملكية من شأنه أن يضمن تمكين رواد الأعمال من الإمكانيات المالية اللازمة لتنمية أعمالهم. وأضاف أن تحسين الوصول إلى الأسواق سيعزز مساهمة رواد الأعمال في الصادرات الإقليمية وسيساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية لضمان التطوير المستمر لمنظومة ريادة الأعمال واتباع أفضل الممارسات العالمية، داعيًا حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى التركيز على الوصول إلى المواهب والوصول إلى الأسواق، والوصول إلى خدمات الدعم الحكومية والوصول إلى التمويل.

الثورة الصناعية الرابعة

وقال الدكتور بدر بن سالم المنذري نائب الرئيس التنفيذي للشؤون الاستراتيجية بمجموعة إذكاء إنه بحسب دراسة أن الثورة الصناعية الرابعة ستكون لها أبعاد اقتصادية كبيرة؛ سواء في مجال العمل والتوظيف والمهارات وكذلك الاقتصاد بشكل عام، ونتيجة التوسع في استخدام الأتمته ستفقد الكثير من الوظائف ولكن في المقابل ستستحدث الكثير من الوظائف مما يشكل فرصة كبيرة للشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة، مؤكدًا أن هذه الثورة، ثورة مهارات وابتكار، وأن الدول التي تستثمر في المهارات والكفاءات الوطنية وبناء منظومة الابتكار ودعم الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة هي التي ستنجح في التعامل مع هذا الطوفان من التقنيات الحديثة.

وأشار المنذري إلى دراسة للمنتدى الاقتصادي العالمي تتوقع بحلول 2025 أن تصل نسبة المهام التي تقوم بها الآلة إلى 47%، مرتفعة من 33% في عام 2020، لذا مع مرور الوقت ونتيجة التوسع في استخدام تقنيات الأتمتة الحديثة ستزيد المهام التي تقوم بها الآلة مقارنة بالمهام التي يقوم بها الإنسان.

وذكر المنذري أنه بحسب الإحصائيات فإنَّ 45% من الوظائف في قطاع الصناعة ستتم أتمتتها خلال العشر سنوات المقبلة، وأن 800 مليون وظيفة عالميًا مهددة بالفقد بسبب الأتمتة والذكاء الاصطناعي. كما عرّج على دراسة لشركة "ماكينزي" تقول إن 45% من الوظائف في 6 دول من الشرق الأوسط- بما فيها سلطنة عُمان- مهددة بالفقد بما يعادل 21 مليون وظيفة، قيمة أجورها السنوية تبلغ أكثر من 366 مليار دولار، وأن عدد الوظائف في السلطنة- حسب هذه الدراسة- 800 ألف وظيفة وقيمة أجورها السنوية 11.3 مليار دولار، وأن 50% من كل الموظفين سيحتاجون إلى إعادة تأهيل بحلول عام 2025. وتابع أنه نتيجة لذلك فإنَّ 69% من الشركات الأكثر شهرة في العالم أصبحت تفضل الفضول المعرفي والمرونة في التعلم على التاريخ الوظيفي والخبرة؛ لأن متطلبات الثورة الصناعية الرابعة تتطلب تعلم مهارات جديدة ومستمرة.

وأضاف المنذري أن هذه الوظائف الجديدة التي ستخلقها الثورة الصناعية الرابعة سترفد الاقتصاد العالمي بنحو 14 إلى 33 ترليون دولار بحلول 2025، مشيرًا إلى أن تقنية الذكاء الاصطناعي ستضيف 15 تريليون دولار للاقتصاد العالمي بحلول 2030.

وعدَّد المنذري فرص الثورة الصناعية الرابعة للشركات الناشئة، وقال إنها تتيح فتح فرص واعدة وأسواق جديدة، وزيادة دعم الحكومات والمؤسسات للشركات الناشئة والابتكار وتوفر التقنيات الحديثة فرصًا هائلة للابتكار وتقديم منتجات متميزة وسهولة الحصول على التقنيات والخدمات والرقمنة وتعدد وسائل التمويل وسهولة للممولين والمستثمرين.

وكشف المنذري أن الصندوق العماني للتكنولوجيا استثمر في 158 شركة ناشئة في مختلف المراحل؛ منها 92 شركة عمانية؛ أي أن أكثر من 58% من الشركات المستثمر فيها عمانية، كما وقعت مجموعة إذكاء مذكرة تفاهم مع مجموعة أبوظبي التنموية القابضة للاستثمار في التقنيات الحديثة الناشئة لإنشاء صندوق استثماري مشترك بقيمة 155 مليون دولار.

مُسرِّعات الأعمال

وأطلقت هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة منذ نشأتها 6 حاضنات أعمال في مختلف محافظات سلطنة عُمان، لتقديم أفضل الممارسات المتبعة لإطلاق حاضنات أعمال نوعية وتخصصية لرواد الأعمال، بالتعاون مع الجهات المعنية في القطاع الحكومي والقطاع الخاص، حيث تلعب حاضنات الأعمال دورا رئيسيا في تنمية الأفكار المبتكرة، وإيجاد منتجات قابلة للدخول في السوق، وتوفر الحاضنات الدعم والتوجيه والإرشاد لإيجاد شركات ابتكارية ناجحة.

وسعت الهيئة إلى توفير بيئة العمل المناسبة لتنمية هذه الأفكار وترجمتها إلى شركات ومشاريع لدعم مجال الاستثمار، وتشجيعا للاستثمار في حاضنات الأعمال وتوفير البيئة المناسبة لنمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أصدرت الهيئة لائحة تنظيم حاضنات الأعمال حيث شملت تنظيم أنواع الحاضنات في سلطنة عُمان منها حاضنات الأعمال ومسرعات الأعمال، وحاضنة أو مسرعة الأعمال الافتراضية ومساحة العمل المشتركة.

وهذه الحاضنات هي حاضنة "طموح" المتخصصة في قطاع التجارة الإلكترونية بالتعاون مع أسياد إكسبريس، وحاضنة "أعمال الحوض الجاف" المتخصصة بالقطاع اللوجستي وسلاسل التوريد والخدمات التابعة للمناطق الاقتصادية الخاصة والحرة بالتعاون مع شركة عُمان للحوض الجاف بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وكذلك حاضنة "شراع" المتخصصة في ريادة الأعمال في القطاعات اللوجستية والأنشطة التابعة للمناطق الحرة والاقتصادية الخاصة. وحاضنة "الصناعات الإبداعية" بالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب ممثلة بمركز الشباب. وكذلك حاضنة "سمهرم" بمجمع السلطان قابوس للثقافة والترفيه بولاية صلالة.

وتحدث أحمد سفيان بيرام المدير الإقليمي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا بشركة "تيك ستارز" المتخصصة في تسريع الأعمال، وقال إن هناك أكثر 55 برنامجَ تسريعٍ حول العالم، وتوجد في منطقة الشرق الأوسط مسرعة أعمال في الرياض. وأضاف أن برنامج التسريع هو القائم على التوجيه؛ حيث يوفر توجيهًا مكثفًا ودعمًا للشركة المتقدمة لفترة زمنية محددة؛ حيث تعمل الشركة على ربط الشركات الناشئة والمستثمرين والشركات والمدن للمساعدة من أجل بناء مجتمعات ناشئة ومزدهرة. وأوضح سفيان أسباب رفض طلب التقدم إلى البرنامج، وذكر منها عدم وجود فريق تنافسي للشركة المتقدمة، وكذلك شح الأرقام.

شركات عُمانية ناشئة

ومن أمثلة الشركات الناشئة في السلطنة المتخصصة في التقنيات المالية شركة "ثواني" و"بيمة" و"أو إم باي"، وفي قطاع التقنيات اللوجستية شركة "أوتاكسي". وفي مجال إدارة البيانات شركة "رحال"، وفي قطاع التقنيات النظيفة شركة (44.01) والتي تهدف إلى القضاء على ثاني أكسيد الكربون من خلال تحويله إلى صخور وإزالته من الغلاف الجوي. وفي قطاع الصناعات الإبداعية الرقمية شركة "عنصر" وشركة "ترجمة الإشارة"، وفي مجال إنترنت الأشياء شركة "إي مشرف"، وفي قطاع الطابعات ثلاثية الأبعاد شركة "إنوتك"، وفي قطاع المنصات الرقمية وتطبيقات الهواتف الذكية شركة "اجتماعاتي" و"تم دن" و"مصلح" و"دوام" و"زميلي"، وفي قطاع التجارة الإلكترونية للعقارات شركة "مسكن". وفي قطاع التقنيات الطبية شركة "ملهم في آر"؛ حيث تساعد على تخفيف القلق والألم للمريض أثناء العلاج ويتم استخدامها داخل المستشفيات، وشركة "كيورتك" و"بيكلير الينر"، وفي قطاع التجارة الإلكترونية شركة "زاد عمان" ومتجر "بُن"، وفي قطاع التقنيات الحيوية شركة "شفرة" لخدمة تحليل الشفرة الوراثية في المنزل. وفي قطاع تقنيات التعليم منصة "إدلال".

مقترحات التنظيم

وخرج ملتقى برنامج الشركات الناشئة العمانية الواعدة بعدد من التوصيات التي من شأنها تسريع العمل على تطوير الشركات الناشئة في السلطنة وتتمثل في تحسين بيئة وثقافة الشركات الناشئة في السلطنة، والتأكيد على أهمية وجود خارطة طريق لتطوير الشركات الناشئة وأهمية النمو في الأسواق العالمية وتوطين التقانة والابتكار وأهمية وجود منظومة حوكمة تساعد في ترجمة هذه الخارطة إلى برامج وخطط عمل تنفيذية.

وإضافة إلى تعزيز ثقافة الشركات الناشئة والقائمة على التقنية والابتكار والتي تستهدف كافة شرائح المجتمع بالتعاون مع منظومات التعليم لبناء جيل من الشباب العمانيين مع التأكيد على أهمية وجود برنامج عمل يحول البحوث التعليمية والابتكار إلى شركات ناشئة قائمة على التقانة وتعالج تحديات موجودة في المجتمع.

وأوصى الملتقى بأهمية تسريع العمل على تأسيس الشركات القائمة على التقنية والابتكار وإنشاء منطقة سواء كانت حرة أو اقتصادية معنية بالشركات القائمة على التقانة والابتكار مع أهمية التركيز فيها على قطاعات محددة وأنشطة واعدة، وأهمية وجود حلول استثمارية تستهدف الشركات الناشئة القائمة على التقنية والابتكار في المراحل الأولية مع التأكيد على تخصصية القطاعات، وتحفيز تأسيس صناديق الاستثمار الجريء. إضافة إلى أهمية وجود استوديوهات الشركات الناشئة وربطها بمسرعات أعمال في قطاعات تخصصية.

تعليق عبر الفيس بوك