إزهاق النفوس بغير حق

د. عبدالوهاب الراسبي

شهدت السلطنة خلال الأيام القريبة الماضية توالي حادثتي قتل لامرأتين إحداهما في مسقط والأخرى في عبري، وإنه من المؤسف جدا أن يقع ذلك في بلادنا التي عُرف عنها السلام والشعور لمرتاديها بالاطمئنان، وتكرُّر مثل ذلك يحتم على المجتمع- كلٌ بدوره- تلافي وقوع مثل ذلك مجددًا، فإنّ وقوع مثل ذلك ضرره متعدٍّ للدنيا والآخرة.

إن قتل النفس المعصومة لجريمة مروعة وبشعة منكرة تنكرها الرسالات السماوية والعقول الزكية والفطر السليمة ولقد ورد التغليظ فيها في نصوص القرآن والسنة واعتُبرت من كبائر الذنوب  العظام حتى إن بعض الصحابة كان يرى أن القاتل لا توبة له ومنهم ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وزيد بن ثابت رضي الله عنهم.

ومما ورد من النصوص في التحذير من هذه الجريمة وتقبيحها وتشنيعها وأنها من أنكر المنكرات: قول الله عز وجل: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما)، وقوله: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا)، وقول الرسول الكريم عليه أفضل صلاة وأتم تسليم: (لَزَوالُ الدُّنيا أهْوَنُ على الله مِن قتلِ رجلٍ مسلمٍ) رواه النسائي، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار) رواه الترمذي، والحديث الشريف: (لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً) رواه البخاري.

ولمّا أمر عليه الصلاة والسلام باجتناب السبع الموبقات عدَّ منها قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق.

والله جل في علاه شرع في القتل القصاص حفاظاً على النفوس وحماية لها قال: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)، وقد قيل قديما: القتل أنفى للقتل.

فإذا أقيم القصاص على قتلة العمد الذين يعتدون على النفوس المعصومة حصل الانزجار وتيقن الإنسان أنه إن قَتَل قُتِل فيمتنع بذلك عن القتل فهذا هو معنى (ولكم في القصاص حياة) ومعنى القتل أنفى للقتل.

فمن لم ينزجر بالنصوص الشرعية انزجر بقوة السلطان وإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن كما قال عثمان رضي الله عنه.

نسأل الله عز وجل أن يجنب بلادنا وبلاد المسلمين شر هذه الجريمة النكراء والخبيثة البشعاء، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تعليق عبر الفيس بوك