فاطمة الحارثية
يتسابق البعض نحو وضع بصمته على أرض الوطن، والبعض الآخر جُل ما يسعى إليه هو أن يضع بصمته على صفحات تاريخه، وآخرون غاوون قد أعماهم بهرج المال وصغائر المعنى، وابتغوا لأنفسهم علوا وسلكوا فسادا. الناس مذاهب، وسر التوافق والتفاعل يكمن فيما تمَّ غرسه فيهم، حتى العواطف تُرد إلى المصلحة بمعنى إرضاء تلك العواطف دون عناية.
عُمان.. أكرمنا الخالق عز وجل أن اختارنا، وسمح لنا بالسجود على ترابك الطاهر، وكلفنا أن نعمرك دون غيرك، وأن نعمل عملا صالحا على ضفافك يا وطن؛ ثمَّة حياة ووجود ترجمناه على هيئة وطن وانتماء وهوية، فأصبح الوطن جنتين عُمان والفردوس الأعلى؛ فحدث ولا حرج يا وطن، عن أولئك الذين حلموا بالمستقبل ولم تكن جزءًا من أحلامهم، تحدث عن من صاغوا النهج والخطط وكنت فيها شعارا فقط، تحدث عن أروقة العلم التي رددت للبنة البناء أن تختار ما تحب بعيداً عما تحتاجين إليه، تحدث عن المشغولين بطموحهم وتحقيق رغباتهم دون الاكتراث بيومك وغدك، تحدث عن الذين اتخذوك اسما على أوراق رسمية فقط، وأنت الوجود والأمان والجنة، تحدث ولا حرج عن الذي أساء لأهلك وقاطنيك، وأنت أمانة الله أُمروا أن يُعمروك ليعيشوا بسلام حتى يرث الله الأرض ومن عليها، تحدث يا وطن فأنت الشاهد لنا وعلينا.
"المواطنون الأعزاء.. إنَّ الارتقاء بعُمان إلى الذرى العالية، من السُّمو والرفعة، التي تستحقها لهو واجبٌ وطنيٌ، وأمانةٌ عظيمةٌ، وعلى كلّ مواطن دورٌ يؤديه في هذا الشأن. ونهيب بأبنائنا وبناتنا التمسّك بالمبادئ والقيم، التي كانت وستظل ركائز تاريخنا المجيد، فلنعتزّ بهويتنا وجوهر شخصيتنا، ولننفتح على العالم، في توازن ووضوح، ونتفاعل معه بإيجابية، لا تفقدنا أصالتنا ولا تنسينا هويتنا". من أقوال سلطاننا المفدى هيثم بن طارق- حفظه الله ورعاه.
عُمان تستحق، فأفيقوا واستجيبوا للقول الرشيد، ومن واجبنا أن نأتي بالعلوم المتطورة، والتوازن في الثقافات التي ننهل منها مواكبة العصر واستشراف المستقبل، لكن ذلك لا يعني عدم تمكين وتعميق القيم والمبادئ الوطنية في مناهج ودور العلم، فالوطن ليس حفلات ولا تشدق بالمنجزات فقط، بل سلوك ونهج وفكر وحضارة واحتواء وفخر وعزة ومسؤولية وأمان وبقاء وترسيخ جاد للاستدامة والتطور المستمر، أي التوجه نحو اكتساب العلوم المختلفة التي تحقق ذلك وأكثر من ذلك، وعلينا أن نُعلم أطفالنا أننا وهم من نُحقق ونصنع الوطن ونبنيه ليزدان لنا ويطيب العيش عليه، وأننا نحن الوطن وترابه وحلمه ومستقبله، حتى لا نرى ما نراه من قذع الجاهل، لأن الرعوية هيمنت على المعتقد لديهم، وغاب خير اليد العليا وكثرة اليد السفلى، واختلطت عليهم المفاهيم الصحيحة والصحية وتحول لديهم كل شيء إلى "أنا" بعيدًا عن "نحن".
من لا يستطيع أن يعي ماهية الوطن وعمق الوطنية، ليبحث ويتعلم، ولينظر الحال من حوله، لنعمل بشفافية ولتضج المعاول والمطارق، ولتعلو الهمم نهارا، لنسعد ونسكن مساء.
*****
سمو..
اسألوا أطفالكم والناس، عندما يُشاركونكم أحلامهم أو اختياراتهم: ما الذي سوف يُضيفه حلمك أو اختيارك أو حتى قرارك لك ولي ولأهلنا ولعُمان وللأمة؟ اغرسوا فيهم أن العمل ليس من أجل المال؛ بل أيضًا من أجل شعور الفخر بصناعة مكان أفضل لنا؛ وقولوا لمن حولكم، ليس الحظ ما يصنع غدًا أفضل؛ بل إنسانيتنا، وشغفنا من أجل العطاء وإضافة قيمة حقيقية للوطن والناس.